الديوان

الرموز التعبيرية على شبكات التواصل الاجتماعي

تغير طريقة التفكير وتؤثر في وظائف
المجهر – آيات مبارك
المتأمل لاستخدام الرموز التعبيرية على الدردشة بكثافة قد يتذكر الرسومات التي رسمها الإنسان الأول على جدران الكهوف، لكن السؤال هل يأتي جيل يجلس ليترجم هذه الرموز التعبيرية، علينا ألا نستبعد ذلك بعد أن استطاعت غرف الدردشة أن تنقص من مقدار الأحرف المستخدمة لتحيلها إلى وجوه رمزية تستطيع توصيل كل الأحاسيس بسهولة وربما بقاء الأشخاص لأزمان طويلة دون لقيا وحوار متواصل عبر الأزرار جعلهم يستحسنون تلك الوسيلة والتآلف معها. لكن دعونا نعلل ذلك بأن الكثيرين قد اختاروا حياة افتراضية دعامتها الأساسية الحوار عبر الأزرار، لذلك لابد لنا من التحايل على المشاعر والتعابير الجسدية ببعض البدائل الرمزية والتي يسميها البعض بـ(الأيقونات) أو (الإيموجي) أو(الوجوه التعبيرية).
إحساسك وصل
هذه الوجوه الضاحكة والقلوب الصغيرة يتداولها ملايين الأشخاص على الهواتف النقالة والإنترنت وتساعد على توصيل التعابير بكل تفاصيلها لاسيما وأن البعض بسبب عجزه عن الكتابة إما تكاسلاً أو لقلة مقدرته على ضغط الأحرف يكتفي بشكل يفي بالغرض.. ولأن التعابير الكتابية حمالة أوجه وربما لا تفي بالغرض المطلوب أصبحت هذه التعابير هي المنفذ الوحيد لحمل الإحساس على ضغطة زر واحدة.
ضعف لغة أم تكاسل؟
لكنها تضعنا نقف في مصاف المتسائلين هل توقفت اللغة العربية هنا وعجزت عن بث الأحاسيس إلى الشاشات اللامعة مما جعلنا نرفع سؤالنا في وجه الدكتورة “وداد حسنين” والمهتمة في اللغويات ردت قائلة:(إن هذه الرموز تستطيع إرفاق الأحاسيس مع بعض الأحرف التي لا يمكن الاستغناء عنها وإنها عبارة عن لغة جسد قد يفسرها القارئ بمعنى آخر، لذلك اختصرت هذه الرموز الطريق أمام الكلمات، وأضافت دكتورة “وداد” أن الصور والرموز تتبع الكلمات منذ بدء الخليقة وهذا ليس بجديد يجعل اللغة المكتوبة تتضاءل والدليل على ذلك أن البرامج والمسلسلات التلفزيونية، وبالرغم من أن الصورة يصطحبها حوار وموسيقى تصويرية، لذلك لا قلق على مستقبل الأحرف، ثم أردفت قائلة: (إن هذه الأيقونات لا تستخدم إلا عبر الرسائل فبالتالي لا خوف على اللغة).

تأثير في الوظائف
وقد توصلت دراسة استرالية حديثة إلى أن “الرموز التعبيرية”، والتي تستخدم في شبكات التواصل الاجتماعي مثل الأوجه المبتسمة والحزينة والغاضبة وغيرها، تغير طريقة التفكير وتؤثر في وظائف، وذلك من خلال تحفيز أجزاء الدماغ التي تخصص عادة للنظر إلى الأوجه الحقيقية نحو المنحى السلبي أو الإيجابي، وهذا كان السر وراء شعبية تلك الأوجه من منطلق أننا نتعامل معها باعتبارها أوجه حقيقية.
دفء المشاعر
لكن أرجع مراقبون أن اختصار المشاعر في بعض الأوجه قد يقلص من دفء الحب المشحون في الكلمات وربما يبعث برودة في المشاعر، وعن هذا تحدث إلينا الأستاذ “سيف عبد العزيز” أن الحب بعد أن صار متاحاً وتقلصت قيمته إلى أحرف لجأ الشباب إلى التعابير عن الحب عن طريق “الواتساب” و”الفيس” بصور وقلوب وملونة.. ينحسر إحساسها فور إغلاق الشاشة، لذلك انصح العشاق بالعودة إلى التعابير اللفظية الصادقة قدر الإمكان حتى يستطيعوا شحن العواطف بأكبر قدر ممكن من الأحاسيس الصادقة، ثم أردف قائلاً: هذا جيل مختلف ربما شعورهم لا يحتاج سوى هذه الوجوه الصغيرة.
لذلك رأينا أن نوجه أسئلة لبعض الشباب باعتبارهم أكثر الفئات استخداماً لهذه التعابير، فتحدثت لنا “ميسون علي” – طالبة جامعية قائلة: انتبه إلى التعابير التي تصدر من صديقاتي وحتى حبيبي قبل قراءة المكتوب لأنها تسهل لي معرفة الحالة الراهنة دون مجهود. وأكد لنا” خالد عمر” أن استخدامه للوجوه التعبيرية قد ريحه من وجع الكتابة، وأجمل ما في الأمر أن التعابير لا تقتصر على أوجه فقط بل رموز لأشكال أخرى فإذا أرسلت صورة (بيتزا)
فهذا يعني رأيكم شنو نمشي نأكل بيتزا؟؟.
أما “سلوى” فقالت إنها أصبحت لا تجتهد في الكتابة خصوصاً في الدردشة مع صديقاتها ليلاً، وأي زول عاوز يكتب بكون ما عندي استعداد اتونس معاهو. بينما أكد “وليد محمود” – موظف الملاحظ أن هناك بعض الأيقونات التعبيرية تستطيع استيعابها كل الثقافات والشعوب مثل (ok)، وهي عبارة تشير إلى إغلاق الإبهام مع بروز أصبع السبابة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية