"فيصل بن حامد المعلا": نحن فخورون بعلاقتنا مع السودان
اللجنة الوزارية المشتركة تختتم اجتماعاتها بعد محادثات ناجحة
*وزير الزراعة السعودي: الملك “سلمان” وجه بالاستفادة من موارد السودان لمنفعة البلدين
* السودان والسعودية يوقعان اليوم على اتفاقات ومشاريع استثمارية مشتركة
الخرطوم – إيمان عبد الباقي
انطلقت أمس (الثلاثاء) بالعاصمة السودانية “الخرطوم” بفندق (السلام روتانا) أول مباحثات مباشرة بين السودان والمملكة العربية السعودية، بعد زيارة رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” الأخيرة للمملكة في الخامس والعشرين من شهر مارس الماضي. وجاءت المباحثات بهدف التعاون في كافة المجالات الأمنية، التجارية، الزراعية والاستثمار فضلاً عن مجالات التعليم والصحة والبحوث، بجانب قضايا التحويلات البنكية وتسهيل المعاملات المالية وعدد من القضايا الأخرى، وذلك عبر اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة للدورة الخامسة والتي يترأسها وزيرا الزراعة في البلدين، بتوجيه من قيادة رأس الدولة في كل من السعودية والسودان. وقد شهدت الاجتماعات حضوراً على مستوى رفيع من الجانبين من بينهم سفيرا البلدين في “الخرطوم” و”الرياض”.
تعقيدات اقتصادية
شهد الاقتصاد السوداني في غضون السنوات الأخيرة تعثراً في التحويلات والمعاملات البنكية والمالية مع دول الخليج مما أثر سلباً على الاقتصاد بصورة عامة، وأدى إلى شح في النقد الأجنبي بما يهدد الميزانية العامة، الأمر الذي دفع بالحكومة لاتخاذ إجراءات استثنائية بدأها البنك المركزي بضوابط صارمة لتقليل الاستيراد وتوفير العملة الأجنبية لاستيراد الدواء والسلع الضرورية. وتم حظر استيراد العربات المستعملة والسلع الكمالية، إلا أن الزيارات التي قام بها رئيس الجمهورية خلال الشهور الماضية إلى دول الخليج، كانت الحلقة المفتاحية التي أدت إلى تحسن العلاقات وإعادتها إلى مجراها، بعد أن شهدت ركوداً لفترة، مما انعكس إيجاباً على الاقتصاد السوداني. وقد بدأها الرئيس بسلسلة زيارات كان اللقاء الأول له مع الملك السعودي الراحل “عبد الله بن عبد العزيز”، بعدها تواصلت الزيارات وكان من بينها زيارة الرئيس إلى دولة الإمارات برفقة وفد وزاري كبير للمشاركة في افتتاح معرض حربي. ومن ثم توالت الزيارات لوزراء الخارجية والاستثمار. وأعلن بعدها د. “مصطفى عثمان إسماعيل” وزير الاستثمار، فك الحصار على التحويلات مع دول الخليج مما نتج عنه تحسن العلاقات.
علاقات تاريخية
العلاقات بين السودان والسعودية لها جذور تاريخية على مر العهود والحكومات المتعاقبة، وكان السودان يرتبط بالمملكة بعلاقة قوية ومتميزة، يتم من خلالها تبادل الخبرات في المجالات كافة وعبر الأساتذة والمعلمين المبتعثين للسعودية، وتوفير فرص العمل للسودانيين بجانب التعاون في مجال الاستثمار والشراكة التي تمت بين البلدين في عدد من الاتفاقات التي أثمرت عن توقيع مشروعات اقتصادية وزراعية، تمت عبر مستثمرين سعوديين قدموا للبلاد، فضلاً عن أن السعودية تعد من الدول الداعمة للسودان حتى في حالات الكوارث والأزمات.
التركيز على الأمن الغذائي
أكد وزير الزراعة السوداني الباشمهندس “إبراهيم محمود حامد” خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات اللجنة المشتركة، رغبة بلاده حكومة وشعباً في تعزيز العلاقات مع المملكة في كافة المجالات. ووجه الدعوة للقطاعات العامة والخاصة بالسعودية لطرق كل المجالات. وتعهد بوضع الضمانات اللازمة أمام المستثمرين لتسهيل الاستثمار بالبلاد، مبدياً استعدادهم كحكومة لتأسيس علاقات تكاملية وشراكة إستراتيجية. وأشار إلى العلاقات الراسخة والرغبة الصادقة في تعزيز العلاقات والارتقاء بها لمجالات أوسع. وقال حتى نصل إلى ما فيه منفعة الشعبين. ونبه “محمود” إلى أن المملكة تسعى لتحقيق الآمن والاستقرار للأمة الإسلامية عامة. وقال نتوقع أن تكون العلاقة بيننا هي القاطرة التي تقود باقي المنطقة للأمن والاستقرار، لافتاً إلى أن الفترة الأخيرة شهدت زيارات متبادلة بين وزيري الزراعة بالبلدين، وأن زيارة الوزير السعودي تعد الثانية خلال شهر لترتيب التعاون في مجالات الأمن والسياسة والاقتصاد، بتوجيه عبر رسالة واضحة من قيادة البلدين لترسيخ علاقة إستراتيجية في كل المجالات، مع التركيز على الأمن الغذائي بحيث يساهم السودان بموارده والسعودية بإمكاناتها، خاصة وأن الأخيرة تعول على استغلال الإمكانات الزراعية والأراضي. وكشف عن تخطيطهم لمشاريع إستراتيجية كبيرة يتم الترتيب لها في حينها. وأعلن عن تشكيل ثلاث لجان فرعية بعضوية الوزارات المختصة من الجانبين، تتمثل في لجان التعاون الدولي ولجان الاقتصاد والزراعة ولجان التعليم والخدمات، متوقعاً أن تسفر اجتماعات تلك اللجان عن تفاهمات، تصل إلى اتفاقات ومشاريع استثمارية بين البلدين يتم التوقيع عليها عصر اليوم (الأربعاء).
توجيه الملك “سلمان”
وقال وزير الزراعة السعودي “عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي”، إن اجتماعات اللجنة ستناقش المصالح المشتركة وسبل التعاون في المجالات كافة، ومراجعة ما تم في الدورات السابقة ومعالجة المعوقات وطرح الرؤى المستقبلية لتطوير التنمية المستدامة بين البلدين بما فيه المنفعة للشعبين. وقال هناك توجيه من الملك “سلمان” بالنظر بجدية للاستفادة من موارد السودان، بما يعود بالنفع للجانبين من تنمية للسودان وسد حاجة السعودية للأغذية المستوردة في الوقت الحالي. وقطع بأن التعاون لن يقتصر على الزراعة وحدها. وقال التعاون أشمل من الزراعة.
نسأل الله تثبيت الخطى
وأوضح السفير السعودي بالخرطوم “فيصل بن حامد المعلا”، أن اللجنة الوزارية تشمل كافة وزارات الدولة وقطاعاتها المختلفة، وتهدف إلى تنمية وتعزيز العلاقات ووضع إستراتيجية إطارية بين البلدين، خاصة في مجال تأمين الغذاء، مشيراً إلى مبادرة الأمن الغذائي التي أطلقها الملك الراحل “عبد الله”، ومبادرة الأمن الغذائي العربي التي أعلنها الملك “سلمان”. وقال: تم إنزال للمبادرة بقيام مستثمرين سعوديين بزراعة القمح في السودان إلى جانب تعاون السودان في مجال الثروة الحيوانية، بتوفير الصادر للمملكة بالملايين إلى جانب موسم (الهدي)، مبدياً شكره للسودان حكومة وشعباً على كرم الضيافة. وقال: نسأل الله أن توفق اللجنة في تنفيذ توجيهات قيادة البلدين، مشيراً إلى أن تعليمات الملك “سلمان” تحث على التعامل الثنائي مع السودان خاصة وبقية الدول العربية. وقال: نحن فخورون بعلاقتنا مع السودان ونسأل الله تثبيت الخطى.
تبادل الخبرات
وأشار مدير شركة (زادنا) بروفسور “قاسم عبد الله”، إلى أهمية المباحثات السودانية السعودية خاصة في مجال الاستثمار الزراعي، موضحاً بأن شركته تعمل في زراعة التمور العربية، لكن تواجههم مشاكل تتعلق بطريقة الحصاد والتعبئة والمعاملات ما بعد الزراعة. وقال: في الفترة السابقة زرعنا حوالي مليون شتلة نخيل واستوردنا من السعودية حوالي (400) ألف شتلة نخيل عبر التكنولوجيا السعودية. وأضاف – كقطاع خاص- سنستفيد من المملكة في مجال تبادل الخبرات، ولدينا خطة وبرنامج لابتعاث مهندسين زراعيين للمملكة للتدريب في مجال التقانات.