تقارير

"أحمد إبراهيم الطاهر" و"علي عثمان" زحام الخبرة في رئاسة المجلسين

قبل ساعات من حسم تولي أسخن مقعدين
تقرير – إيمان عبد الباقي
برزت مؤخراً إرهاصات حول المرشحين لقيادة الهيئة التشريعية القومية (المجلس الوطني ومجلس الولايات)، وتم تداول قائمة بأسماء بعض المرشحين للمجلسين، وكان من أقوى المرشحين لقيادة مجلس الولايات في الفترة القادمة، رئيس البرلمان السابق مولانا “أحمد إبراهيم الطاهر”، فيما تأرجحت التوقعات لتقلد رئيس المجلس الوطني ما بين النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق “علي عثمان محمد طه” ورئيس البرلمان الحالي د.”الفاتح عز الدين”.
كاريزما “الطاهر”:
مولانا “الطاهر” ولد في (المزروب) بولاية شمال كردفان، وهو من قبيلة (المجانين)، تلقى تعليمه الأولى في (المزروب)، وانتقل بعدها للدراسة في جامعة الخرطوم بكلية القانون، وكان أبرز الشخصيات من دفعته بالجامعة النائب الأول لرئيس الجمهورية “علي عثمان محمد طه”، وشغل منصب رئيس تحرير صحيفة (الخرطوم) “فضل الله محمد”، ولديه أربعة من الأبناء وابنة واحدة، عمل بالمحاماة لفترة، وكان يطلق عليه محامي (المساكين) لعدم تمسكه في طلب المال مقابل المعاملات والقضايا، انتقل بعدها للعمل في وزارة العدل، ثم عاد مرة أخرى للمحاماة، وقد دخل البرلمان بصفته عضواً في العام (1982م).. وكان يسمى – وقتها – مجلس الشعب القومي في عهد الرئيس “جعفر محمد نميري”، بعدها عُيّن وزير مالية ثم نائباً لوالي ولاية دارفور الكبرى في أول سنين الإنقاذ، ثم عاد للبرلمان مرة أخرى. وفي العام 1994م تم تعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية للشؤون القانونية لأربع سنوات، أما في العام 1998م  فقد تقلد منصب وزير الحكم الاتحادي، كما عين عضواً بمجلس القضاء العسكري في الفترة من العام (2000-2001م)، وعمل مستشاراً لرئيس الجمهورية لشؤون السلام، وهي السنوات التي تمت فيها المفاوضات مع الجنوب. وقد نال ثقة رئيس الجمهورية خلال مشاركته في الملف ليتسلم بعدها رئاسة البرلمان في العام 2001م وعبر ثلاث حقب حتى العام 2014. ويذكر بأنه عين لفترة رئيساً للقطاع السياسي بالمؤتمر الوطني، كما شغل منصب رئيس البرلمان العربي لدورتين متتاليتين.
وهو أحد قادة الحركة الإسلامية البارزين بولاية شمال كردفان، ويقال إن لديه باعاً طويلاً في انتشار الجبهة القومية الإسلامية بجنوب كردفان.
ويؤكد لنا أحد أصدقائه أن مولانا “الطاهر” لديه موقع رفيع في الحزب، وهو من المقربين لدى رئاسة الجمهورية، قاد البرلمان في أكثر فترتين حرجتين في تاريخه، فترة نيفاشا والانفصال وما بعده، وتولى رئاسة البرلمان لثلاث حقب متتالية منذ العام (2001م). وكان يطلب لنهاية كل فترة تنحيه إلا أن القيادة كانت تتمسك به، وقد سجل موقفاً عند انتهاء مدته في البرلمان الانتقالي، فكان أول من سلم عربته وأفرغ محتويات مكتبه.
واستمر رئيس البرلمان السابق مولانا “الطاهر” في موقعه كرئيس للبرلمان (14) عاماً متتالية، وقد تنحي مؤخراً عن رئاسة المجلس ليخلفه د. “الفاتح عز الدين”، وقد بدا رافضاً لتقلد أي منصب آخر، لكن برزت إرهاصات واسعة عند إصدار قائمة لأسماء مرشحين لبعض المناصب بينها اسم “الطاهر” كمرشح لقيادة مجلس الولايات، وقد بدا “الطاهر” عمله كرئيس للمجلس الوطني قبل إنشاء الغرفة الثانية (مجلس الولايات). وبحسب مقربين له في الحزب كان من المفارقات أن “الطاهر” هو من ساعد في تأسيس وبناء مجلس الولايات، حيث كان المبنى الحالي يتبع للمجلس الوطني وكان مخصصاً كدار للنواب لأنشطتهم الاجتماعية واجتماعات الكتل البرلمانية، وفي ذلك الوقت برزت أصوات رافضة لتحويله لمقر لمجلس الولايات  باعتبار أن المبنى كان متنفساً للنواب ومقراً لمناشطهم. وعلمت قيادة المجلس بذلك وبالفعل شرعت  بالتنسيق مع رئيس المجلس السابق مولانا علي يحيي لإيجاد موقع آخر في مدينة (بحري) بالقرب من قصر الصداقة الحالي ليصبح مقراً لمجلس الولايات، برغم أن “الطاهر” كان يرى أن الغرفتين يكملان بعضهما (المجلس الوطني ومجلس الولايات). وراقت فكرة الانتقال للبعض وقالوا حتى تتواجد الحكومة في المدن الثلاث (مجلس الوزراء في الخرطوم والمجلس الوطني آم درمان والولايات ببحري).
لكن ما حدث هو أن استمر المجلس في إدارة جلساته في الموقع الحالي ولم يتم نقله حتى الآن. وقد ظهر مجلس الولايات في العام 2005م مع اتفاقية السلام الشامل بهدف الحفاظ على حقوق الولايات، ومن المعروف أن المجلس كان يسمى سابقاً مجلس الشيوخ، وبحسب أحد أعضاء البرلمان السابقين يعد “الطاهر” بحسب خبرته شيخاً للنواب. وقد عاصرت فترة قيادته  البرلمان  قضايا مفصلية منها إجازة الدستورالانتقالي وإجازة قانون الاستفتاء الذي مهد لانفصال الجنوب .
وتقول القيادية بالمؤتمر الوطني وعضو البرلمان “عفاف تاور” لـ(المجهر) حول شخصية “الطاهر” بأنه قانوني ضليع وإداري من الطراز الأول، وهو عادل في تعامله مع النواب خلال فترة رئاسته للبرلمان ووطني غيور وإنسان، بجانب أنه كان حريصاً على إجازة القوانين دون تسرع وبعد أن تأخذ وقتها من التداول والنقاش. وتضيف: عملت معه لدورتين (2005 – 2010) وسافرت معه خارج البلاد فهو يتميز بشخصية قيادية وأتمنى من  الشباب أن يحذو حذوه.
“علي عثمان”:
كان النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق “علي عثمان محمد طه” يمثل عضواً في البرلمان ويحمل الرقم (1)، رقم الامتياز طيلة فترة عضويته بالبرلمان، وأكثر ما يدفع بطه لتولي رئاسة البرلمان بحسب مقربين شخصيته القانونية والقيادية، كما أنه يتميز بباع سياسي طويل وخبرة واسعة .
ويقول أحد السياسيين عندما ألقى الرئيس السابق “جعفر نميري”  القبض على بعض الإسلاميين كان “طه” هو الوحيد الذي فلت من الاعتقال. وكان زعيماً للمعارضة في البرلمان، وكانت له علاقات واسعة  مع أعضاء من الأحزاب الأخرى في ذلك الوقت، ويحسب لطه من ميزات أنه مازج بين العمل في الجهازين التنفيذي لفترة طويلة والجهاز التشريعي،  وأسس لحقبة برلمان نيفاشا حيث كان قائداً للمفاوضات من جانب الحكومة. ويشير مصدر مقرب منه  إلى أن المحاصصات التي كانت متوقعة في ذلك الوقت أن يدخل “طه” بوصفه رئيس الوفد المفاوض  الحكومي  كرئيس للبرلمان، ويحل محله القائد “جون قرنق” كنائب أول لرئيس الجمهورية، لكن الاتفاقية اقتضت أن تضم مؤسسة الرئاسة النائب الأول والثاني مما حتم وجوده في الجهاز التنفيذي، وباعد بينه وبين قيادة البرلمان. ويرى نواب برلمانيون داخل أجهزة اتخاذ القرار أن “طه” يتمسك بعدم المشاركة مرة أخرى في أي منصب، وأن قيادات نافذة تصر على أن يتولى منصب رئاسة المجلس الوطني، ويرجح أن يكون هو الأقرب إذا أفلحت قيادات من الحزب في إثنائه عن موقفه الرافض، وبالمقابل فإن فرص “الفاتح عز الدين” ستكون هي الأوفر عند تمسك “طه” بموقفه .
د. “الفاتح عز الدين”
اعتبر  محللون سياسيون أن رئيس البرلمان الحالي د.”الفاتح عز الدين” قفز قفزات سريعة من موقعه كمعتمد لمحلية غبيش بشمال كردفان، ومحطات ولائية أخرى  ثم معتمداً لمحلية أم درمان، ومنها وضعه حزبه المؤتمر الوطني كمرشح في انتخابات 2010م كنائب برلماني، ليتم تعيينه كرئيس للجنة العمل والمظالم والحسبة العامة ومنها قفز إلى رئاسة البرلمان التي مضى فيها قرابة العام ونصف. وقد أهلته رئاسته لجنة العمل وبصماته الواضحة في التقصي حول ملفات الفساد واسترداد المال العام التي تتضمن تقارير المراجع العام، لدى قيادة المجلس ورفعت أسهمه عند الرئيس السابق مولانا “الطاهر” الذي كان ينظر له كشخص فاعل في المساهمة باسترداد المال العام، حيث كانت اللجنة (جواز عبور) بالنسبة له للقيادة. وأكدت مصادر في ذلك الوقت أن “الطاهر” هو من دفع به كمقترح لدى القيادة العليا لترؤس المجلس وكان خياراً مقبولاً. ولازالت تربطه علاقة وثيقة بالطاهر، ويرى بعض النواب أن عز الدين، يعد من قيادات الإسلاميين الشابة الطموحة، وأنه استطاع أن يضبط إيقاع المجلس بعد مغادرة سلفه.
ويرى مقربون أن ما يحسب على “الفاتح” أنه كان مشهوراً بعلاقاته الجيدة مع الصحفيين فترة توليه منصب المعتمد لأم درمان، لكن (انقلب السحر على الساحر) بحسب وصفهم عندما تولى رئاسة البرلمان وأصبحت علاقته (فاترة) مع الصحفيين، واختفت الحركة الديناميكية مع تسلمه قيادة البرلمان. وعلى عكس سلفه مولانا “الطاهر” الذي بدأ بعلاقة فاترة مع الصحفيين، انتهت بعلاقات قوية امتدت حتى الآسر.
أما زعيم المعارضة بالبرلمان رئيس كتلة المؤتمر الشعبي د.”إسماعيل حسين” ل،(المجهر) الذي اعتذر  عن الحديث حول شخصية د.”الفاتح”، فقال: كل ما أعرفه ما قبل وما بعد قيام الانتخابات التشريعية والتنفيذية: (بعد غياب الشمس، القاعدين في الكراسي مؤتمر وطني وأحزاب المائدة، وبعد طلوع الشمس، القاعدين مؤتمر وطني وأحلافهم).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية