مسالة مستعجلة
حتى لا تتدنى نسبة النجاح..!!
نجل الدين ادم
أظهرت نتيجة امتحانات شهادة الأساس بولاية الخرطوم هذا العام تدنياً في نسبة النجاح العامة حسبما أذاع وزير التربية في مؤتمر صحفي أمس، حيث بلغت (85.2%)، مقارنة بـ(88%) العام الماضي.. هذا التدني لم يكن مستغرباً في ظل الظروف التي مر بها الطلاب والمعلمين على حد سواء في العام الدراسي المنتهي، حيث إن المدارس دخلت إجازة إجبارية بسبب آثار الخريف من تهدم للفصول الدراسية وتعثر بعض الطلاب في الوصول إلى مدارسهم، إضافة إلى خفض ساعات الدراسة وزمن الحصة لأكثر من شهر بسبب موجة البرد القارس التي تعرضت لها البلاد في الشتاء الماضي.
بالتأكيد هذه الظروف الطبيعية الخارجة عن الإرادة قلصت من إجمالي ساعات الدراسة بشكل واضح مما انعكس على مستوى التحصيل، لكن الوزير ركز في مبرراته على أن السبب الأساسي هو استقبال الخرطوم لنحو (10) آلاف نازح ولاجئ من الولايات ودولة جنوب السودان.
ما صاغه الوزير ربما يكون سبباً غير مباشر في تدني نسبة النحاج، لكن ليس بسبباً أساسياً، ذلك أن أغلب حالات النزوح الاضطراري بسبب الحرب لا تسعف الأسر لإلحاق أبنائها بالمدارس لأن نزوحهم موسمي ينتهي بانتهاء الظرف.. لكن الخرطوم على مدى الأزمان لم تتوقف عن استقبال الهجرات ونزوح مواطني الولايات إليها بسبب ضعف الخدمات هناك، وقد أصبحت سمة أساسية اعتادتها الولاية.
أعتقد أن مشكلة النزوح هذه وتأثيراتها أكبر من إمكانيات الولاية، لأنه في ظل عدم وجود تنمية متوازنة في الولايات تمكن المواطن البسيط من إلحاق أبنائه بمدارس أو جامعات معتبرة، فإنه لا محالة سيزحف صوب العاصمة القومية وهي أم الكل.. على وزير التربية- الخرطوم أن ينظر إلى المشكلة الحقيقية حتى يتمكن من إيجاد الحلول الناجعة.. الولاية تحتاج إلى تحريك هذا الملف الذي تتداخل فيه الهموم والاختصاصات بينها والحكومة الاتحادية التي يفترض أن تنظر إلى ولاية الخرطوم نظرة مختلفة في دعمها.. عندها يمكن للولاية أن تجتاز كل ما يعترضها من عقبات لتهيئة الظروف المواتية التي تساعد في زيادة نسبة النجاح في مرحلة الأساس أو المحافظة عليها في أسوأ الفروض.
وزارة التربية مطلوب منها العمل بجد لتلافي بعض الظروف التي تؤثر على استقرار العام الدراسي، فخريف العام الماضي كشف خلل البناء وضعف تأهيل المدارس ومعالجة الآثار السنوية المترتبة على كل خريف، حيث إن معظم المدارس التي تهدمت لم تكن مؤهلة بالصورة المثلى التي تحميها من الأمطار الغزيرة والسيول، وعدد من المدارس ظل ولسنوات دون أسوار!!
الغريب في الأمر أن الولاية حاولت عبر مقترح تعديل التقويم الدراسي تفادي فصل الخريف بأن يبدأ العام الدراسي في شهر (سبتمبر) بدلاً عن (يونيو)، لكن المقترح قوبل بالرفض من وزارة التربية الاتحادية لأن هذا التقويم يعني تغيير موعد عقد امتحان الشهادة الثانوية.. لذا المقترح لم يكن موفقاً.. لكن هل خريف الخرطوم أعلى من خريف القضارف وجنوب كردفان؟ بالتاكيد لا.. لذلك فالوزارة بحاجة إلى إعداد جديد للعام الدراسي المقبل بتهيئة المدارس وتكملة الإجلاس.. وحتماً سينعكس ذلك على نتيجة العام المقبل.. ومبروك للمتفوقين.. وكل عام والأسر مبتهجة.