الصفقة السرية بين السيد "الحسن" والمؤتمر الوطني!!
بقلم- عادل عبده
القضية الملتهبة في (الاتحادي الأصل) الآن ليست في فصل (18) قيادياً من الحزب!!.. لا.. المشهد الكارثي يتمثل في الصفقة السياسية التي وقعت من وراء الستار بين المؤتمر الوطني والسيد “الحسن” في لحظة مفصلية اندثر فيها الوعي والإدراك جعلت (الاتحادي الأصل) خادماً مطيعاً للمؤتمر الوطني يسترزق من فضله ويرضع من ثديه ويسوق بضاعته مقابل حفنة من المكاسب الشخصية الزائلة على حساب المذاق الرمزي والتاريخي لحزب الوسط الكبير.
ما هي ملامح الصفقة السرية؟ الإجابة أن المؤتمر الوطني يريد الاسم التاريخي لحزب مولانا حتى تكسب الحكومة القادمة صيغة المشاركة الواسعة لحزب كبير، علاوة على ذلك يهدف الحزب الحاكم على ورثة خط الوسط ويسعى إلى تفكيك (الاتحادي الأصل) إلى بوابة التلاشي!!.. بينما يريد “الحسن” السلطة والبريق والحكم ويسعى إلى معاقبة بعض قيادات الصف الأول التي لم تناصره في قضيته المعلومة، وكذلك لديه طموحات الاستثمار الواسع على سُلم الحماية الرسمية.. هكذا جاءت الصفقة السرية منطلقة من هموم واحدة وتطلعات مشتركة.
وفي الإطار إن آلية التطبيق بين الطرفين قد ارتكزت على التصورات والخطوات التالية:
أولاً: على صعيد السيد “الحسن”
أ/ تصفية (الاتحادي الأصل) من جميع القيادات والكوادر والفعاليات على مستوى المركز والأقاليم خصوصاً الرافضة للمشاركة وذلك في إطار رسم الطريق لوراثة “الحسن” في قيادة الحزب خلال المستقبل.
ب/ هنالك أربع قيادات كبيرة تقرر إبعادها وملاحقتها كأولوية لا تعرف التراجع من جانب “الحسن” وهم “طه علي البشير” و”البخاري الجعلي” و”علي السيد” و”بابكر عبد الرحمن” وذلك لأسباب انبثقت من إفرازات ومواقف معينة.
ج/ الاعتماد على مجموعة شبابية تدين بالولاء التام للحسن ولا تستطيع محاسبته سيما وأنه كثير السفر إلى الخارج ولا يطيب له المقام في البلاد.
د/ العمل على اغتنام الفرصة المؤاتية من واقع الظروف الصحية التي يمر بها السيد “محمد عثمان الميرغني” لتمرير الصفقة المشتركة.
و/ فصل جميع دستوريي (الاتحادي الأصل) المشاركين في الحكومة الحالية بعد نهاية العملية الانتخابية المقبلة.
ثانياً: أما على صعيد المؤتمر الوطني فقد التزم على تطبيق هذه التصورات والخطوات:
أ/ إدخال قدر معلوم يتراوح ما بين (20) إلى أقل من مرشحي “الحسن” في المجلس الوطني والمجالس التشريعية بالأقاليم.
ب/ منح السيد “الحسن” موقعاً دستورياً وتوفير العديد من المخصصات والمزايا له.
ج/ إفشال جميع أو معظم الهجمات التي توجه للحسن من المعارضين له في الحزب وتوفير الحماية اللازمة لقيادته في هذه المرحلة.
د/ اعتبار جميع مرشحي السيد “الحسن” على جميع المستويات في حل من متطلبات الحملة الانتخابية من دعاية وطواف وخلافه.
و/ هنالك أشياء أخرى!!
الشاهد أن الصفقة السرية بين الطرفين تسربل في فضاءات المشهد السياسي من واقع الميكانيزم الحكومي، فـ”الحسن” يريد زعامة جاهزة توفر له العديد من المكاسب الذاتية، فهو لا يحبذ البقاء في طقس السودان الطارد، فالرجل له أعمال كبيرة ومقامات هنيئة في المهاجر، فضلاً عن ذلك فإن الرجل قد وضع حزبه تحت عطف ومزاج وتقلبات المؤتمر الوطني.. ينجز له ما ينجز ويرفض ما يرفض في ثنايا الصفقة المشتركة.. فـ”الحسن” يعلم قدرة المؤتمر الوطني على التسويف والالتفاف ونقض العهود، بل إنني أذكر أن السيد “الحسن” قد اتصل بي هاتفياً عقب انتخابات 2010 وقال لي (وهو يضحك) إن (الجماعة الطيبين) وهو يقصد – المؤتمر الوطني – قاموا بتزوير نتائج دائرة الدبة وأخرجوا الأستاذ “طه علي البشير”.. فهل الجماعة الطيبين قد تغيروا الآن وصاروا على درجة من الصدق والنزاهة.
مهما يكن فإن مولانا “الحسن” معه الآن السلطة ومجموعة صغيرة من الشباب وهؤلاء أوضاعهم مثل (الراكب على ضهر الأسد).. والراكب على ضهر الأسد لن ينجو من الأسد بحسب الحكمة القديمة للصيادين.