(المجهر) تواصل سلسلة حواراتها الفكرية، مع د."أمين حسن عمر" (1ـ 2)
*إن كان الإسلاميون قد فشلوا، فمن الذي نجح؟
*قد تتشابه المرجعية الإسلامية للدولة مع مرجعيات علمانية أو مجوسية
*تسمية الدولة بالإسلامية مجرد تسمية تعبوية .
*لن أتحدث عن إخفاقات الإنقاذ ،حتى لا يقال (شهد شاهد من أهلها) ..!
* (…. ما في حاجة اسمها مفكرين ….!)
* وزراؤنا أفضل من أي حكومة سابقة بمعايير الأمانة
حرصت حكومة الإنقاذ الوطني منذ بيانها الأول على الإشارة إلى أنها دولة إسلامية وأنها ستتعاطى السياسة من البوابة الفكرية والفقهية، التي انتهجتها الدول الإسلامية من قبل. وقد لا يختلف المهتمون بالقضايا الفكرية مع هذا الطرح، باعتبار أن الفكر هو المدخل الأساسي لتأسيس خطط الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لكن من شأن هذه الإشارة أن تعيد للساحة السياسية جدلاً قديماً : هو هل هناك، ابتداءً، تصوراً لهذا المسمى (دولة إسلامية)؟ وهل هناك منهج لحكم إسلامي، أصلاً، أم أن هناك مجرد تصورات تبلورت في الأذهان، وفشلت عند مرحلة التطبيق؟
بعض المفكرين يرون أن هناك تصوراً وشكلاً للدولة الإسلامية، ويدللون على ذلك بدولة الخلافة الراشدة، فيما أكد آخرون على أن الدولة هي الدولة، مهما اختلفت مسمياتها . واعتبروا أن لكلٍ فكراً، ومنهجاً ومبادئ، قد لا تختلف كثيراً عن الأخريات .
(المجهر) فتحت ملف الحوارات الفكرية المتعلقة بالحكم، وأجرت سلسلة من الحوارات، ابتدرتها بالإسلاميين على خلفية تجربة حكمهم . ضيفنا في هذه الحلقة، دكتور “أمين حسن عمر” والذي يعتبر من الشخصيات التي شاركت في صياغة المنهج الفكري والثقافي لدولة الإنقاذ. وخلال هذا الحوار قدم أفكاراً جريئة حول مشروع الدولة، ومرحلة التطبيق.
فيما يلي نص الحوار:
حوار- فاطمة مبارك ـ عقيل أحمد ناعم
*على ضوء الاختلافات على شكل الدولة الإسلامية، دعنا نسأل عن حقيقة وجود تصور لدولة إسلامية، ابتداءً؟
-الدولة هي الدولة في كل الأحوال، مقوماتها أن يكون هناك جماعة وطنية متصلة ببعضها البعض، منحصرة في جغرافيا معينة لديها مقومات المعاش، وترتيب لتنظيم حياتها متفق عليه، بعد ذلك قد تصبح مجوسية، أو إسلامية أو لا دينية، لكن في النهاية هي دولة، والدولة التي يتحدثون عنها، بشكلها الذي يسمى national state أي الدولة الوطنية، هي تطور جديد.
لكن الدولة بمعناها المعاصر أو حتى غير المعاصر هي أشبه بالإمبراطورية رغم أن حدودها الجغرافية والديموقرافية مفتوحة، لكن في النهاية هي دولة مادام هناك توافق. والتوافق ليس بالضرورة أن يتم بالاتفاق، أحياناً يتم بالسكوت، والقبول الذي ليس بالضرورة أن يكون بالرضا، أحياناً يبنى على التسليم. ففي كل الأحوال يكون هناك كيان جغرافي ديموقرافي مستقر على أوضاع منتظمة، لتسيير الأمور. والدولة بهذا المعنى مرت بطورين city state وهي دولة المدينة، ثم من بعد ذلك الدولة الموسعة التي كانت أشبه بالإمبراطورية، ودولة المدينة كانت تشبه الدولة في زمنها .
{ماذا عن الدولة الإسلامية تحديداً؟
-الدولة الإسلامية مثل أي دولة، تتطور أحياناً بالاتساع أو الضيق، وبطريقة تشكيل السكان. الدولة الإسلامية ليس لها خصوصية إلا في مرجعيتها، وكل الدول لها خصوصيات في مرجعياتها، فمثلاً الهند يقال إنها دولة علمانية، وهذا فيه كثير من التجاوز . لكن الثقافة الهندوسية هي الموجه تقريباً لتشريعات الدولة وأعرافها الناظمة لمجتمعاتها. وهذا أمر طبيعي لأن الأغلبية لديها القدرة على أن تسم الحياة، حتى الثقافية التي ليس فيها إكراه، بميسمها.
{لكن الدولة المسماة إسلامية لها قيم محددة، تجعلها مؤهلة للاتصاف بهذه الصفة، مثل العدالة والمساواة والطهارة وغيرها، وأحياناً تغيب عنها هذه القيم. فكيف يستقيم عند ذلك وصفها بالإسلامية؟
-كل الدول تغيب فيها هذه المفاهيم، لماذا المحاكمة للدولة الإسلامية؟ هناك دولة مسيحية تغيب فيها القيم المسيحية. ودولة علمانية لديها قيم علمانية تغيب عنها هذه القيم.
{الدولة الإسلامية وفق طبيعتها ومعاييرها ينبغي أن تكون أحرص على قيمها، أليس كذلك؟
-كل أصحاب مرجعية وعقيدة وفكر يقولون نحن أولى وأصدق، وهذا طبيعي، ومن قال إن المطلوب هو أن تتماهى مع أفضل المثالات المتاحة في فكرتك، فإن هذا غير متاح أصلاً . الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم هذا، لذلك قال (لن يشادّ الدين أحدٌ إلا غلبه) سددوا وقاربوا وحددوا مقاصدكم واقتربوا نحوها.
لكن التفكير المثالي، هو الذي يعتقد أنه لابد من المطابقة، مع أنه على مستوى الشخص فإن الاستقامة التامة غير ممكنة . فكيف يمكن أن نتصور ذلك مع أشخاص كثر ومتنوعين ومختلفين في توجهاتهم؟ وتأتي لتحاكمهم جملة واحدة، وإذا أخطأ أحدهم، يقال إن الدولة تلام على خطأ الفرد . كذلك الناس يتحدثون عن المؤسسات كأن لها شخصية مختلفة من شخصيات الأفراد، الذين يكونونها . صحيح هي في النهاية كشخصية اعتبارية، جماع هذه الشخصيات، بالإضافة إلى نظام العمل المتوافق عليه. لكن ليس بالضرورة أن يكون منطبقاً مع مشيئة أي فرد، وهو المشيئة الجماعية، لكن في النهاية، فإن هذا الأمر غير مثالي.
{ لازال السؤال قائماً هل هناك تصور محدد لدولة إسلامية؟
-الدولة ليست نموذجاً هندسياً لبناء بيت أو عمارة، الدولة كيان متطور في أطره وقيمه، كأنك تعمل (تصميم اقتراحي) وتطوره في كل لحظة، عندما تكون هناك أفكار طرأت، أو حقائق لم تكن موضوعة في الاعتبار، طبيعة المؤسسات الإنسانية، ومنها الدولة ينبغي أن تستجيب لوقائع حال الناس الموجودين فيه، واحتياجاتهم إذا كانت صحيحة أو متوهمة، في النهاية، هي معطى ضروري يؤخذ في الاعتبار، فهل هناك مؤشرات قواعد ناظمة ومقاصد لأي مؤسسة؟ نعم. هذا موجود في القرآن، هناك مقاصد وقواعد ناظمة وقيم سياسية، لذلك نقول هناك مرجعية إسلامية للدولة، وأحياناً تتشابه هذه المرجعية مع مرجعيات أخرى، حتى أحياناً تكون مجوسية أو يكون بعضها علمانياً، لأن الأخلاق ليس قوامها- كلها- على فكرة دينية، أحياناً تكون على فكرة فطرية، والفكرة الفطرية يمكن أن تتعايش مع العلمانية والمجوسية، لذلك فإن وجود تشابه بين فكرة دينية وفكرة لا دينية أمر طبيعي، لأن ابن آدم لا يمكن أن يمسح كل شيء ويبدأ من الصفر . الأديان بدأت من الفطرة فالناس، أولاً، لم ينزلوا بدين نزلوا بآدم وحواء (قلنا أهبطوا منها جميعاً). ينزلون على فطرتهم، مثل أن كانوا في الجنة على فطرتهم، إذا (لخبطوا) يأتي الهدى. وهذا دلالة على أن الهدى ينزل عندما يحصل الضلال. الأصل أن ينزل الإنسان ويتصرف بمشيئته. وإذا طابقت المشيئة الإلهية فهذه هي الاستقامة. وإذا انحرفت، هناك هدى. لذلك فإن الأصل في التكاليف هو أنها تبدأ بالمكلف ولا تبدأ بالنص، مثل ما هو سائد في عقول كثير من الإسلاميين بصورة خاطئة، أن هناك نصوصاً نريد تركيبها في حياة الناس بصورة خاطئة. فالبداية هي حياة الناس وعندما يحصل لهم نوازل ومشاكل، أو أشياء جديدة في حياتهم فإنهم يستلهمون النص الرشيد من نصوص الكتاب والسنة.
{هل يمكن أن نستغني عن تسمية الدولة بأنها إسلامية أو عن نسبتها إلى الإسلام؟
-لا نستغني عن نسبتها إلى الإسلام، لكن يمكن أن نستغني عن تسميتها. هناك فرق بين النسبة والتسمية، النسبة تعني أنها مرتبطة بفكرة، إذا لم ترتبط بفكرة إسلامية سترتبط بفكرة أخرى. ونسبتها للفكرة تأتي من اعتبارات كثيرة أولها أن هؤلاء الناس يسمون أنفسهم مسلمين، وهذا يعني أنهم يريدون أن يكونوا مسلمين (يأيها الذين آمنوا) . وفي هذه الحالة لابد أن تتسق تصرفاتهم كأفراد وجماعات مع الإسلام، وطبيعي أن تكون جماعتهم ودولتهم وأسرهم إسلامية، ونحن لا نسمي الأسرة أو الجمعية إسلامية لكن نسمي الدولة إسلامية، وهذه تسمية تعبوية، لأننا نشعر أن هناك قوى أخرى تريد حرماننا من التماهي مع الإسلام. ونحن من باب الإثبات نريد أن نقول نحن دولة إسلامية، وإلا لم تكن الدولة العباسية والأموية ولا الراشدة تسمى دولة إسلامية، والشيء الذي نصر على ذكر الاسم فيه، هو الذي يشعر الناس بأن الحال فيه لا يعبر عن المعنى بالقدر الكافي، على الأقل، لو كانت المجتمعات إسلامية والدولة إسلامية بالقدر الكافي لما احتاجت أن تضع أمامها وصف إسلامية، لأنه سيأتي من الحال وليس من المقال.
{هل ينطبق هذا الكلام على الإنقاذ، كمثال، بأنها فشلت في تطبيق القيم التي تؤهلها لتصبح دولة إسلامية؟
-هذا الكلام أشبه بالجدل السياسي العقيم، الفشل والنجاح حالة مستمرة والناس يخلطون بين مفردة فشل وإخفاق، الفشل يعني أنك متقدم نحو مقصد، وأقعدت بك الهمة أو الوجهة عن وصوله، أما الإخفاق يعني أنك تصل المقصد لكن لا تستطيع أن تحصل عليه، (لقد همت طائفتان أن تفشلا)، وإذا كان الفشل بهذا المعني فهو عند كل إنسان، لأن عنده ثورة نشاط وهمة، أحياناً تزداد وترتفع، وأحياناً يصاب بحالة من الخمول والفشل من أن يبذل غاية الوسع. والفكرة الإسلامية قائمة على أن النجاح مرتبط ببذل غاية الوسع، للوصول للفكرة السليمة والحكم الراشد والجهاد هو أن تبذل غاية الوسع حتى تحصل على نتيجة من عملك المقصود، ذلك أن أي تجربة معرضة لأنواع وأنماط من الفشل في مجالات مختلفة، تنجح في مجالات وتفشل في أخرى، الشعور بأن هناك طائفة من البشر ـ إذا سميتها اشتراكيين أو إسلاميين ـ معصومة من الخطأ، فهذا دليل على أول علامات الخطأ. عموماً، عندما يقولون إن الإسلاميين فشلوا (طيب من الذي نجح؟)، وإذا كان الفشل تكرر من الجميع، فإما أن نقول هي ظاهرة طبيعية عند كل الناس، أو إذا كان الفشل من ناس في بيئة معينة، أن نقول هذا الفشل له علاقة بالبيئة الطبيعية، أو له علاقة بالبيئة الاجتماعية. لذلك فالسياسة من غير comparative study (دراسة مقارنة) لا تستطيع أن تصل إلى أحكام، لأن الأحكام القطعية المثالية ليس لها علاقة بالسياسة، والسياسة ليس لها علاقة بالمثاليات، وإنما لها علاقة بالممكنات.
الإشكال هو أن الحوار الذي يدور في الساحات السياسية سطحي وليس عميقاً ولا مخلصاً.
{ هل هو تبرير لما يمكن تسميته بفشل التجربة الإسلامية في السودان؟
-أنا أولاً متحفظ على القول وكأن في السودان التجربة كانت فاشلة، ونريد أن نبحث عن جوانب توضح أسباب الفشل، هذا تفسير متحيز. التجربة في السودان نجحت في جوانب وفشلت في جوانب . وهذه ظاهرة طبيعية ويمكن أن تكون نجحت في جوانب أقل مما فشلت، أو فشلت أقل مما نجحت، البحث الموضوعي، هو الذي يقرر وليس الأحكام المتحيزة.
{ولكن الواضح والحكم السائد هو أن التجربة فشلت؟
-هل نظرتم إلى الـ25 عاماً من عمر الإنقاذ، أم أنكم أصلا متحيزون أو كسالى لا تريدون معرفة العوامل الداخلية والخارجية، ومن أين بدأنا؟، هذا أمر معقد وليس بهذه البساطة . الشخص الكسول فكرياً يقول هؤلاء فشلوا … يقال قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة. فهناك قاض من البداية يعرف الحق ويظلم والقاضي الثاني الذي هو أيضاً في النار لأنه لا يجتهد في طلب الحق ليعرفه، صحيح، الأول يمكن أن يكون في الدرك الأسفل من النار، والثاني في النار أيضاً. قد يكون في الدرك الأعلى، وهذا لا ينطبق على القضاة فقط، وإنما على كل إنسان يصدر حكماً (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14))، هم يعرفون الحقيقة، لكن جحدوا بها . هؤلاء في الدرك الأسفل من النار. وهناك آخر لا يريد إتعاب نفسه في طلب الحق، ومصر أن يكون حاكماً.
{ لكن لا يمكن إنكار أن الفشل أكبر من النجاح؟
-الحكم العمومي هناك تهمة حوله أنه غير موضوعي، لكن إذا حددنا موضوعاً معيناً، مثلاً، الانتقال السلمي للسلطة، ففي هذه الحالة نأتي بالمعطيات، ونعمل المقارنات ومن ثم نأتي بالنتيجة. ونعرف إذا كانت هناك مشكلة في إنعاش جانب من جوانب الاقتصاد، الآن. هل هناك شخص يقول إن الإنقاذ فشلت في جانب من جوانب الاقتصاد الكلي؟ من يقول ذلك يكون غير موضوعي ومغالطاً للأرقام، في 1989 (البير كبيتل) كان (600) دولار والآن أصبح (1400) دولار، هل هذا نجاح أم فشل، إلا أن يكون هناك من يتمنى أن يصل (10.000) وهذه (ستكون أمنية ساكت). لابد من تحديد ظاهرة معينة ومن ثم اختبارها.
{المحاكمة تأتي من الاستناد على المرجعية والمعايير الإسلامية التي اعتمدتها الإنقاذ؟
-هل “الصادق” و”الميرغني” يوافقان على أنهما غير مستندين على مرجعية إسلامية؟ هذا افتراض.
{على الأقل ناس الإنقاذ يفترضون أن مرجعيتهم إسلامية ؟
-“الصادق” كذلك يفترض أنه يستند على المرجعية الإسلامية…
{هذا يفترض أن تكون معايير الإسلاميين صارمة أكثر من غيرهم؟
-هذا ليس صحيحاً، فأنت لا يمكن أن تقول أنا المهدي المنتظر، وأحاكمك كمهدي منتظر، وإنما سأحاكمك بمعايير العدل المتوافق عليها بين الناس، أما أنهم يدعون ادعاء، فكل الناس يدعون إدعاءات. وإذا كنت في مجال أكاديمي علمي بحثي لا يستخدم فيه كلامي استخدامات سياسية، ليقال (شهد شاهد من أهلها)، كان يمكن أن أعدد لك جوانب كثيرة من الإخفاقات، وجوانب من التراجعات حتى من base line الخط الأساسي التي كانت موجودة في العام 1989 ولكن لن أقول لك لأني موجود في السياسة، وسيستخدم هذا الكلام. وإن ذكرت لك جوانب من النجاحات بناءً على الخط الأساسي لن يعتبروها نجاحات وسيعدونها كلاماً متحيزاً، لذلك دائماً يكون هناك حذر عن الرأي، غالباً عندما تتقاعد ويمر وقت من الزمن أو يطول بك العمر، تستطيع أن تفضفض بكل الآراء، لكن أنت في ساحة تستخدم فيها الأسلحة المختلفة بغير ورع، لذلك نتحفظ، للأسف الشديد، لكن عندما نكون داخل بيتنا ونغلق علينا الأبواب لا نتحفظ، ويكون هناك نقد وصراحة، أحياناً خارج البيت نتحدث بصراحة، إذا رأينا أن هذا الرأي ضروري أن يسمع في الخارج حتى يشكل ضغطاً.
{ بصراحة ألا تشعرون أن غالب الشعب يحكم عليكم بالفشل؟
-هذا افتراض، الافتراض المجاني لا قيمة له لابد أن تكون هناك دلالات وظواهر، وإلا ستضيع عمرك كله في الافتراضات. كيف يقال إن غالبية الشعب السوداني يعتقد أن الإنقاذ فشلت؟ هذا افتراض.
{ حتى لو تعاملت معه كافتراض لا يمكنك تجاهله؟
-الحديث عن أن غالب الشعب يرى أن الإنقاذ فشلت هو أمنية بعض الناس. طيب نعتبره افتراضاً (مين الشعب السوداني؟ الأطفال أم الكبار؟)، الذين سجلوا في السجل الانتخابي كانوا (13) مليون، والذين حضروا مؤتمرات المؤتمر الوطني أكثر من (6) ملايين، أليس هؤلاء أغلبية الشعب السوداني؟ هذا ليس كافياً بالضرورة، أنا عضو في المؤتمر الوطني ولدي رأي سيئ، لكن ليس على الكل، أحياناً حتى إذا حدث لك نوع من عدم الرضا من فكرة أو جماعة معينة، لا يكون هناك بديل إلا لفكرة أو جماعة أقل منها، لذلك ترابط في فكرتك وجماعتك، هذه هي السياسة أن تتعامل مع الواقع، وليس أن تخرج لمجرد أن هناك شكلاً من أشكال السياسات أو الممارسات لم تعجبك. وكثير من الناس إذا رأوا شخصاً انتقد ظاهرة يقولون إنه سيستقيل من حزبه أو يقولون إن المفكرين كلهم خرجوا…. (ما في حاجة اسمها مفكرين، كل الناس مفكرون..) يمكنك أن تتحدث عن مفكرين لشيء مطبوع أو منشور لكن كل الناس مفكرون، إذا كان هناك إنسان غير مفكر فهذا يعني أنه غير مكلف أو مجنون .
{إذا حاكمنا الإنقاذ بمعايير الطهارة والعدالة، لا يمكن أن نحكم عليها بالنجاح، أليس كذلك؟
-هذا كلام عمومي (ياتو معايير ؟وياتو إنقاذ؟ ) هل نحن نتحدث عن طبقة الوزراء أم الوكلاء أم كبار الموظفين أم نتحدث عن سوق الله أكبر والكسر؟
{نتحدث على المستوى السياسي، الوزراء والحكومة والحزب الحاكم؟
-بأي معيار؟ إذا كان بمعيار الأمانة فأعتقد أن وزراءنا أفضل من أي حكومة سابقة، كأفراد. بالنسبة لمعيار الكفاءة لا أستطيع أن أزعم الأفضلية، في كل الأحوال هناك معايير، عندما أقول حكماً، لابد أن أذهب للتفاصيل، واحدة من عيوب الإنقاذ في الفترة الأخيرة، أنها بسبب الضغوط الداخلية والخارجية، لجأت إلى كثير من التسويات، ودائماً في المسؤوليات العامة تكون على حساب المعايير.
{يفترض أنك تحتكم لمبادئك، لا تقارن نفسك بالآخرين؟
-هذه هي السياسة. أنا إذا غادرت سيأتي أسوأ مني أو أحسن. وإذا ذهبت وجاء الحزب الشيوعي أو حزب البعث، ألا يهمني ذلك؟ لذلك المقارنة أمر جوهري.