مجرد سؤال ؟؟؟
رقية أبو شوك
قفشات وخواطر انتخابية
الشعب السوداني معروف أنه من أكثر الشعوب تفاعلاً مع الأحداث ويجيد التعامل مع كل الأحداث، فهو رياضي من الدرجة الأولى ويحفظ عن ظهر قلب أسماء الفرق واللاعبين، وعندما تكون هنالك مباراة يحدد موقفه مع أي الفرق هو حتى وإن لم تكن له رياضة …هذا من جانب الرياضة وأما السياسة فهو أيضاً يجيدها ويستطيع أن يدخل في نقاش ونقاش سياسي.. وكذلك الاقتصاد فهو يعرف تماماً الحظر الاقتصادي المضروب على السودان منذ العام 1997م، وديون السودان الخارجية والدولار وارتفاعه وانخفاضه والوديعة السعودية والقطرية والإماراتية.
هذا هو المواطن السوداني وهذا هو السودان الذي نعشقه ونحبه ونعشق جداً شعبه.
تعيش البلاد هذه الأيام جو الانتخابات ..فالمواطن متابع لحركة التصويت بفضل ثقافة الانتخابات التي جعلته مواكباً، وذلك بحكم اطلاعه اليومي على مجريات الأحداث ومعظمهم يعرفون بالاسم من هم المرشحون لرئاسة الجمهورية، وأولئك المرشحون للمجلس الوطني والمجالس التشريعية.
أقول هذا وفي الخاطر انتخابات ما بعد الانقلاب على حكومة مايو وبعد عام حكومة المشير سوار الذهب كانت هنالك انتخابات … كنت آنذاك بكورتي بالولاية الشمالية ولأن الوعي لم يكن كما هو الآن فقد عايشت العملية الانتخابية هنالك بالرغم من أنني لم أكن ملمة بكل الأشياء حيث يتحكم العمر في ذلك، ولكن رغم ذلك هنالك أشياء طريفة مازالت بذاكرتي …أتذكرها كلما تأتي الانتخابات … فالولاية الشمالية معروفة بانتمائها للسادة المراغنة أي الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) برئاسة مولانا “محمد عثمان الميرغني”، حيث كان في ذلك الوقت حزباً واحداً وبمسمى واحد، كان كل أهل الولاية ماعدا مناطق تعد على أصابع اليد تظل حكراً ومقفولة للمراغنة، كما يحلو لأهلي أن يسمونها والذي يخرج عن الملة فقد لا يجد الاحترام من أعيان البلد.
كان المرحوم “التوم محمد التوم” الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى خلال الأيام الماضية، ونسأل الله له الرحمة والمغفرة، منافساً للكاروري على ما أذكر في دائرة مروي …حيث يمثل الاتحادي الديمقراطي ويمثل الكاروري الجبهة الإسلامية ..وفي دائرة الدبة كان “تاج السر” ممثلاً للختمية أيضاً.
وعند إعلان النتائج كان “التوم” قد فاز وفاز أيضاً “تاج السر”، وقد صحينا باكراً على صوت ينادي من بعيد دون مكبر صوت يقول: (عاش أبو هاشم فاز التوم والكاروري نائم نوم)، قلت في نفسي لماذا نام الكاروري حينها عرفت أنه لم يفز بل فاز التوم .. فالختمية هنالك يحلو لهم تسمية أبو هاشم ويرددونها كثيراً …
وفي دائرة الدبة كانت الهتافات تقول: (الدائرة حكر لتاج السر)… يعني ما في طريقة لأي من المنافسين فهي حكر للمراغنة وأبو هاشم وقد كان.
التحية لأهلي وعشيرتي بالولاية الشمالية والتحية أيضاً للسادة المراغنة والختمية التي تنتمي لها أسرتي وعائلتي حتى الآن .. التحية أيضاً لرجال الطرق الصوفية …التحية لإنسان بلادي بكل الانتماءات السياسية والألوان السياسية.
فاللون السياسي أيضاً له طرفة …إبان الانتخابات كانت أسماء المرشحين تتم عبر المذياع والتلفزيون، ولأن التلفزيون لم يكن متاحاً بالصورة الكبرى هنالك فقد كانوا يتابعون أسماء المرشحين بكافة الدوائر بالسودان عن طريق المذياع، وكان كثيراً ما تستهويني كلمة (اللون السياسي)، وقد عرفت أنها تعني الحزب الذي ينتمي له المرشح.
ألم أقل لكم إن الشعب السوداني معروف بحبه لمعرفة كل الأشياء سواء أكانت سياسية أو اقتصادية .. تجد عنده كل المعلومات ويجيد التحليل وكم أنا فخورة به.
ومن ضمن الطرائف أيضاً فقد سمعت أحد الآباء يتحدث مع ابنه الذي لم يكن له أي انتماء مع الحزب الذي ينتمي له والده .. والده قال له: (لا ما في كلام زي دا .. يا ولد ما تخالف الناس).
فالانتخابات في القرى لها نكهة خاصة وطعم خاص حتى الصغار لديهم قفشات
وكل انتخابات وأنتم بخير … فالقوي الأمين هو الذي نريد.
قال تعالى في سورة القصص: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26))
نسأل الله للسودان كل التقدم والنماء ونسأل الله اقتصاداً مستقراً ونامي ..اقتصاد يحس به المواطن ليخرجه من دائرة الفقر والعدم ..حينها تمتلئ الجيوب وتنتعش الصادرات وتنخفض نسبة الفقر بالسودان، ونرمي همومنا في البحر لتأكلها حيات البحر ونغني جميعاً :
نيلك أرضك زرعك
ناسك أصلك فرعك
بحبك مما قمت ..أحبك حتى الآن أحبك يا سودان
همي أشوفك عالي ومتقدم طوالي
وما بخطر على بالي
غير بس رفعة شأنك وتقدم إنسانك