من وحي الأخبار

أنشروا الوثيقة

شهدت الخرطوم ظهر أمس التوقيع على  وثيقة إعلان مبادئ لسد النهضة  الإثيوبي في قمة ثلاثية ضمت السودان وإثيوبيا ومصر، حظيت باهتمام إقليمي لافت ومتابعة إعلامية عالية الكثافة امتدت من الوسائط إلى الشارع العام واهتمامات المواطنين، وقطعاً وبكل القياسات فما تحقق يعد انتصاراً دبلوماسياً ومنجزاً سياسياً عظيماً للسودان ممثلاً في وزارتي الخارجية والكهرباء، فقد نجحت البلاد في الجمع بين المصريين والإثيوبيين على أهم ملف ومحور نقاش، وكل هذا ايجابيات يجب الاحتفاء والتنويه بها مع عدم إهمال مضمون المناسبة وتفسيراتها على الأبعاد المختلفة.
الشاهد في الأمر أن الزعماء المبجلين وقعوا على الوثيقة لكن الشاهد الأخر أن نصها ومحتواها لم يعرض بصفة رسمية بنسخة معتمدة وكل المتداول الآن اجتهادات تحت بند التسريبات التي تصح أو تكذب حسب مهنية الناشر أو قوة مصادره، لكن لا توجد قط نسخة مبرأة ومبرئة للذمة الإخبارية من الوثيقة حتى الآن على الأقل وأنا أكتب بعد ساعات من انتهاء المناسبة. وهذا ما يدعونا لأهمية التقيد بالشفافية المناسبة في نشرها معتمدة خاصة أنها حسب المعلن ستعرض على البرلمان الوطني السوداني لإجازتها، وكذا على البرلمان الإثيوبي الذي سيخاطبه الرئيس المصري المشير “عبد الفتاح السيسي” الذي يزور إثيوبيا لمدة ثلاث أيام وطار إليها من الخرطوم.
ملف مياه النيل يحمد له الانتقال بالجميع من خانة التشاكس إلى مداخل التواصل والحوار الجيد بالحسنى، وهذا لن يتحقق قدماً وإلى الأمام إلا بشفافية كاملة تقطع الطريق على التحريف وتسويق المواقف المغلوطة، قضية السد صارت في مصر وإثيوبيا موضوعاً بالغ الحساسية، وهذا أمر يخصمها لكنه بالمقابل يبقى للسودان مشروع ارتبطت به ملفات أخرى تتعلق باتجاهات السياسية الخارجية سلباً وإيجاباً مع جارين مهمين، فضلاً عن حزمة مصالح الدولة السودانية ملزمة بها لصالح شعبها وفق متاحات ومشروعية البحث عن الصالح الخاص بما لا تتضرر منه بقية شعوب المنطقة.
كلما تأخر نشر الوثيقة الأصلية كلما لعبت أطراف كثيرة محلية وإقليمية على (شتلات) ستضر حتى بالتطور المستقبلي لاتجاهات الحلول، وستضخم نظرية المؤامرة والصفقات السياسية الواقعة، وستزيف الحقيقة وسيكون رتق ذلك عصياً وقاسياً ولهذا فمن الأفضل للأخ الوزير “معتز موسى” وزير الكهرباء أن يجتهد في إقناع شركائه على وثيقة قمة الخرطوم ما تيسر، الأمر وسهل لتفادي نشر وثيقة (مصنوعة) ستخفي كثيراً من الايجابيات وستظهر الاتفاق خاصة للسودان وكأنه قد باع حصته أو تنازل عنها، ومثل هذه الأقاويل تنمو وتزدهر في ظروف التعتيم الكائن هذا حتى وإن كانت أغراضه ايجابية ومطلوبة وفق تقديرات الحريصين عليه.
إعلان المبادئ لسد النهضة  الإثيوبي الثلاثي حسب ما فهمت أو اعتقد إطار مفاهيمي وهذا نص لا خطورة من نشره، فهو لا يتطرق لأمور فنية أو دقيقة وإنما هو ترسيم عام لمساحات الحركة وتحديد المرجعيات لحين إكمال المشروع، والمرحلة التي تلي ذلك على قواعد التعاون والتواصل في إطار المصلحة العامة ولذا أنشروه ..فوراً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية