(أجاويد) السياسية.. هل يعيدون "المهدي" إلى الخرطوم؟
بعد لقائه نجله
تقرير: إسلام الأمين
بعد خروج “الصادق المهدي” رئيس حزب الأمة القومي غاضباً من الخرطوم وساخطاً على حكومتها، وتوقيعه على (إعلان باريس) مع الجبهة الثورية، إضافة إلى الطلب الذي تقدم به جهاز الأمن والمخابرات الوطني لمجلس الأحزاب، بتجميد نشاط حزب الأمة القومي، يبدو أن العلاقة بين الحكومة و”الصادق المهدي” أصبحت أكثر تعقيداً من ذي قبل، خاصة أنه لا يزال يصر على مواقفه وتمسكه بإعلان باريس مع الجبهة الثورية؛ الأمر الذي جعل من (أجاويد) السياسة السودانية يعجلون الخطى نحو القاهرة، بحثا عن رضى إمام الأنصار عن حكومة الخرطوم، غير أن الرجل يزداد عناداً يوماً بعد يوم. وفي ذات الوقت لا ينقطع مبعوثو الحكومة عن زيارته في القاهرة، آخرها الزيارة التي قام به مساعد رئيس الجمهورية “عبد الرحمن الصادق” إلى مصر والتقى خلالها رئيس حزب الأمة “الصادق المهدي” بحسب مصادر (المجهر)، ليبقى التساؤل قائماً حول الخيارات التي يمكن أن يرتضيها “الصادق” للعودة إلى الخرطوم، وما نوع (الجودية) التي من شأنها أن تقنعه بالتعامل مع الحكومة بثقة، خاصة وأنه أكد عدم ثقته فيها بعد الآن.
إسقاط النظام
“الصادق المهدي” أشار في حديث إعلامي إلى أنه لن يجعل عودته إلى البلاد محل مساومة، لافتاً إلى أنه سيعود للبلاد بعد فراغه من مهامه بتكملة اتفاق (إعلان باريس – نداء السودان) حول ميثاق النظام الجديد، والاتفاق مع قوى المعارضة، ذلك البرنامج الذي طرحه “الصادق” يراه المراقبون يصعب من مسألة عودته إلى الخرطوم في الوقت الراهن. ويشيرون إلى أن تطبيق هذا البرنامج ربما يعقد من أزمته مع الحكومة السودانية، رغم استمرار نجله “عبد الرحمن” في قيادة الوساطة بينه والخرطوم لحل الخلاف بينهما.
رغم إقرار “الصادق المهدي” المقيم في القاهرة باتصالات يجريها نجله “عبد الرحمن” لإصلاح العلاقة بين حزبه والحكومة، وإشارته إلى أن الحكومة ترسل له كل يوم مبعوثاً، إلا أنه رهن قبول (الواسطة) بوجود آلية (دولية) وفقاً لمنظومة اتفاق (نداء السودان) الذي وقّعه مع تحالف (الجبهة الثورية)، لافتاً إلى أن النظام إذا أراد أن يقول أي شيء فعليه اللجوء إلى الآليات الدولية المعتمدة أما الأشياء الأخرى فلا داعي لها، مغلقاً الباب أمام كل الوساطات التي تقودها الجهات المختلفة الساعية إلى إرجاعه إلى الخرطوم، رغم أنه أوضح أن وجوده داخل السودان أفيد بكثير من وجوده في الخارج.
تعقيدات في الطريق
بعض المحللين والمراقبين أشاروا إلى أن عودة “الصادق المهدي” أصبحت صعبة في الوقت الراهن، هذا ما ذهب إليه المحلل السياسي “عبد الله آدم خاطر” في حديثه لـ(المجهر) أمس، مشيراً إلى أنه ليس هنالك مؤشرات واضحة أو حقيقية تشير إلى احتمالية عودة “الصادق” إلى الخرطوم في ظل الظروف التي تمر بها البلاد حالياً، خاصة وأنه يتحدث عن حوار يشمل جميع أطراف الأزمة السودانية، واحترام المجتمع الدولي، وأن تكون الانتخابات خاضعة لأجندة الحوار واتفاق الأحزاب عليها، وأن هذا البرنامج غير مطبق في الوقت الراهن. وأشار “عبد الله” إلى أن عودة “الصادق” في الوقت الراهن تعني مساندته لحملة (ارحل) التي دشنتها المعارضة في السودان، للوقوف ضد قيام الانتخابات.
اما الخبير السياسي البروفيسور “حسن الساعوري” قال لـ(المجهر) أمس، إن “الصادق المهدي” سيعود للخرطوم في حال غياب مخطط إسقاط الحكومة بالقوى القسرية، لافتاً إلى أنه بمجرد توقيعه لـ(نداء السودان) فهذا مؤشر واضح إلى أنه ينوي إسقاط النظام بالقوة، مشيراً إلى أن ضمانات عودته إلى الخرطوم مرتبطة بمخططه وبرنامجه في الخارج، وتنازله عن مخطط إسقاط النظام، لأنه إذا عاد ولازال يخطط لإسقاط النظام فستكون تلك مخاطرة كبيرة عليه وعلى حزبه الذي يعاني ضغوطات من النظام.
تطورات أخيرة
هذا الحديث الذي أطلقه “الساعوري”، عضده بيان رئيس حزب الأمة القومي “الصادق المهدي” الذي صدر عنه من القاهرة، وتلقت (المجهر) نسخة منه أمس، حيث أوضح فيه أن برنامج عمله خارج السودان مكون من ثلاث أجزاء؛ هي (تحقيق وحدة قوى النظام الجديد، والمؤتمر الإقليمي المزمع عقده في عمان في شهر مارس القادم لإطلاق (نداء) لاستنهاض أمتنا، والتحضير لمؤتمر دولي بإشراف نادي مدريد لبحث الاضطرابات الحالية وتداعياتها في إقليم الشرق الأوسط الكبير وتداعياتها الدولية للاتفاق على تشخيص مشترك للأوضاع والعلاج اللازم لها)، مؤكداً أنه سوف يعود إذا فرغ من هذا البرنامج أو إذا استدعت ظروف طارئة ذلك.
يبدو أن عودة زعيم الأنصار ورئيس حزب الأمة أصبحت مربوطة بالبرنامج الذي أطلقه من الخارج (إعلان باريس – نداء السودان)، ولن تفلح أجاويد السياسة السودانية في إقناع الرجل بالعدول عن موقفه الرافض للحوار مع حكومة الخرطوم، وتمسكه بعمل المعارضة الخارجية، بل إنه يلجأ في بعض الأحيان الى تحريض المعارضة الداخلية للعمل ضد ما يسميها مخططات النظام للبقاء على السلطة. ويبدو أن مساعي نجله “عبد الرحمن الصادق” لطي صفحة الخلافات بينه وبين الحكومة لم تؤتِ أكلها، خاصة وأن “الصادق” أكد بعد لقائه “عبد الرحمن” للمرة الثانية أنه لن يعود للخرطوم إلا بعد إكمال برنامجه في الخارج أو إذا استدعته ظروف سمَّاها بالاستثنائية للعودة إلى السودان، راهناً قبوله للوساطة بوجود آلية (دولية) وفقاً لمنظومة اتفاق (نداء السودان) الذي وقّعه مع تحالف (الجبهة الثورية). جميع المؤشرات الواضحة توضح صعوبة الخطوة المرتقبة للصادق بالعودة خاصة في ظل دعوة الحكومة السودانية له بذلك، غير أنه يلفت في تصريحاته الإعلامية إلى أنه فقد ثقته في حكومة الخرطوم، حتى وإن قدمت له كل الضمانات المؤكدة على سلامته أو الالتزام بأي اتفاق يتم إبرامه.