حوارات

الشيخ "عبد الجليل النذير الكاروري" في حوار مع المجهر السياسي (1 – 2)

المؤتمر الوطني كبر وترهل لذلك ظهرت فيه التفلتات
لا أقبل تعليل مفوضية الانتخابات بأن ما حدث في “الجزيرة” نتيجة لإهمال عادي
هناك (شيء مجهول) حدث في ولاية “الجزيرة” أدى إلى تدني نسبة المؤتمر الوطني في الانتخابات والمطلوب التحقيق في الأمر!ّ
الغالب أن تشكل الحكومة من المشاركين في الانتخابات.. لكن نرجو أن يكون (الاتحادي الأصل) في صفوف المعارضة القوية!
نعم الحكومة ستكون بأغلبية مريحة للمؤتمر الوطني وليس للوطن!
التنمية في الشمال صحبتها ظلامات وتهجير.. ومنذ وقت مبكر هناك من نبه الرئيس، وقال له (نحن نقيم التنمية ونخسر الناس).
حوار – سوسن يس
ضمن سلسلة حواراتها مع الفائزين في الانتخابات الأخيرة بعضوية البرلمان الجديد، التقت (المجهر) مع الشيخ “عبد الجليل النذير الكاروري” عضو المكتب القيادي بالمؤتمر الوطني، الذي وضع أصابعه على موضع الجرح وهو يعلل أسباب تدني نسبة الناخبين في الانتخابات الفائتة، في معرض تقديمه لقراءة للنتيجة التي أحرزها المؤتمر الوطني في الانتخابات. وأرجع “الكاروري” فقدان الوطني للدائرتين القوميتين “دنقلا” و”أبو حمد”، إلى ما أسماه (إجراءات استثنائية صاحبت قيام التنمية في تلك المناطق، وتسببت في ظلامات وتهجير للمواطنين، وقال الشيخ “عبد الجليل” (سكان الشمالية نقصوا بعد قيام السد، وهذا يؤدي إلى التأثير في السجل الانتخابي وإلى فقدان الدائرتين)، وأضاف (تهجير المواطنين بسبب إنشاء سد، هذا يتم في حالة إنشاء سد تكون قنواته في بلد آخر، كالسد العالي.. لكن أن نقيم سداً ويهاجر الناس جنوباً، كما حدث في الملتقى، فهذا سؤال كبير).
ودعا المؤتمر الوطني لإجراء مراجعة، وقال (هذا الحديث أنا قلته سراً وجهراً، وقلته في أذن الرئيس البشير، وفي أذن “أسامة”).
وقال إن هناك وفداً من المؤتمر الوطني جاء إلى الرئيس، منذ وقت مبكر منذ 2005م، وقال له (نحن نقيم التنمية ونخسر الناس).
إلى مضابط الحوار…
{ كيف يقرأ الشيخ “عبد الجليل النذير الكاروري” النتيجة التي أحرزها المؤتمر الوطني في الانتخابات؟
–    النتيجة مواكبة للتقديرات.. المؤتمر الوطني رتب منذ البداية على أن يكون البرلمان فيه أكثر من حزب، وبالتالي أفسح المجال للأحزاب وكانت النتيجة أن جاء البرلمان وفيه أغلبية للوطني، إلى جانب عدد مقدر من الحزبين التاريخيين، مثلما ضم عدداً من المستقلين، لأول مرة أكثر من (12) نائباً مستقلاً. وكنت أؤمل أن تتوحد الأحزاب لنصل إلى نظام الحزبين، الذي استقر في العالم، لأن التداول بين أحزاب كبيرة (التعددية الحزبية) فيه استقرار أكثر.. لكن لا بأس، هذه خطوة في الاتجاه الصحيح.
{ نسبة الـ(46.6%) التي أحرزها المؤتمر الوطني.. هل أنت راضٍ عنها؟
–    نعم أنا راضٍ عنها.
{ هنالك تساؤلات كبيرة عن سبب إحجام عضويتكم.. عضوية المؤتمر الوطني.. عن المشاركة في الانتخابات.. ربما لو شاركت عضوية الوطني ولم تحجم عن المشاركة لكانت النسبة أعلى؟
–    أنا أظن أن النسبة نقصت للإشكال الذي حدث في “الجزيرة”.. في “الجزيرة” كانت هنالك مشكلة إدارية،  وفي “كردفان” كانت هناك مشكلة أمنية، هاتان المشكلتان أثرتا في النتيجة لأن عدد الناخبين في “الجزيرة” يقرب من المليونين (مليون وأكثر من 700 ألف ناخب)، ونسبة التصويت بلغت (42%)، بينما في “كسلا” بلغت نسبة التصويت أكثر من (60%) و”الجزيرة” أقرب وأكثر استقراراً.. وأنا أظن أن هناك شيئاً مجهولاً حدث، ولا أقبل تعليل مفوضية الانتخابات عن أن ما حدث هو نتيجة لإهمال عادي، يعني وصول البطاقات في وقت متأخر من اليوم التالي الساعة (2)،  والاضطرار للتمديد، من المؤكد أن هناك جهة نظرت إلى أقرب وأكثر ولاية بعد الخرطوم، سكاناً واستقراراً وعرقلت فيها. وما يزال المطلوب التحقيق فيما حدث. وهذا ليس مسؤولية حزب، بل هو مسؤولية المفوضية القومية للانتخابات.
{ أيضاً من الأشياء التي توجب التحقيق السبب الذي ساقه المؤتمر الوطني وعلل به تدني نسبة التصويت.. إن سجل الناخبين كانت به أخطاء وحوى أسماء وفيات وأسماء أناس ذهبوا مع الانفصال و..؟
صحيح.. صحيح
{ هل جرى تحقيق حول ذلك أو طالبتم بإجرائه؟
–    بما أنه تم اعتماد السجل السابق، فقد كان المطلوب هو نشر الكشوفات وتقديم الطعون من الأحزاب للقوائم وهذا لم يتم، وبالتالي هناك متوفون نشرت أسماؤهم، وهناك جنوبيون، وهناك شباب بلغوا سن التصويت وحرموا من التصويت لأنه لم يتم تسجيلهم.. فهذا كان نوعاً من العجز.. نوعاً من العجز الذي يشترك فيه الجميع.
{ قد يقول قائل إن هذا العجز من الممكن أن يطعن في هذه النسبة.. التي أحرزتموها نفسها.. نسبة الـ(46%)؟
–    لا.. لا يطعن فيها.. لأنه لو لم يتم التقدم بطعون، من قبل الأحزاب في القائمة، فالسجل سيصبح معتمداً.. وستكون قد فوتت الفرصة.. والأحزاب كلها لم تمارس هذا الطعن، لا المؤتمر الوطني ولا غيره.. وهذا يعتبر عجزاً من الجميع.
{ بما فيها المؤتمر الوطني؟
–    نعم.
{ متى سيتم تشكيل الحكومة؟
–    حتى الآن لم يجتمع البرلمان.. نحن كنواب لم نجتمع حتى الآن، وغالباً سيكون اجتماعنا في آخر مايو الجاري، لان الرئيس سيؤدي القسم أمام البرلمان المنتخب في يوم 2/6، فلابد أن يجتمع البرلمان ويتم تشكيل المجلس حتى يمكن رئيس الجمهورية من أداء القسم وبعد ذلك يكون تشكيل الحكومة.
{ هل من الوارد أن يتم تشكيل الحكومة بعد معاودة انطلاق الحوار الوطني؟
–    لا أظن.. لأن الأمور لا تقبل الفراغ والحوار سيكون محتاجاً لزمن وبالتالي لابد من تشكيل الحكومة، وبعد ذلك إذا أدى الحوار إلى أية اتفاقات يعاد تشكيل الحكومة.
{ هذا يعني أن الحكومة سيتم تشكيلها من الأحزاب المشاركة في الانتخابات؟ أم بالإمكان أن تضم آخرين من غير المشاركين؟
–    في الغالب من المشاركين في الانتخابات.
{ ما هي الملامح العامة التي تراها الآن للحكومة المقبلة؟ ومَنْ مِنْ الأحزاب سيشترك فيها ومن سيكون خارجها؟
–    الأولى أن لا يكون همنا هو من سيشترك، وإن كان جمع الصف مقصود، ولكن المطلوب أن نركز على الكفاءات التي توظف قدراتها في إنفاذ برامج البناء وتدفع بعملية التنمية إلى الأمام، خاصة وأن الإنقاذ تطرح برامجها لإنقاذ البلد ولعافية الاقتصاد.. يجب أن تكون هذه هي أولوياتنا.. الكفاءة والخبرة، فالبرامج التي تقدمنا بها للناس تحتاج لشخصيات كفاءة تنفذها كما أعلن.. هذه هي الأولوية.
{ رشح أن الحزب (الاتحادي الديمقراطي الأصل) طالب بـ(3) مناصب حددها هي نائب رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ووالي ولاية الخرطوم؟
–    هم نفوا ذلك.
{ لكن بالتأكيد سيكون لهم نصيب كبير ومقدر في الحكومة؟
–    هذا إذا كانوا ضمن الحكومة.. قد يختارون مقاعد المعارضة.. وأرجو أن يكون الحزب الكبير ويشكل معارضة قوية لأن هذا سيكون أصلح للبرلمان نفسه. (مستدركاً بعد برهة من الصمت): لكن لا أظنهم سيقفون في صفوف المعارضة.
{ هم مشاركون في الانتخابات و..؟
–    صحيح هم مشاركون في الانتخابات والانتخابات تأتي بالناس إلى البرلمان، ولكن ليس بالضرورة إلى مقاعد الوزارة.
 لو كانت هناك معارضة حزبية قوية، فمن المؤكد أنه ستكون هناك رقابة قوية، وستكون هناك ملامح للتداول السلمي للسلطة.. وهذا أفيد من الترضيات الحزبية.. الرقابة الحزبية أفضل من الترضيات الحزبية.
{ من خلال نتيجة الانتخابات بشكل عام.. ما هي أبرز ملامح البرلمان المقبل؟ وهل من الممكن أن تتوفر داخله معارضة قوية؟
–    ستسمى حكومة المؤتمر الوطني حكومة بأغلبية مريحة، وحتى بالنسبة لكتابة الدستور فإنها ستشكل أغلبية مريحة، فالدستور يحتاج للثلثين والمؤتمر الوطني يكاد يحوز على الثلثين في البرلمان. هناك معارضة، ولكن ليست لديها القدرة على أن تسقط الحكومة أو تسقط المقترحات.. لكن سيكون هناك صوت قوي أكثر من الصوت الذي كان في البرلمان الماضي.
{ ستكون أغلبية مريحة للوطني ولكنها غير مريحة للوطن ولا للدستور؟
–    نعم غير مريحة للوطن هذا صحيح.. صحيح.. كلما بقي التحدي كبيراً كلما كان الأداء أجود والنظام الحزبي هو نظام فيه حكمة.. أن تعمل حكومة ظل تنبه لأي خطأ وتعطي صوت ثقة، إذا كان هناك توازن في البرلمان فإن هذا سيكون أنفع للبلد.. ونرجو أن نمضي في هذا الاتجاه من أجل الشعار الذي يحتفي به الجميع (التداول السلمي للسلطة).. التداول السلمي بأحزاب متكافئة وفرص متكافئة.
{ كان المأمول بعد إصرار المؤتمر الوطني على قيام الانتخابات انطلاق الحوار بعد الانتخابات مباشرة وتسريع خطواته حتى يتم الوصول لاتفاق ومصالحة وتوسيع قاعة المشاركة في الحكومة حتى يتم تدارك ما أحدثه إصرار الوطني على الانتخابات من غضب وغبن من أوساط الأحزاب الرافضة للحوار؟
–    ما تم الآن وبحسب وصف المعارضة اسمه (الأمر الواقع) وما دام هو أمر واقع فلابد من التسليم به، (خلاص، جرت الانتخابات وأصبحت هناك شرعية جديدة للنظام وهذا أمر واقع، وإن كان غير مرضي عنه من قبل الأحزاب).. بعد ذلك هناك أحزاب ما تزال متمسكة بالحوار وراضية بأن تجلس في طاولة الحوار من أجل إيصال رؤيتها إلى درجة من التأثير في التشكيل الحكومي المقبل.
{ إرجاء الحوار إلى ما بعد تشكيل الحكومة معناه تصفير عداد الحوار الوطني ومعناه أننا سنبدأ من الصفر.. وأن كل الخطوات السابقة سيتم مسحها؟
–    هو تصفير من حيث الزمن.. ولكن الخطوات التي وصلنا إليها.. مثل (7+7) هذه لا تصفر.. لأن هذه درجة من التكافؤ.. وإذا كانت للمؤتمر الوطني نسبة الثلثين في البرلمان، فله في آلية الحوار (سبعة مقابل سبعة).. وهذه لم يتم تصفيرها، وهذه درجة ومستوى من التكافؤ بين الطرفين. ونرجو، ما دام وصلنا للاتفاق على الأقل على مبدأ الجلوس على طاولة الحوار، ولمبدأ أن الطرفين متساويان ولخطوة طرح القضايا المختلف حولها، نرجو أن نواصل.
{ كان لافتاً أن هناك أعداداً كبيرة من منسوبي المؤتمر الوطني اختاروا أن يترشحوا في الانتخابات كمستقلين.. صحيح الكثيرون منهم انسحبوا قبل انطلاق السباق.. ولكن في تقديرك ما هي الأسباب التي دفعتهم للترشح كمستقلين؟
–    معنى ذلك أن حزب المؤتمر الوطني كبر وترهل وأي حزب يكبر ستظهر فيه هذه التفلتات.. أيضاً قد يكون للوطني أخطاء مثلما حدث في الشمال.. لأن التنمية كانت بإجراءات استثنائية كانت فيها ظلامات لمجموعات، وكان فيها تهجير.. لو كنا أنجزنا تنمية متكاملة من حيث إنشاء السدود تكون فيها فائدتان إنتاج كهرباء ومياه ويكون هناك صيد أسماك وزراعة و..
أنا أذكر أنه ومنذ وقت مبكر في 2005م جاء وفد من المؤتمر الوطني وقال للرئيس (نحن نقيم التنمية ونخسر الناس)، وأنا أعتبر أن ما حدث في “أبو حمد” هو نتيجة للتنمية الأحادية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية