الديوان

"عبد الوهاب الصادق" كروان الغناء الشعبي القادم من "أبو قوتة"

إحتفالاً بـ(عيد الأب)
حبايبي الحلوين.. أهلاً جوني
بروفايل – آيات مبارك
طعم الملح هذا تذوقته من قبل.. نعم نفس الطعم.. ومصحوب بصوت الشعار النهائي من برنامج (أغاني وأغاني) (أن أردتي تسعدينا يا ليالي فأسعدينا والحب كتر علينا). في شهر رمضان قبل ثلاثة أعوام – كان مذاقه – وأنا أشاهد الفنان “عبد الوهاب الصادق” والعبرة تسد حلقه – أظن أنني رأيتها من خلف ابتسامته – الشباب من حوله يتغنون بأغنياته وها هو يسري نفس الطعم في حلقي وأنا أراه بـ(دار اتحاد فن الغناء الشعبي) قبل أيام وبنفس الضحكة.. التي كنت أحسبها حينها بنت ذاك الموقف.. لكنها صارت تطرز كل لحظاته ولقاءاته.. فرحت برؤيتي له.. نشوة بالغة.. بمقدار ضحكته وعنوانه.. وعجزت حينها عجز القادرين على التمام.. أو ربما غير القادرين.
حبايبي الحلوين أهلاً جوني
كانت (آلة الرق) معبراً وثاباً.. لصوته الأخاذ فصارت صنو روحه ومن كلمات “محمود أبو العلا ” جاءت أغنية (هلا لي هلالو ظهر) على إيقاع تلك الآلة المستديرة.. بينما (ست الريد) هي أولى أغنياته في تسجيلات إذاعة أم درمان، وفي العام 1970م جاءت رائعة “عبد الله شرفي” وألحان “عوض جبريل” أغنية (وبعد دا كلو كمان بتبكي) و(يا عيني النوم النوم) وهي من كلمات “فلاح” وبعد إدخاله لآلة المندلين والجيتار تغنى بـ(ست الريد)، (سيد الابتسامة)، (ما أحلى التصافي)، (عجب عيني)، (بياع الخواتم)، (غلاوة الريد) (ويا ند يا سماحة)، (حمامي)، (تاني جيتك) والعديد من الأغنيات الباذخة، وتعاون معه “التيجاني حاج موسى” فى عدد الاغانى من تأليفه وألحانه ، أشهرها (من بعد ما فات الأوان) ( لو حبايب زي ما بتقول)، وأيضاً أغنية الراحل “محمود فلاح” (حبايبي الحلوين أهلاً جوني). أما أغنية الموسم فكانت (الحنين البي ليه ماقدرو.. العمر من وين بشتروا).
شهادات
وفي دردشة جمعتني بالأستاذ “التيجاني حاج موسى” وفي سيرته تحدث بحب آسر وتقدير.. لمسته في تهدج نبرات صوته.. وكأنه سيكتب أغنية للراحل “زيدان إبراهيم”. فقال: تعرفي يا “آيات” عبد الوهاب ده من صغره تشبع بنغمات المديح والأذكار من قرى الجزيرة.. والنشأة الصوفية هناك لها شأن آخر.. مما جعله يبرز بين أقرانه بصوته العذب ومنها بدأ حفظ روائع غناء الحقيبة والأغنيات مقيماً عدداً من الحفلات في مناسبات أهله بتلك القرى، وشأنه شأن أي فنان مبتدئ كانت إذاعة أم درمان مبتغاه فجاء إلى أم درمان في سبعينيات القرن الماضي وتعرف على “محمود فلاح” ومن أشهر أغنياته آنذاك كانت (آن حمامي) التي بدأ بها وأجادها، وتعرف أيضاً على الشاعر الكبير المرحوم “محمد بشير عتيق” ليصير الفنان الأشهر والقاسم المشترك لحفلات المناسبات، وصارت (دار فلاح) عنواناً للقائه ولم يكن ينافسه في الساحة الغناء الشعبي سوى “أبو عبيدة حسن” الذي أيضاً لمع نجمه في ثمانينيات القرن الماضي.. وهناك الكثير من الفنانين الشعبيين الذين كانوا يطمحون في أن يكون مستوى شهرتهم كشهرة الفنان “عبد الوهاب الصادق”.
 وبأسى بالغ مصحوب بتفاؤل وصف لي الأستاذ “التيجاني” حاله الآن قائلاً: (أما عدم مقدرته على النطق فقد تحمله بصبر ورضا)، مكرراً (ورضا تام) و(كل الحاجات دي بأمر رب العباد)، فقد كان صوته جميلاً وصداحاً.. مجاملاً.. ملبياً لكل من يطلبه للغناء حتى بلا مقابل، وقد ابتدع شكلاً من أشكال الغناء الشعبي بعد أن أضاف إلى فرقته (آلة المندلين) و(آلة الباص جيتار)، وشكل ضرباً مميزاً من الغناء.
أما الأستاذ “إسحق إدريس” فحدثني عنه قائلاً: الأستاذ “عبد الوهاب الصادق” القادم من قرية “أبو قوتة” وتلقى فيها جميع مراحله التعليمية إلى أن أتى إلى مدينة أم درمان في العام 1956م وسكن في (حي بانت) ومنها سُمي بـ(عبد الوهاب بانت)، وفي العام 1967م انضم إلى (دار فلاح) هذا الرجل يكتنفه جمال عصي على الوصف.. تكلله هذه الابتسامة والروح الجميلة بتلك الهمهمات الرحبة لكل من يقابله، حنون وعطوف.. وهو أبو الكل هنا بالإتحاد.. أبونا كلنا. 
في عيد الأب
لك كلمة نابعة من القلوب
صادقة زي صدق القلوب
ماشة تفتح في الدروب
ورغم أن السودانيين حديثو عهد بـ(عيد الأب)، لكننا نحتفل بك أباً لكل الأغنيات المطرزة على طول النيلين (شعبيها وحديثها) ننصبك منذ الآن.. أباً لكل الأغنيات والأناشيد والألحان.. كلها.. أرقبها بعينيك فقط.. ونحن سنراها كما تعجبك وتسرك.. مع الأسف لم يتبق لنا سوى الأغنيات نشرعها في وجه الزمان نتلمظها كلما (تاورنا ألم الحزن والحنين والوجد (وكل عام ونحن بك ومعك).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية