رأي

مجرد سؤال ؟؟؟

(إنه لا يحب المسرفين)

رقية أبوشوك

وأنا حضوراً أمس (الاثنين) في الاحتفال باليوم العربي لكفاءة الطاقة الذي نظمته الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، كانت هنالك مناشدات من الشركة بضرورة ترشيد الكهرباء وذلك من أجل ضمان الاستمرارية في الإمداد الكهربائي.
وقبل أن أخوض في الترشيد وثقافة الترشيد التي نفتقدها نحن جميعاً لابد من التذكير بأن الله سبحانه وتعالى قد نهانا عن الإسراف حتى في الأكل والشراب، فإذا أكلت زيادة أكثر من الذي تحتمله معدتك فإنك حتماً ستتضايق ويتم نقلك لأقرب مستشفى لإجراء اللازم ..فالإسراف يعرف بأنه هو تجاوز الحد في كل فعل يفعله الإنسان. قال تعالى في سورة الأعراف الآية (41) (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ). وقال صلوات الله عليه وسلامه (إن الله كره لكم ثلاثة قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال). وقال ابن عباس رضي لله عنه (من أنفق درهماً في غير حقه فهو سرف)… فالإسراف منبوذ في كل الأشياء.
رغم كل هذا فإننا نسرف حتى في ماء الوضوء والاستحمام…نسرف في الكلام أيضاً ولا نراعي الآخرين الذين يضيق صدرهم بكثرة الكلام غير المجدي والمفيد وبالتالي نضيع الكثير من الوقت في أشياء لا تنفعنا ولا حتى نستفيد منها ولا ترضي الله ورسوله، وبالتالي نكون قد اكتسبنا إثماً كبيراً…فالذي يسرف في الكلام ربما ينفض من حوله الناس لأنه مصدر إزعاج وضياع للزمن.
إذاً لابد أن تتكامل كل الأشياء وتتداخل مع بعضها البعض ونحن نؤسس لثقافة الترشيد وعدم الإسراف.
نحن في السودان معروفين بحبنا جداً للكهرباء ونتضايق جداً عند انقطاع التيار الكهربائي. ونقول (هي مش دفع مقدم ليه بتقطع ؟؟).. فعندما دخلت عدادات الدفع المقدم لأول مرة في السودان كان هنالك فهم سائد بأن الكهرباء (تاني ما حتقطع طالما أنك قد دفعت مقابلها مقدماً).
نتسابق لإضاءة كل المنزل قبل المغيب بكثير وهنالك أصابع تعشق جداً أزرار الإضاءة ..تبدأ من الغرف وتنتهي بالحوش والبلكونات حتى لمبات الشارع يتم إضاءتها،  فقط لأننا نعشق الأنوار ونمقت الظلام وربما نحكي في المجالس بأن(ناس فلان يحبوا الظلام لما تدخل بيتهم تحس أن الكهرباء قاطعة).
فمن الصعب جداً بمكان أن نعود المواطن على الترشيد طالما أن هذا هو المفهوم السائد ..فهذا الاتجاه ربما يكلف الكثير من الوقت ..فالأشياء الراسخة في الأذهان من الصعوبة زحزحتها مابين عشية وضحاها ..فلابد أن ندعم اتجاه الترشيد بمحاضرات وبرامج متنوعة وثقافة تدرس في المدارس حتى تصبح واقعاً، وإذا لم تنفذ عبر الأجيال الحالية فالخير في القادم طالما أننا نؤسس لعمل طويل المدى ..أيضاً يجب أن ننبه إلى أن الإسراف نهانا عنه الدين الإسلامي ربما يكون الناس غافلين عن ذلك، فلماذا لا نذكرهم عبر عمل كبير يكون عن طريق أئمة المساجد من باب الذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ..فالمساجد هي أكثر الجهات المهتمة بأمر ترشيد الكهرباء، ففور انتهاء الصلاة المكتوبة فإن هنالك من يقوم بإطفاء اللمبات وإيقاف المراوح والمكيفات.
نعم الترشيد مسؤولية الجميع ولكننا بحاجة إلى غرس هذا المفهوم وأن ننشر ثقافته عبر الأجهزة الإعلامية،  وأن ننبه المواطنين بأن هنالك أجهزة عالية الكفاءة تؤدي إلى الترشيد ..فهنالك من لا يعرفونها.
نتمنى أن لا ينتهي الأمر بعد انتهاء الاحتفال والمنابر التي تدعو للترشيد وعدم الإسراف …نتمنى أن يكون عملاً مستمراً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية