مسالة مستعجلة للراي
مطلوب قطع سكنية للموتى !!
نجل الدين ادم
لفت نظري بصورة واضحة امتلاء ساحات المقابر المخصصة للموتى بولاية الخرطوم بخاصة تلك التي تقع في الأحياء القديمة وتجاوز عمرها الـ(50) عاماً، في مقابل زيادة سكانية مضطردة وخطط إسكانية متمددة تتصل بعضها بحدود الولايات المجاورة. صحيح أن وزارة التخطيط دائماً ما تُضمن في الخطط الإسكانية والمدن الحضرية الحديثة التي توزعها على المستحقين مساحات مقابر معتبرة، إلا أن تلك المقابر يزحف عليها سكان مناطق مجاورة ضاقت بهم مساحات دفن الموتى. هذه الصورة ماثلة أمامنا وبصورة واضحة لكننا لا نراها بعين فاحصة، انظر إلى مقابر فاروق بالخرطوم الآن تكاد تكون قد أغلقت مساحتها المحددة بسكان باطن الأرض، أين يكون متنفس مساحات الدفن الاحتياطية لسكان السجانة غرب ووسط الخرطوم والديم وما جاورها. بالتأكيد سيتجهون إلى مقابر الصحافة التي حددت مساحاتها لقاطني الصحافات والامتداد وجبرة القديمة والعشرة. والسؤال الذي يفرض نفسه أين سيدفن سكان هذه المناطق موتاهم؟، بالتأكيد سيزحفون إلى مقابر الأزهري التي خصصت مؤخراً جنوب الخرطوم، وكذا تدور الدائرة. وفي أم درمان يبدو الحال كما هو فمقابر “أحمد شرفي” الشهيرة تكاد تكون هي الأخرى قد امتلأت إلا من بعض المرجعات التي تتم في مساحات محدودة، إذاً أين سيدفن سكان الحارات الأولى في الثورات وامتداد حي الشهداء وغيرها من الأحياء القريبة، بالتأكيد سيتجهون إلى امتدادات الثورات أو مقابر “البكري”، أما سكان الكلاكلات الشرقية وأبو آدم فباتوا جميعاً يتجهون صوب مقابر حي الأندلس الحديث جنوب الخرطوم والتي شارفت على الامتلاء هي الأخرى رغم حداثتها. هذا على سبيل المثال وقس على ذلك، فبهذه المعادلة التي لم تستصحب فيها وزارة التخطيط المعالجات المستقبلية، فإن أحياء الخرطوم القديمة بعد أن ضاقت بالأحياء فإنها ستضيق بالأموات ولن تجدوا بعد سنوات قليلة مساحات لدفن الموتى، وسنضطر وقتها إلى قطع مسافات بعيدة تعد بساعات السفر لمواراة جثامين موتانا، وحتى يصبح دفن الموتى في مكان قريب متاحاً فإن ولاية الخرطوم في حاجة إلى مراجعة معادلة توزيع المقابر، سواء بشراء مساحات منازل ممن يرغبون في بيع منازلهم أو إعمال سياسة المصلحة العامة لتخصيص امتداد لمقابر الأحياء القديمة التي امتلأت، وبالطبع فإن هذه الأحياء هي الأكثر ضرراً. والخيار الآخر للمعالجة أن تضع السلطات يدها على المقابر القديمة التي تجاوز عمرها الـ(100) عام، وتعمل على إزالتها بصورة شرعية كما حدث من قبل في مبنى المجلس الوطني الحالي بأم درمان أو مستشفى الأسنان الحالي. مطلوب مزيد من البحث والتمحيص في هذه المشكلة وعلى وزارة التخطيط أن تطرح عطاءً وتقول فيه هذه المرة، مطلوب قطع سكنية للموتى لتقوم بشرائها وفق شروط جغرافية المنطقة والموقع، وليس كما كانت تعلن (قطع سكنية للبيع)، عندها يمكن أن تحل هذه المشكلة المستقبلية فأهمية سكن الأحياء من الناس لا تقل أهمية عن سكن الأموات .