هل الصداقة وراء بقاء الفريق أول "عبد الرحيم" في السلطة؟!
بقلم – عادل عبده
الحرس القديم في الإنقاذ خرج من السلطة، كما يخرج السهم من الرمية، دون ضجيج وفوران، بل لم يصدق أحد أن هذه الثلة من الرموز العاتية يمكن أن تغادر مسرح الحكم بين عشية وضحاها في سلاسة وهدوء، كأن الأمر لا يعنيهم فقد كان مستوى الاحتجاجات والهمهمات والتقاطعات في باحة الحزب الحاكم، لا تتكافأ ومستوى الضربة الهائلة التي وقعت عليها وخطفت الألباب والأبصار.
بعد 25 عاماً من عمر الإنقاذ ذهب أصحاب التدابير، الذين كانوا ملء السمع والبصر إلى الظل، وبقي نفر قليل من زملاء الخندق في الصولجان.
الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين” جاء في التشكيل الحكومي الأخير والياً لولاية الخرطوم، بين دهشة وحيرة الكثيرين.. وكلما حاولت الإرهاصات والشائعات إبعاده فإذا به يقلب الطاولة ويعود إلى مواقع السلطة من جديد.
لا يختلف اثنان في وجود علاقة وثيقة بين الرئيس “البشير” والفريق أول “عبد الرحيم” راسخة في الذاكرة السياسية ومشهودة في الشارع العام.. فهل بقاء “عبد الرحيم محمد حسين” في السلطة ارتكز على هذه الصداقة أم انبثق من زاوية أخرى؟ .. قبل الإجابة القاطعة، لابد من الاعتراف بأن الصداقة مسكن طبيعي لكل متاعب الحياة من هموم ومؤثرات نفسية ومزاجية بين الناس، وأنها من ضروريات الحياة التي تغذي الإنسان بالتوازن والطمأنينة، ويحتاج إليها جميع البشر، من زعيم وخفير.. فقد كان الزعيم الصيني “ماوتسي تونغ”، صديقاً شخصياً لرئيس وزرائه “شوان لاي”، وكان الرئيس المصري الأسبق “عبد الناصر” صديقاً شخصياً للمشير “عبد الحكيم عامر”، بل كان الإمام “الصادق المهدي” رئيس حزب (الأمة القومي) صديقاً شخصياً للمرحوم الدكتور “عمر نور الدائم”.. نعود لمحاولة الإجابة عن السؤال.. فالشاهد أن بقاء “عبد الرحيم” في السلطة من خلال التشكيل الأخير ربما يُنظر إليه من زاوية التوافق مع هذه المرحلة، التي أخرجت الطاقم الأعلى من رموز الإسلاميين من دفة الحكم، وأبقت على المجموعة العسكرية اللصيقة بالرئيس “البشير”، في إطار الاستقواء بالقوات المسلحة، فضلاً عن ذلك توجد مؤثرات العلاقة الوجدانية بين الاثنين القائمة على الثقة العميقة والشد التلقائي.
اتفقنا أم اختلفنا، مع الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين”، فإنه لا يمكن تجريد الرجل من بعض الخصائص والمزايا العديدة التي يتمتع بها، فهو يعرف كيف يفتح المسارات المغلقة ويحول مملكته إلى منطقة عمرانية، علاوة على ذلك فإن الكثيرين يعتقدون بأنه شخص تنفيذي بالدرجة الأولى، كثير الحركة، وله وجه واحد فقط، وبذات القدر قد تكون للفريق أول “عبد الرحيم” سلبياته وأخطاؤه في دورة التكاليف السياسية الطويلة.
مهما يكن، فهنالك الحساسية المفرطة التي تندلق صوب المقربين للزعماء، فهذه المسألة لها ضريبة باهظة لا تقدر بثمن!!
هكذا ظل الشارع السوداني يحاول استقراء ما وراء عودة الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين” إلى السلطة مرة أخرى، دون النظر إلى مسوغات مرحلة التغيير الإستراتيجي الجارية، الآن في تركيبة الإنقاذ.