لا للتغيير!!
حتى شهور قريبة كانت الساحة السياسية تضج بالمطالبة بالتغيير والتجديد.. وارتفعت سقوفات الأحلام بأن الحكومة مقبلة على عهد جديد.. وصفحة أخرى.. وأن الشخوص الذين مكثوا في السلطة لربع قرن من الزمان قد آن لهم إخلاء مقاعدهم الوزارية لصالح التيار الشبابي.. ووجد الرئيس “عمر البشير” نفسه في خضم مطالب بتجديد دماء حكومته بما يحقق مقاصد التغير التي دعا إليها بنفسه.. وعدد قليل جداً من أهل البصيرة دعا لتجديد السياسات قبل الشخوص.. ولكن لم يصغِ لهؤلاء أحد.. وتمت (شخصنة) التغير (يذهب فلان ويبقى علان).. فانصرف جيل من الحكام لسبيلهم وجاء آخرون ولكن ظلت أزمات البلاد تراوح مكانها.
ذهب مع دعوات التغيير “علي عثمان” ود. “نافع” و”الحاج آدم” و”عوض الجاز” و”علي محمود” و”أحمد إبراهيم الطاهر” و”أسامة عبد الله”.. و”كمال عبد اللطيف” و”كرمنو”.. وجاء “بكري” و”مكاوي” و”السميح” و”الفاتح عز الدين”.. والآن يودع الوزراء مقاعدهم في انتظار نتائج الانتخابات التي ربما أعادت توزيع مراكز السلطة جزئياً على المستويات الدنيا حيث يخوض حلفاء المؤتمر الوطني الانتخابات البرلمانية.. ويتنافسون على الدوائر الخالية من مرشحي المؤتمر الوطني.. ويخوض الاتحادي (الأصل) والاتحادي المنشق معركة ضارية في الحصول على مرتبة الحزب الثاني في الحكومة.. وينافس “بحر إدريس أبو قردة”.. د.”التيجاني سيسي” على الدوائر الجغرافية في بعض ولايات دارفور، ويحتدم التنافس بين حزب الأمة (نهار) وحزب الأمة د. “الصادق الهادي” في دائرة وحيدة بالجزيرة أبا.. ولن يجد المؤتمر الوطني مشقة في الحصول على أكثر من (70%) من مقاعد البرلمان القومي و(60%) من مقاعد المجالس التشريعية في الولايات.. ويقع على عاتق الرئيس “البشير” تشكيل الحكومة القادمة.. وسط مطالب (بتثبيت) التشكيل الحالي من الوزراء على الأقل لعامين قادمين.. وفي كرة القدم يقولون إن ثبات التشكيل وانسجام اللاعبين هي القاعدة التي يستند عليها الفريق لتحقيق الانتصارات على المنافسين.. وإذا كانت كرة القدم تعتمد على الجماعية في الأداء مع بعض الاستثناءات في المهارة الفطرية لبعض اللاعبين فإن أداء الحكومات أيضاً يرتبط بالانسجام بين مكونات الجهاز التنفيذي. وأغلب وجوه الجهاز التنفيذي الحالي من القادمين حديثاً لواجهة العمل التنفيذي.. ولم يتحقق بعد الانسجام المطلوب بين الوزراء ووزراء الدولة وأي تغيير في الوقت الراهن تترتب عليه تبعات مالية على خزانة منهكة أصلاً.
وحكومة “البشير” الحالية لم تقدم نجماً كبيراً يلفت الأنظار باستثناء بعض الإشراقات هنا.. وهناك.. ولم يثبت التيار الشبابي الذي تسنم القيادة أقدامه باستثناء عدد محدود جداً.. مثل وزير الدولة بالإعلام “ياسر يوسف” ووزير الدولة بالقصر “فضل عبد الله” ووزير الدولة بالدفاع الفريق “يحيى محمد خير”.. وأي تغيير أو تعديل كبير في طاقم المؤتمر الوطني على الأقل في الفترة القادمة قد لا تترتب عليه النتائج المرتجاة.. وحتى الولاة الذين من أجلهم تم تعديل الدستور فإن غالبيتهم لن يطالهم التبديل، وقد تعهد الرئيس حتى الآن أمام جماهير حزبه بالإبقاء على ثلاثة منهم.. “إيلا” و”هارون” و”عبد الرحمن الخضر”.. وهناك ثلاثة آخرون سيتم التجديد لهم لدورة قادمة.. إذن التغيير القادم محدود جداً ولن يتعدى بضعة وجوه في المركز والولايات.. ولكن التغيير المنتظر والمطلوب بإلحاح شديد هو تغيير السياسات والبرامج التي تؤثر على حياة الناس.. وتغيير الأحزاب المتحالفة مع المؤتمر الوطني لوجوه بعض قادتها من الشيوخ الذين يتعثرون في الطرقات بسبب كبر السن والمرض.. وأشياء أخرى.