وتمضي الحياة
امال سراج
مفاصل الحياة
كيف نقضي الوقت داخل منازلنا ووسط أسرنا ؟؟؟ وبمعنى أدق كيف نعيش حياتنا ؟؟ أنا لا أتحدث عن الخطوط العريضة من أكل وشرب وتعليم وعمل .. الخ، إنما أعني التفاصيل الدقيقة والأحداث الصغيرة والتي كثيراً ما تغيب عن بعضنا حتى أنه لا يلتفت إليها وقد يكون نسيها وأسقطها تماماً من حساباته رغم أنها تتخلل حياتنا اليومية وبصور مختلفة ومرات متكررة، إن هذه الأشياء الصغيرة التي أقصدها هي (مفاصل الحياة) وهى التي تُكسب حياتنا النكهة والمرونة والطعم واللون . عزيزي الرجل أنت المسؤول الأول عن زوجتك وأولادك ووالديك وإخوتك وأخواتك وكلنا يشهد أنك تعمل وتجتهد وتكد لتوفر لهم سبل الحياة الكريمة ولكنك تقف عند هذا الحد المادي وكفى لماذا ؟؟؟ وهنالك من الاحتياجات النفسية، الإنسانية والمعنوية الكثير وهذه الاحتياجات لا تقل أهمية عن الضرورات المادية، خذ عندك مثلاً تحية الصباح والقيلولة والمساء أين هي من خارطتك الأسرية ؟؟ (صباح الخير … كيف قيلتو … تصبحوا على خير) تعابير دافئة فهي مفاصل اليوم كله صباحاً وظهراً ومساءً، وبمعنى آخر إنها اليوم كاملاً فهي أساسية في بناء أعمارنا وبالتالي حياتنا أليس كذلك ؟؟؟ وهاك الثانية يؤدي ابنك أو أخوك عملاً ممتازاً تفخر به ولكن بدون أن تبدي ذلك علانية ويؤكد لك ما قام به أنه يسلك طريق النضج وأنه في أولى خطواته لدخول عالم الرجولة، ولكن كما قلت سابقاً فإنك تخزن هذا الفخر بصدرك فلماذا لا تفرغ هذا الفخر بمسحه على رأس ابنك أو أخيك ؟؟؟ ولماذا لا يكون عمله الرائع هذا مناسبة لجلسة ود ومحادثة أسد لشبل ؟؟؟ وهاك الثالثة، تهرول إليك ابنتك أو أختك وهي فرحة بشهادة ممتازة إنه حصادها لعام كامل من المذاكرة والتحصيل بل والمنافسة الحادة القوية، فيكون استقبالك لهذه الفرحة العامرة والسعادة المتدفقة بكلمة واحدة يتيمة هي (مبروك) في حين أن بداخلك بركان من الحمد والشكر، فلماذا تخزنه ؟؟ وإلى متى ؟؟؟ دعه سيدي يتفجر، دعه يخرج، وماذا عن زوجتك وأم أولادك، أعرف جيداً أنها تغيظك أحياناً ولكن يشفع لها عطاؤها المتواصل لك وللأبناء، إنك ترى مجهودها واضحاً في ترتيب بيتك وترى متابعة إعداد الأبناء للحياة في تربية تبدأ من جرعة الرضاعة ولا تنتهي إلا بانتهاء حياة الأم فأي عطاء يساوي عطاء الأم الواعية ؟؟؟ وعند أداء زوجتك لكافة الواجبات الاجتماعية لأهلها وأهلك والمعارف والجيران، وقد تقوم بدورك في بعض الواجبات الاجتماعية فهنالك من الأعباء والمهام المختلفة التي تقوم بها زوجتك وتؤديها فلا تبخل عليها بالشكر، عبر لها عن تقديرك، عبر لها بذلك أمام الأبناء، أمام أهلها وأهلك فهذا الوسام الذي تقلدها إياه يرتفع به رأسك وتطول به قامتك، وأخيراً تذكر ولا تنسى أن أمان الأسرة يكون في تخصيص وقت خاص بها، جلسة ود وونسة، عتاب أبوي هادئ، أو تنبيه لا يحتمل التأجيل، فأمن دارك بمفاصل للحياة سلسة ومرنة لتسهل حركتها مع اختلاف مد الحياة وجزرها .
ديل أهلي :-
(القسط التاني يا أمي) هكذا نبهها وحيدها أجابته بسرعة ( كيف ياولدي طبعاً أنا ما نسيتو؟؟ ) فمنذ أن سدد القسط الأول للدراسة وهي مشغولة البال بسداد الثاني حتى أنه بات لحن موسيقاها التصويرية اليومية، أغلق باب الغرفة حاملاً بيمينه كوب الشاي السادة لزوم المذاكرة، من كثرة التفكير في سداد القسط الدراسي ظل عقلها يعمل حتى أثناء النوم، تمر بها أحلام كثيرة وأحداث مختلفة، فتقودها هذه لتلك، خلصت على أن عواسة الكسرة يومياً وبيعها أربح بكثير من الصناعة الموسمية للمخبوزات ليتها بدأت بها، هكذا حدثت نفسها، ومع ضوء الصباح وجدت الحل وهو بيع كراسي الجلوس وطاولتها، حملتها على العربة بعد أن فاصلت صاحبها كثيراً، وصلوا الدلالة وما أن وقفت العربة حتى أقبل صاحب الدلالة مقطب الجبين، حدثته بالسعر المطلوب، لم يوافق بل أبخسها إياها، علا صوتها ( الكراسي دي جديدة) ولكنه أدار لها ظهره، نادته في رجاء إلا أنه لم يلتفت إليها، نصحها صاحب العربة بأن يقصدا دلالة أخرى مطمئناً إياها بأن ذلك سيكون ضمن حق المشوار الأول، وقبل أن تتحرك العربة إذ بشخص يشير للعربة بالتوقف وسألها ذلك الرجل (يا أخت إنتي دايرة فيها كم ؟؟) أخبرته، أدخل يده في جيبه وبسرعة نقدها المبلغ المطلوب، عندها ترجل صاحب العربة لإنزال الكراسي فكان حديث الرجل أسرع منه (خليهم قبلهم من فضلك ورجع الأخت وعفشها لي بيتها) اندهشت، لم تصدق، فقال لها وهو يغادر (الناس بالناس يا بت العم) فردت دموعها (ديل أهلي).