زعيم كتلة المعارضة بالبرلمان القيادي بالمؤتمر الشعبي "د. إسماعيل حسين":
الدستور لم يلزم رئيس الجمهورية باختيار الولاة من الوطني.. يمكن أن يعينهم من عامة الشعب
النعرات القبلية واحدة من أسباب تعيين الولاة
لا يمكن أن نعلق حركة الحياة انتظاراً للحوار الوطني! وليس من شروط الحوار عدم إجراء التعديلات
ومولانا “الفاضل الحاج سليمان” عضو لجنة التشريع والعدل بالبرلمان القيادي بالمؤتمر الوطني:
الدستور صادر حق الولايات والأحزاب وأصبح المنصب حكراً على الوطني.. هذا لا يحتاج لجدل!
النعرات الوطنية مرض خاص بالوطني.. ونظامه الأساسي هو الأولى بالتعديل!
هذا المنطق لا يليق بمن طرح الحوار.. عجلة الحياة لا تتوقف ولكن قضايا التعديلات مكانها الحوار!
أجرى المواجهة – سوسن يسن/ نجدة بشارة
التعديلات الدستورية التي أجازها البرلمان جوبهت باعتراضات وانتقادات كبيرة خاصة التعديل الخاص بتعيين الولاة بدلاً عن انتخابهم ما عده الكثيرون ردة في نظام الحكم سلبت الولايات ومواطنيها والأحزاب السياسية حقاً كفله لهم الدستور، حول هذا المحور (المجهر السياسي) أجريت مواجهة بين زعيم المعارضة بالبرلمان القيادي بالمؤتمر الوطني “د. إسماعيل حسين” و”مولانا “الفاضل حاج سليمان” عضو لجنة التشريع والعدل القيادي بالمؤتمر الوطني، فإلى مضابط المرافعات..
{ كيف تعلقون على مسألة إجراء التعديلات الدستورية في هذا التوقيت وقطار الحوار الذي انطلق منذ أكثر من العام لم يصل إلى محطته الأخيرة؟
– بالطبع التوقيت غير مناسب لعدة اعتبارات منها أن الطرف الذي بادر وطرح هذه التعديلات هو ذات الطرف الذي دعا إلى الحوار الجامع، وكما هو معلوم واحد من ضمن أجندة هذا الحوار كيف يحكم السودان؟ هذا ملف رئيسي ومع ذلك هو من المسائل التي شملتها التعديلات الدستورية، ولذلك أحسب أنه كان من الأوفق أن يمضي الحوار وتطرح هذه القضايا داخل الحوار الوطني، وبعد أن يتوافق الناس عليها يمكن النظر في أمر تعديل هذا الدستور أو وضعها في الدستور الدائم.. لذلك طرح هذه التعديلات في هذا التوقيت غير موقف وفيه استباق لنتائج الحوار، وهذا لا يتناسب مع نتائج الحوار.
{ لكن الطرف الآخر يقول إنه لا يمكن أن تتوقف حركة الحياة وحركة التشريع من أجل حوار لا ندري مداه ومنتهاه.. فنحن لا نعلم متى سينتهي هذا الحوار الجاري؟
– هذا المنطق لا يليق بمن طرح الحوار وبمن وافق ومن دعا إليه ومن يعلم مسبقاً أن هناك خارطة طريق للحوار وسقف زمني له، لأن هذا الحوار ليس مفتوحاً والناس لا يتحاورون حول قضايا فلسفية أو كونية تنتهي بنهاية الحياة أو الكون، وإنما هناك أجندة واضحة وموضوعات محددة وسقف لهذا الحوار، ولذلك لا يليق بمن يدعو لهذا الحوار أن يقول مثل هذا القول.. بالطبع عجلة الحياة لا تتوقف ولكن هذا الحوار الجامع طرح ليعالج ذات القضايا التي تناولتها التعديلات الدستورية.
{ لكن يا دكتور ماذا لو لم ينجح الحوار أو فشل الحوار؟
– هذا سؤال افتراضي ولكن نحن في السياسة نتعامل مع الواقع وهناك حوار مطروح بخارطة طريق محددة، ولذلك ينبغي أن نمضي في هذا الحوار بجدية، وأن يمضي الجميع نحو غاياته بعزيمة وبصدق، ومسألة إذا فشل هذه مسألة افتراضية لا ينبغي أن نتوقف عندها، وإنما ينبغي أن نأخذ الحوار مأخذ الجد ولو أخذناه مأخذ الجد لن يفشل طالما هناك إرادة وطنية خالصة.
{ مسألة تعيين الولاة بدلاً عن انتخابهم التي قررتها التعديلات الدستورية جوبهت بانتقادات كبيرة ولكن المؤتمر الوطني يرى أن هناك مبرراً كبيراً دفع للخطوة هو النعرات القبلية والجهوية المتفشية؟
– السؤال هو متى يلجأ الناس للاحتماء أو الاستظهار وطلب المساندة من القبائل؟ يلجأ الناس إلى قبائلهم عندما تضيق الحرية.. حرية العمل السياسي وحرية التعبير لأن الوضع الطبيعي أن العلاقة بين المواطن وجهاز الدولة ينظمها الدستور والقانون والمواطن يمارس هذه الحقوق عبر المؤسسات السياسية وتحديداً عبر الأحزاب السياسية إلى جانب منظمات المجتمع المدني والنقابات، فإذا توفر مناخ الحرية للقوى السياسية في أن تمارس حقوقها وفقاً للقانون ووفقاً للدستور لن يحتاج أحد إطلاقاً إلى أن نلجأ إلى القبيلة. ومن ناحية أخرى هذه المشكلة تخص المؤتمر الوطني كحزب، فما ظهرت هذه النعرات القبلية والجهوية إلا عند اختيار مرشحين للمؤتمر الوطني لمنصب الوالي، ولم تظهر عند الانتخابات العامة، لأنه عندما أجريت انتخابات 2010 على أساس دستور 2005 لم يكن هناك أي مجال للحديث عن أية عصبية أو قبلية أو جهوية، بل كانت انتخابات حزبية وكانت هناك منافسة، راهنا على تلك الانتخابات بما شابها من التزوير والتزييف لإرادة الشعب، وعندما انفرد المؤتمر الوطني بالحكم وصار هناك واحد متحكم في أجهزة الدولة كلها، وصار هناك برنامج واحد أصبح ليس هناك مجالاً أمام المواطنين لأن يفاضلوا بين برامج الأحزاب المختلفة، وبالتالي لجأوا إلى المفاضلة بين المرشحين في إطار حزب المؤتمر الوطني في إطار القبائل.
فهذه مشكلة المؤتمر الوطني الداخلية حاول أن يحلها على حساب حقوق أهل السودان وعلى حساب حقوق الولايات التي كفلها الدستور في اختيار ولاتهم لأنهم هم الأدرى بما يليهم.
{ مولانا “الفاضل حاج سليمان” القيادي بالمؤتمر الوطني يرى أنه ليس هناك أي انتقاص لحقوق الولايات أو لحقوق الأحزاب السياسية سيترتب على تعيين الولاة.. لأنه من الممكن أن يحدث توافق بين المؤتمر الوطني والأحزاب حول كيفية مشاركة الأحزاب في هذه المناصب.. وقال إن رئيس الجمهورية لن يقصر التعيين على عضوية المؤتمر الوطني ويمكن أن يختار ولاة من الولايات أو من الأحزاب الأخرى وفقاً للتوافق مع هذه الأحزاب؟
– أنت عندك دستور!! عندك دستور حدد هذه الحقوق وكفلها بنص واضح أن الولاة يتم انتخابهم من مواطني الولاية، فعندما تصادر هذا الحق تماماً وتحوله إلى التعيين ستكون تلقائياً حرمت المواطنين من هذا الحق الذي كفله لهم الدستور؟
هذه مسألة لا تحتاج لأي جدل، الشيء الآخر أنك حرمت أيضاً الأحزاب السياسية من المنافسة وطرح المرشحين لهذا المنصب.. عندما تلغي الانتخاب وتقرر التعيين سيصبح هذا الأمر حكراً على المؤتمر الوطني لأن رئيس الجمهورية هو رئيس المؤتمر الوطني، وليس هناك في هذا الدستور ما يُلزم رئيس الجمهورية أن يختار ولاة من بين القوى السياسية.
وحتى لو اختار الرئيس ولاة من هذه الأحزاب فهذا سيكون مجرد تكرم منه أو صدقة وليس حقاً بينما كان في الدستور حقاً فالدستور يكفل الحقوق.
فهذا الحديث مردود وأنا أستغرب مِن مَن يقول ذلك.
وبصراحة الأولى بالتعديل النظام الأساسي للمؤتمر الوطني.. لأن الدستور كفل هذا الحق وعلى المؤتمر الوطني أن يعدل دستوره بحيث يجد نظامه الأساسي من العصبيات القبلية والنعرات والجهوية لأن هناك أحزاب أخرى لا تعاني من هذا المرض، فهذه أمراض تخص المؤتمر الوطني وعليه أن يعدل نظامه الأساسي لكي يعالج ذلك، وهم قصدوا مباشرة أن يحرموا المواطن السوداني من حقه في أن يختار الوالي.
{ في تقديرك ما هو المبرر الحقيقي أو الدافع لإجراء هذا التعديل وإقرار مسألة تعيين الولاة بدلاً عن انتخابهم؟
– أنا في تقديري هو فقط تعبير عن شهوة السلطة وتكريس لها والعودة للمركزية القابضة بدلاً عن بسط السلطة والحرية للشعب، هذا الأمر واضح تماماً، وهذه ردة نحو المركزية ونحو تكريس السلطات في يد الرئيس ما من شك في ذلك.
والغريب في هذا الأمر أن الرئيس نفسه لم يبادر بهذه التعديلات الواسعة، هو طلب إجراء (3) تعديلات محددة، لكن سحرة السياسة والمتخصصين في صناعة الديكتاتوريات عملوا على تكريس السلطات كلها في يد شخص واحد بدلاً عن أن تبسط السلطة في يد الجميع، هؤلاء حقيقة توسعوا في الأمر بصورة الرئيس نفسه لم يطلبها.
{ دكتور إسماعيل – تجربة الحكم الفيدرالي أفرزت بعض الممارسات وكانت ظهرت بوادر تمرد وعصيان لدى بعض الولاة الذين جاءوا عبر انتخابات 2010 مثل والي القضارف “كرم الله عباس” ووالي النيل الأزرق “مالك عقار” وغيرهما.. ربما هذا ما دفع المؤتمر الوطني لإجراء التعديل الخاص بتعيين الولاة بدلاً عن انتخابهم؟
– دعونا لا نخلط الأمور، “مالك عقار” ظل في صفوف الحركة الشعبية يقاتل الأنظمة منذ عام 1983 وحتى توقيع اتفاقية السلام، وأصبح بعدها شريكاً للوطني في الفترة الانتقالية.. والوطني يعلم تماماً أنه خلال هذه الفترة كان لـ”مالك عقار” جيشه.. ومع ذلك خاض انتخابات 2010 ولذلك هذه حجة واهية.. وسبب تمرد “عقار” معلوم للجميع.. “عقار” وقع مع “نافع” اتفاقية وعندما نكص الوطني عن الاتفاقية كان هذا سبباً مباشراً للحرب في “النيل الأزرق”.. وفيما يتعلق بوالي القضارف هذه المسألة تخص الوطني كحزب ولم يفرزها خلل في الدستور.. فإذا ما أثبتت الممارسة أن هناك سلبيات في هذا الدستور وبالفعل هناك سلبيات وهناك جوانب ضعف وعلل – فإذا أثبتت الممارسة ذلك فعلاج هذه العلل وعلاج أوجه النقص يكون من خلال مؤتمر الحوار الجامع ولا يكون بهذه الطريقة.
{ بعض الولاة الذين جاءت بهم الانتخابات كان يقول (الرئيس لا يستطيع أن يحاسب لأنه لن يُعينني).. ألا ترى أن مثل هذا القول ينبغي أن يدفع فعلاً إلى إعادة النظر في أمر انتخاب الولاة؟
– من هم هؤلاء الذين قالوا ذلك؟ هؤلاء هم أعضاء المؤتمر الوطني وهذه مسؤولية الحزب.. كيف يضع منهجاً يحاسب به عضويته؟ لماذا لا يحاسب أعضاءه ويحملهم على احترام الدستور وعلى احترام النظم؟.
{ توقيت إجراء التعديلات الدستورية واستباقها للحوار الوطني.. ألا ترى أن هذا التوقيت لم يكن مناسباً وأنه كان من الأوفق تأجيل إجراء التعديلات بعد أن ينتهي الحوار؟
– ومتى سينتهي الحوار؟ إذا أنت علقت الحياة كلها وجعلتها مربوطة بنهاية أحداث ووقائع أنت لا تعلم نهاياتها ولا تعلم مداها، فأنت هكذا ستكون قد عطلت الحياة وعطلت العمل وخلقت مشكلة أو أزمة.
الحوار الوطني حوار واسع والرئيس صرح بصورة واضحة جداً أن ما يفضي إليه الحوار سيكون ملزماً للحكومة وسنقوم بتنفيذه، لكن إطلاقاً لم يكن هناك حديث عن إيقاف حركة الحياة السياسية وليس من شروط الحوار أن تتوقف حركة الدولة وحركة التشريع والحركة السياسية كلها، وأن لا نجري تعديلات أو لا تقوم انتخابات انتظاراً للحوار الوطني.
