رأي

من يوقف جشع أصحاب الحافلات ؟!

             بقلم – سعيد دمباوي
      إن خطوط المواصلات بعد الزيادات الأخيرة كان يفترض لها أن تتحسن بصورة واضحة بخاصة في خطوط الحاج يوسف،  ولكن يبدو أن(التعرفة) لم تكن مجدية بالنسبة لأصحاب الحافلات، مما جعل الكثيرين يحجمون عن العمل في خطوطهم المصدق بها، وهذا الإحجام تسبب في أن يستغل أصحاب (الهايسات) و(الأمجادات) الحاجة الماسة للمواطنين ويحددون (التعرفة) التي يريدونها (حسب مزاجهم) دون وضع اعتبار لحالة المواطن، حتى وصل الأمر إلى أن تكون (التعرفة) للأمجادات من الخرطوم بحري إلى الحاج يوسف بأكثر من خمسة جنيهات عندما كانت (تعرفة) الحافلات (800) قرش، وبعد الإجراءات الجديدة وقبل تنفيذ الزيادة رفعوا (التعرفة) إلى عشرة جنيهات للشخص الواحد،  حيث ينادي (الكمسنجي) أو الكمساري (شارع واحد على عشرة جنيه) بأعلى صوته  دون أن يسأله أحد، ومن شاء فليركب ومن لم يشأ فلينتظر الحافلات أو الهايسات لساعات طوال، بل وصل الجشع بأصحاب الأمجادات إلى درجة أن تكون (تعرفتهم) من حلة كوكو إلى الحاج يوسف (خمسة جنيهات)، إنها الأنانية واستغلال حاجة المواطنين.  وقد  قيل إن الأناني (حرق غابة كاملة) بأشجارها وحيواناتها لكي (يتدفأ) ليلة واحدة من البرد في يوم شاتي. وكان أصحاب بعض الحافلات المرخصة في خطوط الحاج يوسف الخرطوم والحاج يوسف بحري، تترك العمل في خطوطها الرسمية وتعمل بين (حلة كوكو- الحاج يوسف) بذات (التعرفة)، مستغلين الحاجة الماسة للمواطنين إلى المواصلات، بينما يقف ركاب الحاج يوسف في الخرطوم والخرطوم بحري وهم في انتظار حافلاتهم التي تعمل في خطوطهم التي تحولت للعمل بين حلة كوكو والحاج يوسف وهم يتصببون عرقاً تحت وهج الشمس المحرقة في انتظارها،  ولا أحد يمنعهم من هذا  الاستغلال السيئ للمواطنين المساكين الذين لا يدافع أحد عن حقوقهم، وأصحاب الحافلات شعارهم مادمنا نجد الركاب من حلة كوكو وبنفس التعريفة (وناس الحركة ما بيسألونا) فلماذا نذهب إلى الخرطوم أو بحري، بينما يضطر ركاب بحري (المقتدرون) إلى ركوب الأمجاد بعشرة جنيهات.
    وهناك ظاهرة أخرى يستغل فيها أصحاب الحافلات حاجة المواطن الماسة للمواصلات واضطرارهم  ليأكلوا أموال الناس بالباطل، وكانت هذه الظاهرة قبل الزيادات الأخيرة وأظن أنها ستزيد  بعدها   وهي تحدث في ساعات الذروة والازدحام في المواقف، والمواطنون يعانون ويتصببون عرقاً في الشمس الحارة من طول فترة الانتظار والزحمة وأكثرهم معاناة هم كبار السن والنساء والطالبات وبخاصة إذا كانت هناك من تصطحب معها أطفالها أو تحمل طفلاً وبينما الجميع يلتفتون ويتجهون بأنظارهم إلى كل الاتجاهات التي تدخل بها الحافلات. نجد الحافلات المكتوب عليها (الخرطوم أم دوم) أو (الخرطوم- العيلفون) عندما يتدافع الركاب نحو الحافلة للركوب، يقولون للركاب (ما راجع – ماراجيييييييع ) يريد أن يستغل حاجة المواطنين واضطرارهم،  ثم يصيح بأعلى صوته (الحلة- حله كوكو) وكأن حافلته لا علاقة لها بما كتب عليها (العيلفون أو أم دوم). ويفعل هذا رافعاً أصبعه السبابة إلى أعلى للركاب وكأنه يحذر الركاب المتجهين إلى أم دوم أو العيلفون من الركاب المضطرين إلى الركوب وهم يحمدون الله أنهم وجدوا حافلة تقلهم إلى حلة كوكو، وعندما تصل الحافلة حلة كوكو وبعد نزول الركاب وابتعادهم عن الحافلة يصيح بأعلى صوته (أم دوم- أم دوم) أو العيلفون ويندفع الركاب (ليشحن) حافلته إلى أم دوم مستغلاً حاجة المواطن واضطراره للوصول. ولعل من أكثر الخطوط ممارسة لهذه الظاهرة في ساعات الذروة هي خط الخرطوم الشعبية، حيث نجد السيد الكمساري الذي يعمل في حافلات الخرطوم الشعبية عند دخوله للمحطة في ساعات الذروة والازدحام، يغطي (بظهره) على ما كتب على حافلته (الخرطوم الشعبية)، مستغلاً أن الركاب في مثل هذه الساعات لا يهمهم ما كتب على الحافلات ثم يصيح (بحري بحري)، ويندفع الركاب المضطرون وتمتلئ الحافلة بركاب بحري وبعد وصولهم إلى بحري ونزول الركاب يصيح (الشعبيه- الشعبية)، هكذا يستغلون حاجة المواطن دون رفق أو شفقة،  والله تظلموا الناس ربنا يسلط عليكم (ناس الحركة) يغرموكم  آو يسلط عليكم (ناس المظاهرات) يحرقوا حافلاتكم،  والله ما تلقوا زول واحد يشفق عليكم ما دمتم تستغلون المواطن مثل هذا الاستغلال دون شفقة عليه، فاتقوا الله في المواطن.
    وحتى لا يستغل أصحاب الحافلات حاجة المواطن الماسة للمواصلات في ساعات الذروة أرى أن تكون هناك (فئتان) لتعرفة المواصلات التي تمر بحلة كوكو، تعرفة من الخرطوم أو بحري إلى (حلة كوكو) وتعرفة أخرى من الخرطوم أو بحري إلى الحاج يوسفات وأم دوم والعيلفون (والعكس)، وكذلك (فئتان) لتعرفة الحافلات التي تعمل بين الخرطوم والشعبية والمزاد، فئة من الخرطوم إلى بحري وفئة من الخرطوم إلى الشعبية أو المزاد،  حتى لا يضطر المواطن إلى الوصول إلى الشعبية أو المزاد على مرحلتين (وبنفس الحافلات المرخصة للشعبية والمزاد). وبتلك الفئتين يمكن محاربة جشع أصحاب الحافلات واستغلالهم لساعات الذروة.
        هناك ظاهرة في غاية السوء والاستغلال تحدث في ساعات الذروة في مواقف الحاج يوسف بالخرطوم، حيث نجد أصحاب (الهايسات) يستعينون ببعض (العواطلية) ونجد من يصيح بأعلى صوته (الحاج يوسف على خمسة جنيه) على الرغم من أن  أصحاب الحافلات ليسوا في حاجة إلى مثل هذا الذي (يكورك)، والركاب في أمس الحاجة للحافلات ولكن مهمته هي تحديد (التعريفة) للركاب حتى لا يناقش الركاب الكمساري في الطريق ويدفعون طائعين خاضعين (للتعريفة) التي حددها ذلك العاطل الذي يعمل في استغلال حاجه المواطن، ومادام الراكب ركب راضياً في ظنه والواقع أنه لم يركب إلا(مضطراً) وليس راضياً فلا يحق له مناقشه السيد الكمساري علماً بأن التعريفة التي يعملون بها في الحالات العادية هي(ألفى جنيه). انظر إلى مثل هذا الاستغلال لحاجة المواطن الذي يجعل المواطن يدعو الله أن يسلط عليهم ناس(الحركة) ويغرموهم، عليه المطلوب ورحمة بالمواطن المسكين علاج هذه الظاهرة حتى لا يستغل ضعاف النفوس الذين لا يراقبون الله في أعمالهم وأقوالهم والجشعون حاجة المواطن واضطراره. وأرى أن يكلف رجال الشرطة في ساعات الذروة بمتابعة هذه الظواهر السيئة ومعاقبة من يمارسونها من الساعة الثانية وحتى السادسة مساءً وبعد هذه الفترة لا حاجة لوجودهم، ومما يتعجب له المواطنون أنهم يفعلون ذلك على مرأى ومسمع شرطة الحركة والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية