رأي

بعد ومسافة

“حسبو” سيبقى أم يغادر..!
مصطفى أبو العزائم

تنشغل المجالس الخاصة والعامة بما ستحدثه المتغيرات المرتقبة في المشهد السياسي بصورة عامة عقب إعلان الحكومة الجديدة، أو ما تعارف الناس على تسميتها بحكومة الوفاق الوطني التي اختير الفريق أول “بكري حسن صالح” رئيساً لمجلس وزرائها إضافة إلى منصبه الرسمي نائباً أولاً لرئيس الجمهورية.
منصب النائب الأول لن يخلي، وسيظل الحال كما هو عليه داخل مؤسسة الرئاسة، لكن الأحاديث تدور حول منصب نائب رئيس الجمهورية، الذي يشغله الآن الأستاذ “حسبو محمد عبد الرحمن” وتدور أحاديث عن إخلاء المنصب الرئاسي الرفيع للمشاركين في الحوار الوطني، ولأبناء دارفور من زعماء وقيادات الحركات المسلحة الذين تمردوا على السلطة، وصالحوا لاحقاً ثم انخرطوا في الحوار الوطني الذي استمر لثلاث سنوات، ويتم التركيز بصفة أخصب على الدكتور “التيجاني السيسي” رئيس سلطة دارفور التي تم حلها قبل أشهر، على اعتبار أنه رجل مقبول ومؤهل وصاحب خبرات في الحكم والإدارة، إضافة إلى كونه يمثل ثقلاً شعبياً في إقليم دارفور إلى جانب أنه أكاديمي من الطراز الأول، وشاغل لعدد من المواقع في بعض المؤسسات والمنظمات الإقليمية والعالمية من قبل.
ربما تصدق تلك الأقوال والتوقعات، لكن الذي يشغل الرأي العام هو سؤال مشروع عن الموقع الجديد الذي سيذهب إليه نائب رئيس الجمهورية الحالي، الأستاذ “حسبو محمد عبد الرحمن”؟.. والسؤال ليس من باب الإشفاق على الرجل بقدر ما هو إشفاق على تجربة الاستفادة من القدرات والطاقات الفائقة التي يتمتع بها نائب الرئيس الحالي، مع نشاط مفتقد في كثير من هياكل الدولة المختلفة، وانضباط في الأداء والحركة، وقدرات فذة داخل مؤسسة الرئاسة روحاً جديدة، أخرجتها من أطر التعامل الرسمي الصميم، إلا في حالات التفاعل الشعبي من خلال المخاطبات الجماهيرية للرئيس أو نائبه الأول الحالي الفريق “بكري حسن صالح”، إذ يعتبرهما الناس رجلا تفاعل شعبي يديران الشأن العام بعقلية رجل الدولة الحقيقي الذي يستند على قوة شعبية حقيقية.
القدرات العالية والإمكانيات الإدارية الخاصة التي يتمتع بها الأستاذ “حسبو محمد عبد الرحمن” لم تأتٍ من فراغ، فقير ما منحه الله من أسس إنبنت عليها شخصيته السياسية، فإن خليفته الإدارية كضابط إداري سابق أهلته لأن يكون قادراً على اتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح، ومتابعة تنفيذه.. وعندما كان الناس يعتركون في غير معترك سعياً وراء المناصب والمكاسب، كان الأستاذ “حسبو” منشغلاً بتأهيل نفسه منذ وقت بعيد بالالتحاق بالدورات التدريبية والتأهيلية في الداخل والخارج، وهو ما صقله تماماً.. وجعل منه رجلاً تنفيذياً من الدرجة الأولى.
لا أحسب أن المؤتمر الوطني – الحاكم – سيفرط في مثل هذا الرجل صاحب القدرات العالية والخلق الرفيع والأفق السياسي الواسع، وهو في ذروة نشاطه بأن يحيله إلى (الرف السياسي)، لكنني لا أعلم أي وجهة سيتم توجيهه إليها إن حدث وأقصى عن المنصب لصالح السلام والاستقرار، لكنني لو كنت من أصحاب القرار أو متخذيه داخل حزب المؤتمر الوطني، لجعلت منه نائباً لرئيس الحزب إلى جانب نواب الرئيس الآخرين.. وسيكون من الفاعلين القادرين على إجراء حراك واسع داخل الحزب، الذي شكا بعض قادته من عدم تفاعل بعض عضويته، لأنهم ركنوا إلى أنهم حزب قائد.. وحاكم.. فنام بعضهم (في العسل) كما نقول، بل إن رئيس الحزب نفسه انتقد أداءه ذات يوم، وقال إنه يخشى عليه أن يصبح مثل الاتحاد الاشتراكي السوداني في أواخر أيامه بعد أن أصبح هيكلاً بلا روح.
إن خرج “حسبو” من القصر فتلك خسارة لا شك فيها، وإن لم يدخل إلى المؤتمر الوطني قائداً حقيقياً وأحد نواب رئيس الحزب فإن الخسارة أكبر.
 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية