مسألة مستعجلة
عندما يقيل المواطن الوزير !!
نجل الدين ادم
احتفت وكالات الأنباء أمس بشكل ملحوظ بخبر إعفاء وزير الصحة السعودي بموجب قرار صادر من خادم الحرمين الشريفين الملك “سلمان بن عبد العزيز”. أهمية الخبر والرواج الواسع الذي حظي به تكمن في أن قرار الإقالة أو الإعفاء هذا جاء على خلفية ما تناقلته وسائط التواصل الاجتماعي من تفاصيل مشادة كلامية بين وزير الصحة السعودي وبعض المواطنين أثناء زيارة ميدانية للوزير إلى إحدى المستشفيات وأحدهم يشكو له بمرارة عن تردي الخدمات الطبية بالمستشفيات الحكومية. المتداولون لمقطع الفيديو طالبوا خلال مداخلاتهم بمحاسبة الوزير نظراً إلى أنه لم يتعامل مع الموقف بصفة المسؤول على صحة المواطنين. وقد لاحظت وأنا أشاهد مقطع الفيديو محاولة البعض من حاشية الوزير إسكات المواطن الغاضب من عدم تفاعل الوزير مع شكواه ــ التي يصر على تعديدها من تشخيص وأخطاء طبية ــ بالقدر المطلوب !!.
خيراً فعل خادم الحرمين الشريفين وهو يصدر قراراً جريئاً على وجه السرعة لينتصر للمواطن البسيط، وكذلك ليرسل رسالة للجميع بأن إعمال العدالة والمساواة أمر لا تحول بينه المناصب والسلطات. وقد وضح جلياً أن الاهتمام بردة فعل أعلى سلطة في السعودية وهو الملك وجد اهتماماً أكبر من الحدث نفسه والوكالات تحتفي بصورة كبيرة بالخبر لا لشيء سوى أن الملك تعامل مع هذه المظلمة بما تستحق.
من خلال هذه الواقعة تأكد أن المواطن نفسه يمكن أن يشكل رقابة على الجهاز التنفيذي، فما قام به نفر من المواطنين السعوديين بتسجيل المقطع وبثه على نطاق واسع لهو شكل من أشكال الرقابة التي تتيح للسلطات العليا اتخاذ القرار الصحيح وحسم أي مشكلة وهذا ما حدث بالفعل عندما تقصى الملك في أمر المقطع أصدر قراره.
نأمل أن نستفيد نحن من هذه الواقعة مواطنين وحكومة لوضع الأمور في نصبها، فتفاعل المسؤول مع مشكلة المواطن أمر ضروري وحق دستوري ينبغي أن لا تسقطه المناصب الدستورية والقيادية مهما كان لأنه من الضروري أن يعلم المسؤول أنه شخصية عامة ومن حمله إلى هذا المنصب هو المواطن البسيط الذي يكون في انتظار خدمة بسيطة قد يحول بينه وبينها موظف صغير، عليه فإن مباشرة المسؤول أو الوزير بنفسه بالزيارات الميدانية يمكن أن تكفينا كم هائل من التجاوزات والبيروقراطية القاتلة التي تقع في حق البسطاء من طالبي الخدمة من مرضى أو ذويهم، نحتاج لقدر أكبر من الحيوية بالنسبة للمسؤولين ليخرجوا من مكاتبهم ويكونوا بين الناس يستمعون إلى مشاكلهم بإصغاء ليجدوا لهم الحلول المعالجات، فكم من أخطاء طبية وقعت عندنا دونما مساءلة وكم من مريض ظل مهملاً إلى أن لقي حتفه بسبب تباطؤ من قبل كوادر طبية وسيطة أو أطباء يعملون بمعزل عن أي رقابة عليا من مدير أو وزير. أعتقد أن الوزير السعودي برغم اجتهاده في الوصول إلى البسطاء إلى المرضى وهذه تحسب له، إلا أنه أخطأ في التعامل مع شكواهم واحترام إنسانيتهم، أما نحن فبحاجة إلى مثل هذه الزيارة الميدانية للوزير السعودي. وفي المقابل بحاجة إلى أن يتفاعل المسؤولون مع هموم ومشاكل المواطن البسيط، فقرار الملك كان رسالة بأن مواطناً يمكن أن يقيل الوزير إذا أخطأ.