عز الكلام
مبروك للمعلمين!!
أم وضاح
قصدت أن أبتعد ولأسابيع في إجازة انتزعتها انتزاعاً من مهام كثيرة أثقلتني طوال العام الماضي على المستوى المهني والإنساني، لدرجة جعلت الإرهاق يتمكن مني ويحاصرني بدرجة تفوق الخيال. لكن اتضح لي أن البعد عن الوطن ما هو إلا ابتعاد (متخيل) تصنعه حالة البعد الجسدي، وقلبي وروحي لم تفارقا مطار الخرطوم، إذ ظللت أبحث عن الوطن في عيون من ألاقيهم وهم يسألونني باحثين عن إجابات تروي ظمأهم وقد طالت بهم الغربة، ومسافات الرحلة طالت أم قصرت لم تبعدهم عن هموم وأحلام وطن حملوه بحنان دافق ولم يفطموه عن حالة رضاعة من ثدي الوطنية المدرار!! ولأن هاتفي كان مغلقاً طوال الأسابيع الماضية، توقعت أن (ينبهل) حجم الرسائل والدردشات على الـ(واتساب) بلا هوادة، وقد كان ما توقعته ومجرد دخول هاتفي إلى شبكة سوداني لم تتوقف الرسائل والتنبيهات، لكن لفتت نظري رسالة قصيرة من دكتورة “منى” أمين مال نقابة التعليم العام تخبرني فيها وتدعوني إلى حضور مراسم وصول الشاحنات إلى مبنى مدينة المعلم الطبية في تمام الساعة الثانية عشرة من نهار السبت!!
ولأنني وبشكل عاطفي وعقلاني أمتلك حساسية عالية تجاه لفظ المعلم الذي أحسبه يستحق مرتبة (رسالية) غاية في السمو، والمعلمون هم صناع الأجيال الذين يلقنونهم العلم ويحيطونهم بالتربية والرعاية، لذلك يستحقون دائماً الأفضل لأنهم يقدمون الأفضل، فكان أن قررت أن أول خطوة لي خارج المنزل ستكون نحو مستشفى المعلم الذي يقف شامخاً إلى جوار مبنى النقابة العامة يحدث عن روعة وإنجاز عمل كبير تحقق بالإرادة والعزيمة، وقد سمعت بأذني بعض المعلمين الحضور يسمونه (الحلم الذي تحقق).
ولعل الحدث والحديث لا يكمن فقط في أن مستشفى ما قد أقيم واكتمل، لكن المغزى في أنه أي نوع من المستشفيات وأية خدمة سيقدمها لشريحة يفترض أن لا تمرض أو تشتكي أو تتقاعس، لأن في مرضها مرض أمة، وفي تقاعسها تراجع أجيال عن خطوط المقدمة نحو المستقبل العريض.. والمستشفى الذي يتكون من أربعة طوابق قامت النقابة بتوفير أفضل وأحدث المعدات الطبية له، مما يجعله صرحاً طبياً يضاف إلى الصروح الطبية السودانية، لكن الأهم أنه يستوعب قطاعات المعلمين في تقديم خدمة طبية وصحية على مستوى يجعلهم في مأمن من تكاليف العلاج بالداخل أو الخارج إن احتاجوا لذلك، وبالتالي فإن هذا الإنجاز الكبير لو أن نقابة التعليم العامة كتفت يديها طوال دورتها ولم تنجز غيره لكفاها ذلك فخراً وإنجازاً.
فالتحية للرجل الذي كافأه المعلمون لحظة وصول الشاحنات (برفعه على الأعناق) وأعني الأستاذ/ عباس حبيب الله رئيس النقابة العامة.. ورفع الرجل على أعناق المعلمين له دلالاته ومعانيه التي ترسم عظمة الإنجاز الذي تحقق والحلم الذي ظل حبيس التقاعس والانتظار.. والتحية لنقابة المعلمين فرداً فرداً.. والتحية لكل معلمي السودان الذين يستحقون أن تكون لهم مؤسساتهم الخدمية والصحية التي تجعلهم في مأمن من تصاريف الأقدار، لا سيما وأنهم يعطون سنوات عمرهم برحيقها وعطرها للآخرين وأكثرهم يكتشف أن الرأس قد اشتعل شيباً وولى الشباب.. ومين يقدر يقول للزمان أرجع يا زمان.
{ كلمة عزيزة
دعونا نتفق أن أي شخص يتصف بالجلافة والقسوة في الألفاظ والفلاحة في تقطيب الوجه، هو شخص سيفشل في أية مهمة توكل إليه، لأنه يصبح بني آدم لا يطاق وغير مرحب به، فما بالك بموظف علاقته مع المواطن هي علاقة خدمة يفترض أن يؤطرها التفاهم والاقتناع.. لذلك أهمس لبعض الإخوة ضباط الجمارك في مطار الخرطوم أن عليهم أن لا ينظروا للقادمين من الخارج على أنهم متهمون حتى يثبت العكس، وأن تطبيق القانون لا يعني أن تفارق الابتسامة وجوههم وكأن من أمامهم (عدو) لا مجال معه للمهادنة أو الاتفاق.. وفي كل الأحوال لي عودة لهذا الموضوع بالتفصيل.. وحتى ذلك الوقت، تبسمك في وجه أخيك صدقة!!
{ كلمة أعز
إذا كان “جعفر الميرغني” يستحق (أموالاً) تحت بند فوائد ما بعد الخدمة، فإن الشعب السوداني يستحق (أموالاً) طائلة تحت بند فوائد ما بعد (الصبر)!! قال خدمة قال!!