تقارير

انفتاح السودان نحو الخليج العربي .. دبلوماسية كسر الحواجز !!

“البشير” في الإمارات ..
تقرير: وليد النور
وصل رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” أمس (السبت) إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في زيارة وصفت بالتاريخية تستغرق أربعة أيام. وكان في استقباله الشيخ “منصور بن زايد آل نهيان”، ورافق الرئيس وفد رفيع المستوى ضم كلاً من وزير رئاسة الجمهورية “صلاح ونسي” ووزير الدفاع الفريق أول ركن مهندس “عبد الرحيم محمد حسين” ووزير الخارجية “علي كرتي” ووزير الداخلية الفريق أول “عصمت عبد الرحمن” ووزير المالية “بدر الدين محمود” ووزير الثروة الحيوانية “فيصل حسن إبراهيم” ووزيرة العمل “إشراقة سيد محمود” والمدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول مهندس “محمد عطا المولى” ومحافظ البنك المركزي “عبد الرحمن محمد عبد الرحمن”. ويلاحظ أن الرئيس رافقه عدد من الوزراء والدستوريين المسؤولين عن الاستثمار والمال والأمن ما يشير إلى طبيعة الملفات التي سيتم تداولها والمكاسب التي ستتحقق للسودان حال تم التوافق. فزيارة “البشير” للإمارات سبقتها زيارة للسعودية وقبلها كانت مصر هي محطة “البشير” لتجئ زيارته للإمارات استكمالاً للجهود الدبلوماسية وانفتاح البلاد خارجياً على معظم دول الخليج العربي لتبدأ مرحلة جديدة في علاقات السودانية الخارجية يتوقع أن تكون لها مردودات إيجابية في المستقبل القريب..
مكاسب اقتصادية
ومن المنتظر أن تتناول المباحثات بين قيادة البلدين التعاون الثنائي خاصة في مجال  العلاقات التجارية والاستثمارات ووضع العمالة السودانية في الإمارات، حيت شهدت العلاقة الاقتصادية بين البلدين نمواً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة، وعلى الرغم من الفتور في العلاقات السياسية بين الخرطوم وأبوظبي خلال الفترة الماضية إلاّ أن الميزان التجاري بين البلدين يعد الأكبر مقارنة بالدول العربية الأخرى حيث ارتفع حجم التبادل التجاري وكذلك حجم الاستثمارات الإماراتية في السودان لتصل إلى قرابة (3) مليارات دولار. ووفقاً للإحصائيات الأخيرة الصادرة من مركز المعلومات بالجهاز القومي للاستثمار فإن إجمالي الاستثمارات الإماراتية في السودان بحوالي (6.7) مليارات دولار موزعة على (114) مشروعاً زراعياً وصناعياً وخدمياً تم إنجاز العديد منها بينما يتواصل العمل لإنجاز البعض الآخر. وتشارك دولة الإمارات العربية  المتحدة حكومة السودان في (13) مشروعاً؛ أربعة منها في القطاع الصناعي ومثلها في الخدمات وخمسة في الزراعي. ومن جهة ثانية فإن الإمارات تحتضن جالية سودانية كبيرة مما يعني أن هناك مردوداً إيجابياً وفوائد اجتماعية لأسر المغتربين وكذلك في مجال التحويلات، وغير بعيد ترتيب لقاء جامع بين “البشير” والجالية المقيمة هناك.
ملفات كثيرة
وسبقت هذه الزيارة زيارة مماثلة الى المملكة العربية السعودية في عهد الملك الراحل “عبد الله بن عبد العزيز” لدفع العلاقة بين البلدين نحو آفاق جديدة بعد حالة من الفتور لازمت علاقة الخرطوم بالرياض. وزيارة السعودية كانت قد فتحت آفاقاً للاستثمار وتم منح المستثمرين السعوديين أراضي زراعية كبيرة في مناطق مختلفة. وعلى المستوى السياسي توصلوا إلى تفاهمات اتفقوا خلالها على تجاوز المرحلة السابقة وبداية حقبة جديدة بين الخرطوم والرياض لتأتي زيارة “البشير” لأبي ظبي استكمالاً لتمتين علاقة السودان بمحيطه العربي.
ويرى مراقبون أن زيارة الرئيس إلى دولة الإمارات ستسهم بشكل كبير في تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعت بين البلدين في أوقات سابقة كاتفاقية إنشاء منطقة تجارة حرة واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي على الدخل ومذكرة تفاهم حول تشجيع وحماية الاستثمار وإعفاء رجال الأعمال والمستثمرين من دولة الإمارات العربية المتحدة من تأشيرة الدخول للبلاد، كما من المتوقع  تنشيط المصالح المشتركة بين الجانبين في مجالات الكهرباء حيث يرجح أن يبحث وزير الكهرباء مع نظيره الإماراتي الاستفادة من تجربة الإمارات في مجال مشاريع الطاقة النظيفة، وبدت مشاركة وزير الدفاع ضمن الوفد الرئاسي طبيعية حيث درجت وزارة الدفاع المشاركة بصورة سنوية في معرض (ايدكس) للدفاعات الذي تنظمه إمارة أبوظبي تحت رعاية رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة “خليفة بن زايد آل نهيان”، وباهتمام ومتابعة من نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي “محمد بن راشد آل مكتوم” وبمشاركة (150) وفداً رسمياً تضم كبار الشخصيات وصنّاع القرار من وزراء دفاع ورؤساء أركان، والخبراء والمهتمين بشؤون الدفاع من جميع أنحاء العالم،  حيث تشارك هيئة التصنيع الحربي بأكثر من (90) منتجاً في المعرض. ويذهب متابعون إلى أن مشاركة وزارة الدفاع في مثل تلك المعارض تعد فرصة للتعرف على آخر ما أنتجته تكنولوجيا التصنيع الحربي لا سيما وأن الحروب وطبيعة المعارك أصبحت متجددة ومحورها الإرهاب. وتشمل الفعاليات أيضاً التي بدأت أمس (السبت) عقد مؤتمر الدفاع الدولي (آيدكس) 2015″ حيث تقدم محاضرات علمية في إستراتيجية الدفاع والتصنيع الحربي.
المراقبون يعلقون
وفي السياق قال رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان “سالم الصافي حجير” في حديثه لـ(المجهر) إن زيارة رئيس الجمهورية لدولة الإمارات تحمل دلالات كبيرة في الجوانب الاقتصادية والأمنية والسياسية لاسيما أن الإمارات مواقفها كلها داعمة للسودان. وتوقع “حجير” دخول رؤوس أموال كبيرة واستثمارات من الإمارات إلى السودان في الفترة المقبلة. بينما ذهب الدكتور “إسماعيل الحاج موسى” إلى أن زيارة رئيس الجمهورية إلى الإمارات ستحدث تأثيراً كبيراً في العلاقات بين السودان والإمارات التي تعتبر من مراكز الثقل الاقتصادي في المنطقة العربية لاسيما أن العلاقة بين البلدين أزلية وعريقة، بجانب وجود الجالية السودانية الكبيرة في الامارات من عهود بعيدة  التي ساهمت في تأسيس البنيات التحتية لدولة  الإمارات وكان لهم أثر كبير في نمو الاقتصاد. وأكد “موسى” أن الزيارة ستوثق العلاقات بين الدولتين خاصة تصريحات وزير المالية الأخيرة التي بشر فيها بانخفاض سعر الصرف في الفترة القادمة. وأشار إلى أن الرئيس بدأ في فتح علاقات في الدول العربية خاصة أن الزيارة تأتي في ظروف سياسية مهمة في البلاد، وبرنامج الرئيس مليء، بجانب مشاركته في الحوار الوطني والانتخابات التي تنطلق دعايتها الانتخابية الثلاثاء القادم مع  الانفتاح الكبيرفي العلاقات العربية السودانية وارتفاع حجم التبادل التجاري. وأقر “موسى” بتأثر بعض المغتربين بقرار المقاطعة المصرفية خلال الفترة الماضية بسبب صعوبة تحويل مدخراتهم إلى البلاد .
عربون صداقة
بينما اعتبرها بعض المحللين بمثابة عربون صداقة تقدمه الخرطوم لدول الخليج والسعودية التي ظلت علاقتهم متوترة مع إيران لا سيما أن تدهور العلاقة بين السودان والسعودية ودول الخليج إنعكس على النواحي الإقتصادية عندما أوقف بعضهم التعاملات  البنكية، وأثر ذلك على حكومة السودان. وتجئ زيارة الرئيس “عمر البشير” إلى دولة الإمارات في ظروف مختلفة على المستوى الدولي والإقليمي، فعلى مستوى الإقليم تشهد بعض الدول حراكاً واسعاً يقتضي تضافر الجهود العربية لتوحيد الرؤى والوصول إلى خطة مشتركة. وعلى المستوى الدولي تأتي الزيارة عقب الحديث عن بداية لفتح حوار بين السودان وأمريكا التي تربطها علاقات مميزة مع دول الخليج، هذا بجانب الأضرار السياسية حيث أصبحت الأمارات خلال الشهور الفائتة وجهة لبعض المعارضين أمثال “الصادق المهدي”، وقد تنجح هذه الزيارة في وضع النقاط على الحروف على الصعيد العلاقات السياسية ويبدو أن ملف الدول العربية التي تحتاج الى تفاهمات مع حكومة السودان أصبح يشرف عليه الرئيس “البشير” شخصياً من خلال أمانة حزبه والدليل على ذلك أن خبر زيارته للإمارات أعلنه وزير الاستثمار السوداني “مصطفى عثمان إسماعيل” الذي قال للصحفيين عقب عودته من الرياض الأسبوع الماضي، إن الرئيس سيقوم خلال الأيام المقبلة بزيارات متتابعة إلى دول الخليج تشمل السعودية، الإمارات، الكويت، والبحرين؛ مما يؤكد أن اتجاه السودان نحو منظومة دول الخليج يعني بداية حقبة جديدة ربما تظهر نتائج حراكها وتفاعلاتها في المستقبل على ضوء الموقف الذي اتخذته الخرطوم مؤخراً بفرملة التمدد الإيراني بالسودان الأمر الذي أوجد حالة من الارتياح لدى دول الخليج العربي  خاصة السعودية والإمارات التي تستقبل “البشير” في زيارة نادرة تمتد لعدة أيام ويتوقع أن يكون لها ما بعدها..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية