الدوائر المفرغة.. صيغة النصر الكاذب!!
بقلم – عادل عبده
الدوائر المفرغة نموذج إنقاذي موغل في الدهشة والغرابة، ويحمل مفاهيم سالبة لا تخدم الواقعية والشفافية على ملامح العملية الانتخابية بكل مستوياتها، بل ربما لا توجد صورة مطابقة على نمط هذه الخطوة التي جاءت من دهاقنة السلطة على مستوى جميع الدول الأخرى التي تمارس عملية التنافس الديمقراطي.. فالدائرة المفرغة صيغة واضحة المعالم ترتكز على إعانة الحزب الحليف من قبل المؤتمر الوطني خلال الانتخابات القادمة في الدوائر الجغرافية على نطاق البلاد.
ما هو سر هذه المكرمة الإنقاذية التي ستسوق هؤلاء الحلفاء والسياسيين إلى البرلمان في خطوة واثقة من خلال هذا السيناريو المرسوم؟ فالمؤتمر الوطني وزع أريحيته الباذخة بمقدار (30%) على بعض المرشحين الذين فُرغت لهم تلك الدوائر الجغرافية في أحزاب الاتحادي الأصل والاتحادي المسجل وأنصار السنّة وأحزاب الأمة التي يقودها الدكتور “الصادق الهادي” و”مسار” و”نهار” و”بابكر دقنة”، فضلاً عن كل الذين يدخلون في هذه التوليفة التحالفية! هؤلاء هم الآن ربما يكونون برلمانيين قبل أن تنتهي صافرة التحكيم!! فالمؤتمر الوطني الذي يظهر في الساحة كأنه قد وضع نتائج الانتخابات القادمة في جيبه ويعرف تماماً إدارة الميكانيزم والتروس التي تحقق له ما يريد ولا يمكن أن يطيش سهمه ويرتطم بالعارضة!!
نحاول مرة أخرى إضاءة المصابيح على أبعاد هذه المكرمة العالية.. ربما تدخل هذه الأريحية من باب الزهو بالسلطة علاوة على تقوية الحبل المتين مع هؤلاء الحلفاء الذين لا بساط لهم سوى ظل المؤتمر الوطني الظليل، فالحزب الحاكم بحكم التطورات الآنية صار يريدهم في هذه المرحلة حتى لا يظهر في منضدة الحكم وحيداً بعد أن تعذرت مشاركة الإمام “الصادق” والدكتور “الترابي” التي كانت ستعصف بمصير الكثير من هؤلاء الحلفاء لو حدثت!! لا يفوتنا التذكير بأن المؤتمر الوطني قرر هذه المرة تفادي الخطأ الجسيم الذي وقع في الانتخابات السابقة عندما اكتظ نوابه في البرلمان السابق بصورة ضربت التوازن السياسي المطلوب.
مهما يكن، فإن هنالك ضربة حظ وأهداف براغماتية، فضلاً عن انهيار سيناريو مشاركة الإمام “الصادق” والدكتور “الترابي” قد عجلت بقيام هذه الدوائر المفرغة في وضح النهار.. إنه عرس مجاني وأنواط جدارة في الفاترينة تنزلت على هؤلاء الذين فُرغت لهم تلك الدوائر الجغرافية.
في التعريف العميق والحديث للمنافسة السياسية في إطار القاموس السياسي المواكب يقال عن الدوائر المفرغة أنها تحمل صيغة اللطافة النورانية إذا كانت قائمة على النزاهة والصدق، وبذات القدر فإنها تحمل صيغة الكثافة الطينية إذا كانت ترتكز على التضليل والخداع، فالشاهد دون تدليس ورتوش أن الدوائر المفرغة مهما كانت أهدافها ومراميها فإنها تلامس التوصيف الأخير، فهي ترجمة واضحة تعكس صيغة النصر الكاذب.
على المستوى الشخصي، ما زلت مندهشاً ومستغرباً الدعاية الانتخابية المبرمجة والكرنفالات المنتظمة التي يقيمها أصحاب الدوائر المفرغة ما دام غطاء الشفرة منزوعاً!! بل لماذا إهدار الأموال والوقت بتلك الصورة في الأشياء المضمونة؟ وأيضاً لماذا الاختباء وراء قناع من زجاج؟!