الديوان

(الصحافة).. تفاصيل ميلاد حي اختارت اسمه (صاحبة الجلالة)!!

حولت معاناة المستحقين لواقع سكن
تقرير – هويدا موسى
قد يثير فضولك وأنت تتجول في شوارعه ذلك التنظيم المتناسق لبيوته وشوارعه الكبيرة وسوح الرياضة، بالإضافة إلى نادٍ صغير في كل مربع، حي حفر اسم بمداد (صحابة الجلالة). إنه حي الصحافة العريض بكل ما يضم من مربعات، يبدأ حي الصحافة العريق بمربع (15) غرباً وهو (المتاخم) للشارع الرئيس لحي جبرة جنوب الخرطوم ويتجه شرقاً حتى شارع أفريقيا في مواجهة حي أركويت الراقي قبالة مستشفى القلب، وهكذا صعوداً ونزولاً في ترتيب متناهي الدقة حتى نهاية المربعات، ألا وهو مربع (45) مجاوراً السوق المركزي حيث يطل على الجسر الجديد (جسر السوق المركزي). ويلحظ المتتبع لتطور التخطيط أنه يوجد مربع خامس ما بين كل أربعة مربعات هو عبارة عن ساحة للخدمات (سوق، مركز صحي ومسجد) وهكذا حتى نهاية المربعات فقد أبدع المهندسون الذين خططوا هذه المدينة أيما إبداع حتى غدت مدينة مثالية في التخطيط..
بعد أن تجاوزنا محطة (سبعة) تلك المحطة الأشهر بمنطقة الصحافة غرب ونقطة بدايتها،  دلفنا إلى الشارع الرابع منها باتجاه الجنوب والساعة تشير للثانية ظهراً، طرقنا أحد الأبواب فاستقبلنا الطفل الحفيد بكل بشاشة: “تفضلوا”. “جدو عندك ضيوف”. صاحب المنزل رحبّ بنا بكل سعة صدر إنه “أحمد محمد خليفة مساعد” الشقيق الأكبر للمرحوم الأستاذ “سيد أحمد خليفة” الصحفي المعروف.
يقول “أحمد خليفة” أصل الصحافة بدأ منذ سنة 1968م حين أخذت الحكومة من المواطنين أموالاً وهي (61) جنيهاً وأعطتهم إيصالات بذلك وتعطلت في التسليم والمرحوم أخي تبنى هذا الموضوع بالكتابة فيه بجريدة (الصحافة) وصاحبها المرحوم “عبد الرحمن مختار” لفترة من الزمن حتى صارت قضية رأى عام يعقد لها اجتماعات بقيادة أخي، أذكر في يوم ما عقدت اللجنة، التي كونت لمتابعة أمر مستقبل الحي، (اجتماعاً) بميدان المولد بالسجانة وكنت حاضراً فخرجنا بعد هذا الاجتماع  في مظاهرات والمرحوم “سيد أحمد” محمولاً على الأعناق إلى أن وصلنا إلى الخرطوم 2 حيث منزل المرحوم “محمد أحمد المحجوب” رئيس الوزراء في ذلك الوقت، وبعد مقابلته وعد بحل المشكلة واتصل بالمسؤولين بالأراضي وبعد أسبوع فقط حضر كل المسؤولين بالأراضي ونصبوا الخيام في (محطة سبعة) يحملون العقودات وأي شخص كان مسدداً للرسوم ولديه إيصال تم منحه قطعة الأرض التي تخصه بمدينة الصحافة، ومن هنا أطلق عليها مدينة (الصحافة) تيمناً بجريدة (الصحافة) وصاحبها “عبد الرحمن مختار” وبراعة شقيقي المرحوم “سيد أحمد خليفة”.
تفاصيل حياة سهلة ..
وبينما نسير في جنبات الشارع وجدتها (المجهر) أمام منزلها وهي جالسة على (بنبر)  تضع صينية أمامها بها بعض الأشياء ( فول – عطرون – ويكة) تلك هي الحاجة نفيسة (أم صفوت) لزوم التسلية وسد الفراغ تتسامر مع العابرات وهن في طريقهن إلى جزارة  أولاد “الفاضل”.. سألتها (المجهر) عن البدايات وأيام زمان، قالت كانت الصحافة خطة إسكانية تم توزيعها، أتينا إليها سنة 1970م وكنا نسكن (العشش) سابقاً، حالياً حي (النزهة) كانت البيوت عبارة عن ثلاثة عشر بيتاً متناثرة هنا وهناك، نطالع الحزام الأخضر من ناحية الجنوب وناحية الشمال خور (جانقي) إلى محطة سبعة بها أكشاك متناثرة حيث كنا نركب المواصلات منها حين نود الذهاب إلى  الخرطوم ونستقل بصات “أبو رجيلة” الصفراء.
وتضيف محدثتنا كنا نذهب بأرجلنا إلى سوق العشرة في شكل مجموعة نتونس كيلو اللحمة باثنين جنيه والكمونية الكوم اثنين قرش كنا نتفقد بعضنا البعض كل يوم.
الصحافة قبل المعمار ..
تقول “منى محمد عبد الرحمن” وهي بنت الحاجة “نفيسة”: أذكر عندما أتينا الشوارع كانت كبيرة نلعب بماء المطر في الخريف أنا وأختي (تنون)  وفي المساء نلعب تحت ضوء القمر (شليل وينو)   كمبلت، حجلة، أم الحفر، نط الحبل، مع بقية أطفال الحي والبيوت عبارة عن قطع أراضٍ فاضية ندخل من واحدة ونخرج إلى الأخرى، لا توجد نوادٍ وفى بعض الأحيان تأتى السينما المتجولة يحضرها المرحوم “محجوب عدلان” (المشاهدة مجاناً) أمام منزله المواجه لمحطة سبعة الآن.
يقول العم “هاشم الرشيد” دخلت المواصلات إلى الحي بعد أن سكن الناس حيث كانت تبدأ من محطة ستة مروراً بمسجد “مسيك” بالامتداد مروراً بالشارع الفاصل بين مربعى (16-17)، إلى أن تصل مربع (19) ثم مربع (40) الصحافة فى شكل دائري، وهي كانت عبارة عن برنسات ثم باصات (أبو رجيلة)، التعريفة بي قرش والتاكسي باثنين قرش ونصف، والطلب بـ(طرادة).
مدارس ما تزال صامدة ..
كانت مدرستان فقط هما “الحزام شمال” (مربع 16 الصحافة) الآن تسمى القادسية، و”الحزام جنوب” (مربع 23) الآن تسمى “الزبير بن العوام”. أما المدارس المتوسطة كانت واحدة فقط بكل مربعات الصحافة وهي مدرسة (الصحافة غرب المتوسطة) (القدس حالياً) وكان أدنى حد للقبول فيها هو (190) درجة، والطلاب يأتون إما من الصحافة أو العشرة أو الامتداد أو أركويت  (كداري) أو بعجلة.  ومن أشهر خريجي هذه المدرسة، الفريق أول ركن “عبد الرحمن سر الختم” سفير السودان بإثيوبيا، الدكتور “مبارك عيسى – جامعة بحري)، الأستاذ: “عبد الكريم أحمد عيسى” (كرمى)، الأستاذ “بشير محمد موسى” – العباس بن عبد المطلب.
نجوم مجتمع أنجبتهم الصحافة..
حي الصحافة خرج رموز مجتمع بارزين، وزير الإعلام الأسبق “كمال عبيد”، وزيرة الدولة بالإعلام السابقة السفيرة “سناء حمد”، الصحافي المعروف د.”محي الدين تيتاوي”، رئيس القضاء والمحكمة الدستورية الأسبق مولانا “جلال على لطفي” والشيخ “محمد أحمد حسن”، والرئيس التشادي “إدريس دبي”، والقيادي الجنوبي د.”لام أكول” والقيادي الجنوبي المخضرم “لويجي أدوك” ويعتبر من أشهر خطاطي الصحافة. ومن الأجيال الجديدة الفنان التشكيلي “طارق نصر الدين”، المذيع اللامع “إسحق عثمان” من التلفزيون القومي،  “محمد جمال الدين”، “إكرام محمد عبد الله” و”حمزة عوض الله”، الفنان “يوسف الموصلي”، الفنان الراحل “عبد المنعم الخالدي”، المطرب “جلال الصحافة”، والفنان “محي الدين أركويت”.
أشهر اللاعبين:
وقد ّفرّخت مدينة الصحافة العديد من اللاعبين غذّت بهم الدوري السوداني بجميع درجاته الأولى –الثانية – الثالثة منهم: “حامد بريمة” حارس السودان والمريخ الأسبق، علي العوني، والكوتش : “حسن الساحر” لاعب بري الأسبق، مدرب فريق الأمل بالصحافة مربع 17، “التاج محجوب”، “عبد المجيد جعفر”، “إسماعيل عطا المنان”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية