ذكرى "شمس الدين"
يوم أمس كان الموافق الرابع من أبريل وفي مثله من العام 2001 احتسبت البلاد شهداء طائرة عدارييل يوم أن ارتقى الشهيد “إبراهيم شمس الدين” و”خليفة” و”قاسم و”قرنبع” و”أبو فاطمة” و”عربي” وآخرون معهم مقاماتهم علية ومحفوظة في يوم عاشوراء. هل يذكر الناس أولئك الناس!، أم أن سنة النسيان والتناسي قد فعلت فعلها فما عاد البعض يملك حتى ولو وقتاً بسيطاً لمجرد الدعاء ولو لنفر فدى هذه البلاد في أوقات العسرة، تقدموا للفداء من صناديد لقوات المسلحة وعموم المجاهدين فكانوا ولا يزالون غصة في حلوق الأعداء لا تزول وإخوان ثقة وحصناً أميناً وفرسان حوبة في الشدائد لا يخذلون بلدهم ومواطنيهم.
لقد اقاموا صلاة الجهاد حاضرة عند فجر الوطن الجديد، وبعد أن مال كل ذي ميلة ميله، وبان معدن البطولة أتوا على الموعد فكتبت مراسيم النصر والبشارة فدفعوا أرواحهم رخيصة في سبيل الوطن ولأنها كانت أرواح وطنيين فإن من أوجب الواجبات عدم خيانتها بالنسيان يا هؤلاء وقد قلت يوم أن قبر الإسلاميون “حسن الباقر” إن “حسن” لحق برفاق له مضوا هم بيض النوايا وبقينا نحب الدنيا والنساء ثم التيارات والأجنحة نصطنع الحزن ونمارس كذبنا الرصين ونعقف أصابعنا نهلل ونكبر. تبا لنا شاهت وجوه أكاذيب النفاق النضير. وأكرر كلامي اليوم والقوم ربما لم يتذكروا أن “شمس الدين” كانت ذكراه بالأمس.
إن الوفاء لتلك الأرواح إنما يأتي بالوقوف بصرامة في وجه كل قوى الشر المسلحة وغير المسلحة المتكسبة بقضايا المساكين والضعفاء والمواطنين واسم البلد العظيم وهي قضايا وهموم يتسوق ويتاجر بها بعضا من الذين جعلوا من النضال مهنة ومورد رزق يدينون فيه بالولاء لمن ينفقون عليهم أكثر من وطنهم الذي منحهم اسمه وعلمه وتاريخه حتى عدوا أعلاماً بعد أن كان نكرات لا يأبه لهم أحد أو يعرفهم وليس المعارضين وحدهم بل حتى للحكومة والمؤتمر الوطني قد شكل غياب الصادقين معضلة إذ تقدم كثيرون وصعد عشرات تعدهم لكن لا ترى أحداً !
إن أعظم ما يمكن أن يقدم لأمثال ذكرى الشهداء والبررة الكرام ان يتعلم الجمع منهم كيف يعيش الحر هناك بقلب الحر وكيف يموت، فقد خرج هؤلاء الشهداء جميعا من هذه الفانية وكانوا قمة العطاء والتميز والتجرد ونكران الذات ولم نسمع أن أحدهم قد اعتصم في بيته لأن لعاعة من الدنيا فاتته ولم نسمع أن أحدهم قد أدخل قدمه ويده وتوقعيه في محل شبهة ولم نسمع لأحدهم جارح قول وفظ عبارة حتى في مواقيت الجدل الكبير، كانوا في كل المواجهات في المقدمة وكانوا في السلطة مثل العوام زهدا وبساطة، أفنوا وقتهم وحياتهم وبذلوا دمهم لما يعتقدون بصحته كانوا الأميز والأكثر عطاء وسهرا وخرجوا من هذه الدنيا بلا كسب إلا حسن ظنهم في الله رب العالمين.