المشهد السياسى
الرئاسة السابقة تركت ما يذكر
موسى يعقوب
في الثاني من يونيو المقبل سيؤدي الرئيس المنتخب القسم أمام المجلس الوطني الجديد معلناً البداية لدورة رئاسية جديدة لها خططها وبرامجها وسياساتها وذلك ما لا نستبق الخوض فيه حيث لكل حادث حديث.. وإن كانت حملته الانتخابية قد حملت للناخب الوطني الكثير.
ولعل من أول ما يذكر للحقبة الرئاسية المنصرمة في البلاد هو أنها أحسنت الشراكة في السلطة مع الآخر الشريك الأمر الذي كثيراً ما شكا منه نظام الحكم في السودان، فسوء العلاقة بين حزبي (الأمة) والحزب (الاتحادي) جناح الشيخ “علي عبد الرحمن” هو الذي أدى لتسليم السلطة للعسكر في انقلاب 17 نوفمبر 1958م.. وذلك للاختلاف حول العلاقات الخارجية والاتحاد مع مصر تحديداً.
وفي الديمقراطية الثالثة – أي بعد ذهاب نظام المشير “نميري” في 6 أبريل 1985م.. كانت العلاقة بين الشريكين الكبيرين – (الأمة) بقيادة “الصادق المهدي” و(الاتحادي) بقيادة “الميرغني” ليست على ما يرام، فالمهدي وقد كان صاحب الأغلبية في (البرلمان) والحكم معاً، كان يدير أغلبيته لمصلحته لا غير وحتى عندما التحقت (الجبهة الإسلامية القومية) بالشراكة معه لم يكن منه غير سوء تلك الشراكة.. وانتهى ذلك كله – كما هو معلوم – إلى ذهاب السلطة إلى ما عرف بالتغيير في 30 يونيو 1989م.
ثم ما هو أنكأ وأنكد في هذا الطريق – أي طريق سوء الشراكة – هو أن الشراكة بين النظام الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان Splm بعد السلام ورحيل زعيمها القائد “جون قرنق دي مبيور”، أدت إلى مشاكسات ومعاكسات داخلية وخارجية أطاحت آخر النهار بالوحدة الوطنية، حيث انفصل الجنوب وعاش في عدم استقرار واضطراب إلى يوم الناس هذا،
غير أن النظام الحاكم وحزبه (المؤتمر الوطني) وصل في الفترة الأخيرة إلى قيام شراكات وتحالفات مع جملة أحزاب وكيانات من بينها تلك التي دخلت في عملية السلام وتلك التي جافت المعارضة.
وكانت تلك الشراكات والعلاقات بما فيها قسمة السلطة والإدارة والتشريع – حسب ما صدر مؤخراً من إشادة رسمية وحزبية بها – تعتبر أنموذجاً لنظام الحكم في البلاد بالنظر إلى ما ذكرنا.
وهذا يضاف إلى الحقبة الرئاسية المنصرمة أسوة بأمور أخرى منها:
{ الأمن والدفاع.
{ السلام والاستقرار.
{ والعلاقات الخارجية.
فمن حيث الأمن والدفاع نجد أن الحال اليوم تطوراً ورقياً وانجازاً غيره بالأمس عندما شكت القوات المسلحة حالها للسلطة في 22 فبراير 1989م في مذكرة معلومة سبقتها استقالة السيد وزير الدفاع يومئذٍ.
وعليه كان دحر المتمردين وملاحقتهم في “دارفور” و”جنوب كردفان”، فضلاً عن التفاهمات والمصالحات التي مثلت عامل سلام واستقرار كبيرين في تلك المناطق والبقية تأتي. وقد صارت للقوات المسلحة السودانية سمعتها ومكانتها الخارجية عبر مشاركاتها وحضورها في الأسواق والمعارض الإقليمية، فقد اتسمت الفترة الرئاسية المنصرمة بدعم القوات النظامية تحقيقاً للأمن والدفاع والسلام.
أما العلاقات الخارجية وهي أداة تواصل وتبادل منافع ومصالح، نجدها قد تحسنت في الفترة الماضية وصارت لها امتداداتها. وقد تكون الإشارة هنا إلى السادة الملوك والأمراء والرؤساء الذين سيشهدون صباح 2 يونيو 2015م أداء السيد الرئيس القسم في حقبة رئاسية جديدة ديمقراطية ومنتخبة خير ما يؤكد ذلك.
القائمة المذكورة تشتمل حسب المصادر على خمسة عشر رئيساً عربياً وأفريقياً، وعشرة من رؤساء البرلمانات العربية والأفريقية، فضلاً عن السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية، والسيد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وأمين عام منظمة الإيقاد ومنظمة الساحل والصحراء.
ولهذا الحضور الكبير والمميز رمزيته الكبيرة أن السودان قد عبر حاجز الحصار الدبلوماسي والاقتصادي والسياسي وتجاوز أطروحة (المحكمة الجنائية الدولية) والعناصر التي كانت تغذيها بالاتهامات والمعلومات غير الصحيحة. فصوت الاستقرار والسلام الآن يعلوان على غيرهما. وفي تجربة انفصال الجنوب، وكان يقف من خلفها من وقفوا خلف الجنائية، ما يغني عن السير في ذات الطريق.
والخلاصة بالنظر إلى ذلك وغيره، هي أن الفترة الرئاسية السابقة قد تركت ما وجب ذكره والإشادة به مقارنة بغيره، وعليه نتصور أن الحقبة الرئاسية التالية ستأتي بما يدعم ما سبق وتزيد عليه. وإنا لمنتظرون.. والأعمار بيد الله.