القيادي المعارض "محمد ضياء الدين" لـ(المجهر):
وثيقة (نداء السودان) كرّست لتصدع كبير في وحدة المعارضة المسلحة والمدنية
(البعث) غير معني بأي عمل سياسي بخلاف (تحالف الإجماع)
مؤتمر (ألمانيا) سيفضي إلى اصطفاف جديد في الواقع السياسي وعمل جبهوي جديد
لدينا عمل سياسي آخر.. وحملة (ارحل) لا تعنينا
حوار – صلاح حمد مضوي
كشف الرئيس السابق للجنة الإعلام بتحالف قوى الإجماع الوطني- الناطق الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي “محمد ضياء الدين” عن اتصالات تقوم بها السفارة الألمانية في الخرطوم بعدد من الأحزاب السياسية السودانية المعارضة والحركات المسلحة بغرض الذهاب إلى ألمانيا، تهدف للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة في البلاد، يليها عقد مؤتمر شامل بجنوب أفريقيا خلال الفترة القليلة القادمة في إطار القرار رقم (456) الصادر عن مجلس الأمن والسلم الأفريقي، القاضي بإحداث تسوية سياسية شاملة مع الحكومة.
وصوّب “ضياء الدين” نقداً عنيفاً للموقعين على وثيقة (نداء السودان) التي قال إنها كرست لتصدع كبير في وحدة المعارضة السودانية المسلحة والسياسية، لأنها تتعارض مع خط قوى الإجماع الوطني الداعية لإسقاط النظام.
{ ما هي حقيقة الخلافات داخل تحالف المعارضة.. ولماذا تقدمت باستقالتك كناطق رسمي للتحالف؟
_ أنا تقدمت بطلب إعفاء من مسؤوليتي كرئيس للجنة الإعلام، ولم أكن ناطقاً باسم قوى الإجماع الوطني، باعتبار أن الناطق هو رئيس الهيئة العامة الأستاذ “فاروق أبو عيسى” (فك الله أسره).. تقدمت بهذا الطلب بعد أن تم التوقيع على وثيقة (نداء السودان) في أديس أبابا، وحدوث خلاف في وجهات النظر بين العديد من القوى السياسية التي وافقت على التوقيع على الوثيقة، وكان لديها العديد من التحفظات على المحتوى والمضمون والإجراء، وكان لحزبنا (حزب البعث العربي الاشتراكي) موقف واضح وصريح ومعلن برفض هذه الوثيقة المسماة بـ(نداء السودان).. وبما أني الناطق الرسمي لحزبنا وفي ذات الوقت رئيس للجنة الإعلام، كان لابد لي أن أتخذ قراراً واضحاً وحاسماً، باعتبار أنني المعني بتصريف الخط السياسي لحزب البعث العربي الاشتراكي، وفي ذات الوقت معني أيضاً بتصريف الخطاب السياسي للهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني.. وبعد أن حدث الخلاف في وجهات النظر حول نداء السودان، كان من الطبيعي أن أختار موقفاً بلسان واحد لقضية واحدة، وبما أنني ممثل حزب البعث العربي الاشتراكي في قوى الإجماع وليس العكس، اتخذت القرار بطلب الإعفاء حتى لا أتحدث في قضية واحدة بلسانين، وحتى لا يحدث إرباك لدى المعنيين بالأمر فيما يتعلق بموقف الحزب وقوى الإجماع.
{ هل اتسعت هوة الخلافات داخل قوى الإجماع؟
_ نعم.. هذا أمر حقيقي.. بعد أن تم التوقيع على (نداء السودان) في أديس أبابا وهو أصلاً لم يكن مطروحاً على طاولة النقاش في داخل السودان على الإطلاق، ولم نسمع في يوم من الأيام عنه، فعندما ذهب وفد قوى الإجماع الوطني إلى أديس أبابا كان مفوضاً للحوار مع الجبهة الثورية والتوقيع معها على بيان مشترك وليس على وثيقة، وبعد أن تم التوقيع على وثيقة العمل المشترك، آثرت بعض الأطراف الموجودة في أديس أبابا التوقيع على (نداء السودان)، الذي لم نسمع به نحن إلا بعد أن تم عرضه.
{ (مقاطعة).. أنتم من؟
– نحن في قوى الإجماع الوطني ككل، لم نطرح في الداخل قضية (نداء السودان)، والوفد الذي تم تفويضه بالذهاب إلى أديس هو من قام بهذا العمل، وللتأكيد والتمييز قرروا بعد العودة إلى الخرطوم وبعد اعتقال الأستاذ “فاروق أبو عيسى” إعادة التوقيع على هذه الوثيقة في دار الزعيم “الأزهري” في الأسبوعين الماضيين، وهنا وضح جلياً مدى عدم التوافق داخل قوى الإجماع الوطني، حيث إن هنالك (18) تنظيماً في قوى الإجماع الوطني، وقعت منها فقط (10) تنظيمات، بينما ثمانية منها رفضت التوقيع على (نداء السودان)، وهذا يدلل بوضوح على أن هنالك عدم إجماع على هذه الوثيقة، وبالتالي حدثت إشكالية، وبدلاً عن أن يوحد (نداء السودان) القوى السياسية أدى إلى خلافات في داخل الجبهة الثورية، حيث رفضت حركة جيش تحرير السودان بقيادة “عبد الواحد محمد نور” التوقيع على هذه الوثيقة، كما رفضت ثمانية تنظيمات بالداخل التوقيع عليها، بل إن بعض التنظيمات بالداخل من التي وقعت على هذه الوثيقة خلقت في داخلها إشكالات، وبالتالي أستطيع القول بملء الفم إن وثيقة نداء السودان كرست لتصدع كبير في وحدة المعارضة السودانية المسلحة والسياسية.
{ البعض يقول إن (نداء السودان) وثيقة سياسية متقدمة حتى أن الحركات المسلحة تماهت مع الطرح السياسي.. لماذا الرفض؟
_ هنالك كما قلت لك تحفظات إجرائية حول الظروف المصاحبة للسفر والتوقيع على وثيقة (نداء السودان)، وهنالك خلافات ذات طابع جوهري في مضمون ومحتوى الوثيقة.. أنا أعتقد أن أكبر خطأ إستراتيجي ارتكبته قوى الإجماع الوطني موافقتها على تضمين قرار مجلس الأمن والسلم الأفريقي في اجتماعه رقم (456) القاضي بإحداث تسوية سياسية شاملة مع النظام، وهذا ما يتعارض مع خط قوى الإجماع الوطني الداعية لإسقاط النظام.. التسوية السياسية تعني الإبقاء على النظام، ومشاركة الأحزاب السياسية والحركات المسلحة في سلطة في وجود النظام، وهذا بالنسبة لنا أمر مرفوض، لذلك نحن رفضنا مبدأ التسوية التي يعمل باتجاهها ويخطط لها ما يسمى بالمجتمع الدولي.
{ هل وثيقة نداء السودان في جوهرها تحمل هذه المعاني؟
– نعم.. وأي شخص يطلع على القرار (456) يستطيع وبدقة الوصول لهذه الحقيقة، وحتى لا نتحدث بدون أدلة أؤكد لك أنه تجرى الآن في الخرطوم اتصالات عبر السفارة الألمانية بعدد من الأحزاب السياسية بغرض الذهاب إلى ألمانيا باعتبارها مكلفة من المجتمع الدولي والترويكا بإدارة الملف السوداني وفقاً للقرار (456).. ستلتقي القوى السياسية والحركات المسلحة في ألمانيا لافتتاح محادثات أولية وصولاً إلى التسوية السياسية التي من المزمع أن يتم عقد مؤتمر شامل بشأنها بجنوب أفريقيا خلال الفترة القليلة القادمة، وكل ذلك يأتي نتيجة تضمين القرار (456) وثيقة (نداء السودان).
{ هل يعني ذلك أن هذه الدول بالنهاية ساعية لإيجاد تسوية ولا تقبل بإسقاط الحكم القائم؟
_ نحن رفضنا مبدأ الجلوس مع النظام في إطار تسوية سياسية تفرض علينا من الخارج، وقلنا إن التسوية السياسية تعني في نهاية الأمر الإبقاء على النظام ومشاركة الأحزاب السياسية والحركات المسلحة في سلطة المؤتمر الوطني، وأدلل على ذلك أيضاً بأن بعض الأطراف التي وقعت على (نداء السودان) رفضت تضمين كلمة (إسقاط النظام)، وبعد جهد وعناء تم تضمين (تفكيك النظام).
{ هل فعل ذلك “فاروق أبو عيسى”؟
_ أنا أتحدث عن مجمل القوى السياسية، فهي كلها قبلت بذلك، وكان يوجد صراع بداخل جلسات الحوار، وفي الأخير فسروا (تفكيك) بأنه يعني (إسقاط النظام).
{ هل هذه القوى التي وقعت (نداء السودان) تريد قطف الثمار الآن في ألمانيا كما تقول؟
_ بصراحة أكثر، أقول إن هذا الأمر فيه طرف رئيسي هو الحركة الشعبية– قطاع الشمال، التي تريد بشكل مباشر التوصل إلى تسوية سياسية مع النظام على شاكلة ما تم في (نيفاشا) لتعيد نفسها للمشاركة في السلطة ومقاسمة النظام الثروة، كما حدث عندما كان الأمر مع الحركة الشعبية الأم.. هذه نقطة يجب الوقوف عندها والحديث عنها بوضوح، كما أن هنالك بعض الأطراف المحسوبة على المعارضة حتى الآن تدعي بأنها ضد الحوار مع أنها مع الحوار في جوهر موقفها غير المبدئي الذي يتكشف كل يوم بمزيد من الوضوح، وتاريخها يقول إنها على موقف غير واضح من إسقاط النظام.
{ إذا كان الأمر كما تقول لماذا زج بـ”المهدي” في السجن وكذلك الأستاذ “فاروق أبو عيسى” وغيرهما؟
_ هذا السؤال لا أستطيع الإجابة عنه.. الجهة التي قامت بذلك هي المعنية بالإجابة.. لكنني أتساءل هنا لماذا لم يتم اعتقال رؤساء الأحزاب السياسية التي وقعت على ذات الوثيقة في الخرطوم؟ هنالك تكتيكات من السلطة للعمل باتجاه اعتقال هذا وإطلاق ذاك بما لا يمكّن المراقب من الوصول إلى نتيجة صحيحة.
{ بماذا تفسر محاولات (المؤتمر الوطني) لإرجاع “الصادق المهدي” للبلاد؟
_ من مصلحة المؤتمر الوطني إعادة “الصادق المهدي” لطاولة الحوار، وأن يقسم المعارضة وإضعاف أي توجه حقيقي يقوم به “المهدي” باتجاه تعبئة جماهير الأنصار وحزب الأمة ضد النظام.
{ لماذا.. طالما الأمر كذلك “علي محمود حسنين” بعيد عنكم والمتمسكون بإسقاط النظام؟
_ لسبب واحد.. لأن الأحزاب السياسية في قوى الإجماع الوطني رفضت الحوار ووضعت اشتراطات، ولم ترفض الحوار من حيث المبدأ، بينما رفض الأستاذ “علي محمود حسنين” الحوار من حيث المبدأ، وأنا أتفق معه باعتبار أن الحوار مع النظام يعطيه شرعية ولا يفضي إلى إيجاد حل لأزمة الوطن، وبالتالي فالاشتراطات التي قطعتها المعارضة للحوار هي التي قطعت الطريق أمام أن تكون (الجبهة الوطنية العريضة) جزءاً من العمل المشترك بين قوى الإجماع الوطني والجبهة العريضة.
{ هل (ارحل) آخر خيارات المعارضة؟
_ نحن في حزب البعث العربي الاشتراكي غير معنيين بأية فعالية باسم (نداء السودان)، ولسنا جزءاً من هذه المنظومة.
{ من يقف معكم في هذا الموقف؟
_ هي ثمانية أحزاب لم توقع، مثل الحزب (الناصري)، الحزب (القومي)، (حشد الوحدوي)، البعث القومي، تجمع الوسط الديمقراطي والبعث العربي الاشتراكي.. وأنا هنا لا أتحدث باسمها، لكن موقفنا كبعث واضح.
{ هل تقبلون بتعديل وثيقة (نداء السودان)؟
_ نحن من حيث المبدأ نعتقد أنه لا حاجة لوثيقة نداء السودان…
{ (مقاطعة).. لماذا؟
– لأنه لدينا وثيقة (البديل الديمقراطي)، وهي أكثر وضوحاً، حيث مضمن فيها الدستور الانتقالي الذي يحدد كيفية إدارة السلطة الانتقالية في المرحلة المقبلة، ووثيقة (نداء السودان) ليس فيها أي تطور على الإطلاق لا في المضمون ولا في المحتوى.
{ كأنك تتحدث عن أمور ما تجري الآن؟
_ أقول لك صراحة.. الآن السفارة الألمانية بالخرطوم قدمت دعوات لبعض الأحزاب السياسية الموقعة على (نداء السودان) بغرض الحوار معها وصولاً لمقررات القرار (456) الذي يدعو إلى حل شامل في السودان برعاية الاتحاد الأفريقي ودولة ألمانيا المفوضة من الاتحاد الأوروبي بالتنسيق مع الآلية رفيعة المستوى.. ووصول “أمبيكي” أخيراً إلى السودان كان الغرض الرئيسي منه هو اللقاء بالأطراف السياسية كافة بغرض الضغط عليها للتوصل إلى تسوية وفقاً للقرار (456).
{ ماذا تتوقع من نتائج ذلك في حال ذهاب الأحزاب لمؤتمر (ألمانيا)؟
_ سيفضي ذلك إلى انشقاق المعارضة، فهنالك أطراف لن تقبل بالتسوية السياسية، بينما ستقبل أخرى، وأعتقد أن النتيجة ستكون المزيد من الانشقاق حتى على مستوى القوى التي قبلت بالقرار (456)، وذلك سيفضي إلى اصطفاف جديد في الواقع السياسي تتأسس على ضوئه مواقف مشتركة، وعمل جبهوي جديد ما بين قوى الحوار والتسوية السياسية المسلحة وغير المسلحة مع القوى الحيّة في المجتمع المرتبطة بالعمل السياسي.
{ ما هي رؤيتكم لحملة (ارحل)؟
_ نحن لدينا حملة للعمل سياسي باسم (قوى الإجماع الوطني)، حيث اجتمع أكثر من (70) من ممثلي الأحزاب السياسية، ووضعنا خطة سياسية من (6) بنود تتضمن الموقف من الانتخابات ومن الحرب والسلام والأزمة الاقتصادية والانتخابات والحوار والحريات، وستمثل هذه العناوين الرئيسية للحملة التي سنعمل بها من أجل تطوير إسقاط النظام.. تحت هذه اللافتة، وباسم قوى الإجماع الوطني نحن معنيون بهذا الأمر لا بغيره.