مسألة مستعجلة
عودة “المهدي”
نجل الدين ادم
حملت الأنباء أن مساعد الرئيس العقيد “عبد الرحمن الصادق المهدي” فشل في إقناع والدة الإمام السيد “الصادق المهدي” المتواجد حالياً بقاهرة المعز في العودة إلى البلاد، “عبد الرحمن” التقى والده للمرة الثانية ويخال إليَّ أن ما التمسته من موقف مرن وغير متشدد من والده جعل المساعد يمضي في اتجاه تعزيز مبادرته إلى نهايتها ومحاورة والده، لأن بصيص أمل يجعله أكثر تمسكاً وحريصاً سيما وأن الطرف المُحاور هو والده، وفي المقابل فإن موجة حصار عاتية أحاطت بالإمام وجعلته يعيد النظر في حسابات العودة، وأصبح في حالة صراع داخلي ما بين دعوة ابنه في نقل المعارضة بالداخل والالتحاق بالحوار الوطني، وما بين موقف حزبه وبناته الداعي للمضي في معارضة النظام ورفض مبدأ الحوار على خلفية الاعتقال الذي تعرض له. “المهدي” بالتأكيد شخصية سياسية مؤثرة وهو زعيم حزب تاريخي وكبير، فقد كانت لمشاركته في دعوة الحوار الوطني التي أطلقها الرئيس “البشير” العام المنصرم بخطاب (الوثبة) الشهير قوة دفع قوية، سيما وأنه كان في خانة المعارضة ويومها كسبت الحكومة بدخوله في عملية الحوار قاعدة عريضة من المعارضة. وبالتأكيد كان للمؤتمر الشعبي دور مفصلي بقيادة زعيمه الدكتور “حسن الترابي” الذي أثار الاستمرار في الحوار الوطني، بينما اختار “المهدي” مغادرة مائدة الحوار الذي لم يفلح القائمون على أمره حتى اليوم في إطلاق صافرة بدايته. وكما أشرت أن نجل الإمام المساعد “عبد الرحمن” لمس بصيص أمل، وبصيص الأمل هذا يمكن أن يستفاد منه في إقناع “المهدي” بالعدول عن موقفه، ولكن الأمر يحتاج لقوة دفع أكبر من المؤتمر الوطني نفسه بوصفه صاحب دعوة الحوار والممسك بمقاليد الحكم، خصوصاً وأن “المهدي” يحس بغبن تجاهه. ففي خضم عملية مفاوضات متعثرة مع الحركات الدارفورية وقطاع الشمال من جهه وبطء عمليه الحوار الوطني الذي عدته القوى السياسية يوم انطلاقته الملاذ الآمن لحل مشكلات البلاد وعلقت عليه آمالها، فإن عملية إقناع “المهدي” ومصالحته باتت هي الأولوية، فلو أن المؤتمر الوطني تولى زمام المبادره بدلاً من ابنه فإن ذلك سيكون له وقع آخر عند الإمام، وقتها يمكن أن يفكر جدياً في العودة إلى أرض الوطن والمشاركة في الحوار. المؤتمر الوطني بحاجة إلى إحداث اختراق في هذا الملف ومصالحة السيد “الصادق المهدي” برمزيته ورمزية حزبه، وما يمثله من ثقل في المعارضة التي دائماً ما تحرص على أن يكون في صفها، والسؤال لماذا لا يحرص المؤتمر الوطني أن يكون “لمهدي” في صفه. أعتقد أن زيارة واحدة تكفي لإنهاء هذا الملف وما به من تعقيدات، يومها يمكن أن تعود الحيوية للحوار الوطني ويعود بقية العقد من أحزاب المعارضة التي توالت في الخروج من الحوار لتكتب النهايات السعيدة.