هس .. هس !
العبارتان أعلاه أو (الهسان) استوقفاني لتصدرهما مانشيت لصحيفة رياضية قبل سنوات، فرحاً بانتصار حققه الهلال العاصمي على فريق (المهدية) أحد أندية الدرجة الثانية على ما اعتقد إن لم يكن في الدرجة الثالثة! بالطبع حينما أدركت الخدعة لم أكمل قراءة الخبر، وانصرفت متعجباً لخط عريض يصدر عن صحيفة بهذا التضخيم لمباراة بين فريقين محليين، إذ أن المطالع لصيحة الصحيفة يكاد يظن أن الهلال فاز على ريال مدريد أو برشلونة أو الارسنال في بطولة القارات وليس في بطولة محلية أو مباراة حبية، ربما لم يسمع بها حتى أكثر مشجعي نادي الهلال ولاءً يومها !
القصة برمتها ذكرتني بمهرجان رياضي أقيم قبل سنوات بأحد الولايات القريبة لأحد اللاعبين الولائيين لأنه استطاع إحراز هدف في مباراة للمنتخب الوطني السوداني في مرمى أحد المنتخبات المغمورة في بطولة سرعان ما غادرها منتخبنا البطل في أدوارها الأولى، في المهرجان تبارى الخطباء وقلد اللاعب (المنبهر) بالأوسمة والوشاحات وخطب في الجمع الكريم قادة العمل السياسي والتنفيذي والشعبي وتبرع أحدهم بقصيدة مجيدة. يومها لم استطع إمساك لساني عن التعليق والسخرية بالقول لو أن هذا اللاعب المحتفى أحرز هدفه اليتيم في البرازيل أو فرنسا أو ساحل العاج والكميرون، لصاغت اللجنة المكرمة مذكرة لرئاسة الجمهورية تطالب الرئيس والحزب الحاكم بمنح ابنهم حقيبة وزارية أو مقعد ضمن دائرة المستشارين !
إعلامنا الرياضي يبيع للناس حبوب الهلوسة، ولن يصلح حالنا الرياضي أو نتطور كروياً ونترقى في منصات التتويج طالما أن الأحبار تراق لتمجيد نمور من ورق من لاعبين وأندية يصر الإعلام أنهم بلغوا الثريا الحقيقة التي لا مراء فيها أن أندية الهلال والمريخ، عاجزة كسيحة وتسقط في الامتحانات الكبيرة ودوننا الخروج المتصل في اللحظات الحاسمة في البطولات القارية، وهذا يحدث لأن اللاعب وبانتصار صغير وكيفما اتفق يتوج ملكاً وصاحب صولجان ويمجد ويضع النقاد الرياضيون – إن صح الوصف – تلك الأندية في مقامات علية سرعان ما نكتشف حين تدق ساعة الحقيقة، أنها كانت من صنع إعلام رياضي لا فرق بينه وبين مشجعي المدرجات الشعبية، والذين وبحكم الولاء والعاطفة يظل فريقهم كبيراً وإن تذيل الترتيب بكل هزائم الدنيا ومخازي الانكسارات .
الصحفي الرياضي والإعلامي يجب أن يكون موضوعياً ويخرج للناس جرعة توعية وإرشاد بحجم الوضع الماثل أمامه، وأقول هذا وقد بدأت حمى التهييج بمناسبة مباريات الهلال والمريخ في البطولات الأفريقية، إذ أحسست أحياناً أن الفريقين يحاربان ولا يلعبان فقط في بطولة إذ بدأت عناوين عريضة في الصراخ، كما انضمت بعض الإذاعات إلى القوم فبدأت في بث الأناشيد والجلالات والحمد الله أنه غير مصرح بها باستخدام المارشات العسكرية إلا لدفعت بها وربما معها ..بيان !!