رأي

النشوف اخرتا

قايلني هندي

سعد الدين ابراهيم

كنا زمان في أم درمان القديمة نبادر إلى من يريد استغفالنا بعبارة (قايلني هندي).. ربما كان السبب ليست الغفلة لكن لأن هنود أم درمان كانوا آية من التسامح والنأي عن المشاكل لذلك وقفوا في منطقة لا تتيح أكثر من الرفقة في الوطن بعكس (اليمانية) مثلاً.. فقد تداخلوا في المجتمع وتصاهروا وذاب بعضهم في ثنيات المجتمع السوداني ربما بسبب العامل الديني والثقافي.. أكثر ما كان يميز أم درمان قبول الآخر سواء كان الآخر من داخل الوطن بثقافة مميزه أو كان من خارج الوطن.. تميز هنود أم درمان بتجارة الأقمشة والبخور والند وتميز اليمانية بالعمل في (الدكاكين) أو البقالات حتى ارتبطت المهنة هذه بهم.. فكنت حين تقول ماشي (اليماني) فهذا يعني أنك ماشي الدكان.. ومن طرائف ذلك إن بعض السودانيين في أفريقيا الوسطى عملوا بحوانيت ودكاكين مماثله مما حدا بعائد من هناك أن يقول: (السودانيين في أفريقيا الوسطى كلهم يمانية)..
الآن إذا قال لي أحدهم قايلني هندي.. أقول ياريتك هندي الهنود هسة هنود السرور.. الهنود بازدحامها وفقرها استطاعت أن تصمد وتتطور فأصبحت على سبيل المثال لا الحصر الآن تمتلك مجالات الصناعة والتنمية البشرية وتتحكم في أهم أدواتها فتمكنت من صناعة (البرمجيات) وهي من أهم المؤشرات في نهضة الدول والدليل على تقدمها.
وقبل ذلك امتلكت الهند سفن فضاء “آي والله” وصواريخ عابرة للقارات.. بل الأقمار الصناعية.. والأسلحة النووية.. وقد شهدت شوارع العاصمة عربات ومواتر هندية الصنع  وعربات فخمه باهظة الثمن بجانب الرقشات فهم أسيادها.. بالمناسبة نحن نستخدم الرقشات استخداماً سيئاً ونقصر حركتها على الأماكن البعيدة عن الأسواق والوزارات والمطار.. مع أن الحاجة إليها في هذه المناطق هي الملحة.. انظر الحركة مثلاً من الخرطوم شرق إلى غرب أو إلى العربي أو من سانت جيمس إلى شارع الحرية.. وانظر الزحام.. هنا الرقشة ضرورة لأنها قادرة على السير في الأزقة وتستطيع تجنب الزحمة المرورية.. في الهند الرقشة تعمل في المطار ونقل المسافرين والعائدين .. خاصة إن كانوا يحملون عفشاً بسيطاً .. الرقشة في الهند وسيلة محترمة يستخدمها حتى سراة القوم.. حتى أنها دخلت أفلام “جيمس بوند”.. وهي في الأفلام الهندية عادية الاستخدام حتى في المطاردة في أفلام (الآكشن).
اقرأ معي ما كتبه عنها محرر مجلة (العربي) الكويتية قبل عشر سنوات في استطلاع عن الهند.. وبعد ذلك دعونا (نبغر) شوية .. وكلمة البغر التي أعنيها التي ترد في عبارة “حاسد ولا بغران” المهم كتب “زكريا عبد الجواد”:
فالهند الآن دولة تمكنت ليس فقط من تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الحبوب بعد استخدامها أساليب الثورة الخضراء، بل أصبحت أكبر منتج للقمح على مستوى العالم خلال السنوات الأخيرة وفي حين ركزت القوى الاقتصادية الآسيوية على صادرات الصناعات التحويلية اختارت الهند أن تصبح أولى هذه القوى التي تعتمد على تنمية مدفوعة بقوة التكنولوجيا.. والأمر المثير للغرابة هو أن تتمكن الهند من تحقيق هذا النجاح المدوي دون الحاجة لاستثمارات كبرى وعلى الرغم من سوء أحوال الطرق والموانئ والمطارات فيها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية