مع "غندور" (2)
أمسك البروفيسور “إبراهيم غندور” بمفاصل الحزب الحاكم ونال ثقة الرئيس “البشير” الذي لأول مرة يسند لأحد القيادات، مهمة تشكيل الحكومة بتقديم مقترحات لأسماء مرشحة لتولي الوزارات… ومنحه تفويضاً للدخول في محاورات مع الأحزاب المنتظر مشاركتها في الحكومة القادمة، وتلك مهمة عسيرة وصعبة.. وفي حديثه لقيادات المؤتمر الوطني بكادوقلي الذي اتسم بالصراحة والعين الحمراء ضرب مثلاً بأحد القيادات المتطلعة لتولي موقع تنفيذي.. ذلك القيادي كتب لغندور يصف نفسه بأنه من أهل العزائم وجيل التضحيات وتم تجاوزه في التعيين وأهله وعشيرته يعتبرون عدم تعيينه استهدافاً لابنهم. استدعى “غندور” ذلك الشخص وقال له بعبارة قاطعة (ليس لديك حقاً مقدساً في الحزب إن شئت البقاء مرحباً بكم وإن آثرت الخروج تصحبك السلامة، ونتمنى لك التوفيق). كانت رسالة بليغة جداً لطالبي الوظائف والمترددين على أبواب كبار المسؤولين بحثاً عن الوزارات والمحليات والولايات، وهذا الموقف جعل عين “غندور” حمراء لمن لا يرعوي ويسعى للوظيفة بشتى الطرق والمسارات، رغم هتافات الإسلاميين العتيقة (هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه). ولكنه شعار إذا تمت محاكمته مع الواقع سيبدو مفارقاً لمنطق السياسة وواقع الحال.. فمن لا يرغب في السلطة أو الجاه تجده في خلاوي الغبش في بربر وفي كريدة الشيخ محمد أحمد غرب الكوة.. وفي خلاوي أم دم حاج أحمد بشمال كردفان ولكن الذي يؤسس له حزباً ويصدر الصحف.. ويعقد المؤتمرات حتماً يسعى للسلطة بكلتا قدميه!!
وقديماً مدح شاعر من بادية كردفان الشمالية الرئيس الأسبق “جعفر نميري” متوسلاً إليه لإعمال سلطاته والعفو عنه وهو يقبع في السجن بعد أن حكم عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت في جريمة قتل مفزعة. وصف الشاعر البدوي “جعفر نميري” بأن (عينه حمراء رحمة للمسكين). واختار البروفيسور “غندور” خطاباً بين الشدة والغلظة والرحمة والمودة لقيادات المؤتمر الوطني التي احتشدت من كل المحليات للإصغاء لرجل التنظيم الأول، قبل أن تغادر حكومات الولايات الحالية مواقعها أو تجدد الثقة في بعضها ويذهب من يذهب ويبقى من يبقى، ولكن المؤتمر الوطني قبل أن يحصد ثمرات فوزه في الانتخابات الأخيرة أخذ يستعد لانتخابات 2020. ولكن كما قال “غندور” (سندخل الانتخابات القادمة بحزب جديد ووجوه جديدة.. وفكر قديم)، وهي إشارة إلى أن حزب المؤتمر الوطني في الدورة التنظيمية الحالية التي تنتهي في عام 2019 مقبل على تغييرات واسعة في الوجوه، لن يعود القدامى بطبيعة الحال ولن تبقى الوجوه الحالية حتى ذلك الحين.. وأن منهج التجديد (ماضٍ).. وهذه الإشارة ربما فتحت أبواب التأويل بشأن الحكومة القادمة والتي سينتقص جداً تمثيل المؤتمر الوطني، ويتمدد في السلطة آخرون من الأحزاب التي شاركت في الانتخابات الأخيرة.. أو تلك التي قاطعت لظروفها مثل حزب مؤتمر البجة.. وحزب المؤتمر الشعبي.
حينما دخل “غندور” قاعة مركز التدريب هتف المؤتمرون بهتافات الإسلاميين التي تخلوا عنها في السنوات الأخيرة، ولكن “آدم الفكي” والي جنوب كردفان ومهندس حزبه السياسي “علي أحمد دقاش”، أعادا بعث هتافات الإخوان المسلمين(نحن جند مصطفى نستخف بالمحن.. لا يروعنا الفناء فتولى أمرنا) تعالت أصوات وذرفت دموع وبين د. “غندور” و”آدم الفكي” علاقات حميمة ووشائج قربى.. وتوافق مزاج.. ولكن “غندور” حينما توعد الشلليات داخل المؤتمر الوطني (بالفرتقة)، كان يشير بطرف خفي لما يجري في كل الولايات هذه الأيام من تكتلات لتقاسم المناصب القيادية في المجالس التشريعية، حتى إذا ذهب الوالي أبقى على بعض من خاصته الأقربين في مفاصل الحكم.
عدنا من “كادوقلي” على متن طائرة صغيرة حديثة وفارهة وجديدة تمتلكها شركة (كومون) التي كلما تعرض مديرها الناجح “يوسف محمد الحسن” لهجوم من التتر وأعداء النجاح، رد عليهم بنجاحات تضاف لسجله الوضئ.