كل هذا ما عنده علاقة بالحوار وبالتالي التعديلات الدستورية هي تعديلات أملتها دراسة مستفيضة خاصة في ما يتعلق بالحكم الاتحادي، وواحدة من المبررات مسألة ظهور النعرات القبلية في الولايات، لكنها ليست هي كل الأسباب.
{ الذين انتقدوا إجراء التعديلات في هذا التوقيت يقولون ماذا كان يضير لو أجلت إلى أن ينتهي الحوار الوطني – حتى لو لم يكن معلوماً متى سينتهي الحوار الوطني – حتى نثبت أننا جادون في مسألة الحوار؟
– أنت وصلت إلى نهاية دورة انتخابية ووصلت من خلال الدراسة إلى أنه لا بد من تعديل الطريقة التي يتم بها اختيار الولاة، فإما أن تصرف النظر عن هذا التعديل وتجرى انتخابات وبالتالي تكون قد حركت النعرات القبلية التي ظهرت في الولايات، وستجرى الانتخابات في هذه الظروف مع هذه النعرات القبلية.
{ مقاطعة: ولماذا تجرى الانتخابات؟ ألا يمكن تأجيلها؟
– وما هو المبرر لتأجيل الانتخابات؟
{ طالما نحن نقوم بتعديل الدستور فلماذا لا نعدل الدستور بما يتيح لنا تأجيل الانتخابات؟
– تأجيل الانتخابات ليس له أي مبرر لأن هناك نصاً في الدستور يعالج قضية الانتخابات، وهناك نواحٍ أمنية وطبيعية متعلقة بالظروف الطبيعية.. فما ممكن تؤجل الانتخابات والدورة الانتخابية انتهت وكل الظروف مواتية لقيام الانتخابات، والسلطة الموجودة الآن بعد نهاية الدورة الانتخابية لن يكون لديها الشرعية، فنفس هذه القوى التي تتحدث عن تأجيل الانتخابات إذا تم التأجيل ستقول من أين لهذه السلطة بالشرعية التي تجلس بها في السلطة بعدما أجلت الانتخابات وانتهت دورة رئيس الجمهورية ودورة رئيس البرلمان؟.
{ فلتكن هي ذات الشرعية التي استندتم إليها حين أجريتم التعديلات الدستورية الخاصة بتعيين الولاة وغيره؟
{ أنت حين تجري تعديلاً ستجريه من خلال الهيئة التشريعية القومية هذا نص موجود في الدستور.. إن الدستور لا يتم تعديله إلا من قبل الهيئة التشريعية القومية وبأغلبية (75%) من كل مجلس على انفراد، هذا هو النص الذي يعالج التعديلات الدستورية، إما أن تأتي مبادرة من رئيس الجمهورية أو أن تكون المبادرة من الهيئة التشريعية.. فأنت حينما تجري تعديلاً تجريه بإجراءاته لكن الانتخابات…..
{ مقاطعة: أما كان من الممكن إجراء تعديل في الدستور بالطرق والإجراءات السليمة خاص بتأجيل الانتخابات؟ يعني بدلاً عن أن يأتي مقترح من الرئيس خاص بتعديل تلك النصوص الـ(3) يأتي اقتراح من الرئيس أو يقدم من الهيئة التشريعية خاص بتأجيل الانتخابات – البرلمان كان من الممكن أن يجيز مثل هذا المقترح.. ما الذي يمنع؟
– الإجراء الأسلم أن تجرى الانتخابات وكل القوى السياسية تشارك فيها، وقد أجري تعديل في قانون الانتخابات يتيح للقوى السياسية المشاركة، حيث رفع نسبة التمثيل النسبي من (40) إلى (50) في المنافسة في القوائم وفي الدوائر الجغرافية.
{ تأجيل الانتخابات كان ضرورياً من أجل مناخ الحوار.. مناخ الحوار الوطني الجاري كان يتطلب تأجيلها؟
– الحوار ليس هناك ما يمنعه.. والحوار عندما تعمله سلطة منتخبة هذا يساعد في دفعه أكثر من السلطة المُعيَّنة.. لأن كل القوى السياسية تكون شاركت في الانتخابات.. وبهذا النظام النسبي كل حزب سينال عدداً من الأصوات ويتخطى عتبة دخول البرلمان، وواحدة من الآليات التي تشارك بها الأحزاب السياسية في اختيار الولاة بالتعيين، أي وفاق سياسي حينما يتم بين القوى السياسية يقوم بإشراك الولايات كلها في حكم الولايات.. يعني الرئيس حينما يختار الولاة ليس بالضرورة أن يكونوا كلهم من المؤتمر الوطني.
{ لكن الدستور أغفل هذه النقطة ولم يقل ذلك.. لم يحدد كيفية إشراك الأحزاب الأخرى وبالتالي بإمكان الرئيس أن يتجاوز الأحزاب الأخرى في الاختيار؟
– لا.. لا.. الدستور لم يقيّد رئيس الجمهورية بأن يختار الولاة من المؤتمر الوطني، وبالتالي من الممكن أن يختار الولاة من عامة الشعب السوداني.
{ الدستور أتاح للرئيس أن يختار كل الولاة من المؤتمر الوطني وليس هناك ما يمنع ذلك في الدستور؟
– طبعاً ما في ما يمنع.
{ وهذه ثغرة أو ضعف في الدستور انتقصت من حق الأحزاب أو الولايات؟
– هو طبعاً الرئيس لا يختار فقط من المؤتمر الوطني أو الاتحادي.. الاختيار يكون بناءً على الكفاءة والمقدرة والتأهيل والمصداقية والنزاهة، والشخص المناسب والشروط المعروفة الضرورية لمنصب الوالي.
حتى الحوار الذي تتحدثين عنه إذا تم الوصول من خلاله إلى أن يكون حكم الولايات بالتوافق مع الوطني والأحزاب الأخرى، يمكن الاتفاق على تعيين الولاة من المؤتمر الوطني ومن خارج الوطني بالصورة التي يتفق عليها المؤتمر الوطني والأحزاب.
{ مولانا حق الولايات والأحزاب بعدما كان مكفولاً بالدستور أصبح طائراً.. (يعني على كيف الرئيس إما أن يعين الولاة من هذه الولايات أو أن يختار من المؤتمر الوطني..؟
– والرئيس هذا هل هو مفروض فرضاً على هذه الولايات؟ نفس هذه الولايات هي التي شاركت وصوتت واقترعت واختارت رئيس الجمهورية ومن ضمن اختصاصات رئيس الجمهورية أن يحسن إدارة وحكم البلاد، فكيف لرئيس الجمهورية أن يحكم البلاد ولا تكون له سلطة في تعيين الوالي الذي هو أصلاً والياً ينوب عن رئيس الجمهورية في إدارة الولاية. الشخص الذي يعنيه رئيس الجمهورية يصبح هو مسؤولاً لدى رئيس الجمهورية ومسؤولاً لدى جماهير الولاية وأمام المجلس التشريعي، يعني أنا رئيس الجمهورية عينت فلان الفلاني والياً على “الجزيرة” وبعد أن قضى شهراً أو شهور حدثت خلافات بينه والولاية.. المجلس التشريعي للولاية اجتمع وقرر أن هذا الوالي لا يصلح والياً على هذه الولاية، يرفع المسألة لرئاسة الجمهورية فتصدر قرارها بإعفاء الوالي وتعيين والٍ جديد، في الوضع الآخر (وضع الانتخابات) الإجراءات تكون معقدة جداً.
(يا أخوانا نحن واقعنا في السودان ليس هو واقع “أمريكا” أو “بريطانيا” أو “ألمانيا” واقعنا مختلف، الأمية متفشية، النعرة القبلية متفشية، وسائل الحركة والاتصال بين المركز والأقاليم فيها الكثير من المشاكل والنواحي الأمنية، الحدود المفتوحة والحركات المسلحة، هذه كلها تقودك إلى أن تعيد النظر في الموضوع).
{ هذه الأشياء التي ذكرتها كان بالإمكان تفاديها ومعالجتها بإجراءات أخرى.. لكن إجراء منع انتخاب الولاة وتعيينهم هو ردة في نظام الحكم وفيه انتقاص كبير لمواطني تلك الولايات؟
– أنا قلت لك إن المواطنين انتخبوا رئيس الدولة، معناها أنا إذا انتخبت رأس الدولة ورأس الدولة بموجب سلطاته اختار الوالي.. والدستور أعطاك الحق في أن تنتخب مجلساً تشريعياً للولاية.. هذا المجلس منتخب من قبل جماهير الولاية وبالتالي ما يصدر من هذا المجلس التشريعي كأنما صدر عن جماهير الولاية، هذا المجلس هو الذي يقرر في صلاحية الوالي أو عدم صلاحيته، ويرفع الأمر إلى رئاسة الجمهورية.. فأين الانتقاص من حق المواطنين؟.
{ أنا كمواطن كيف أكون مؤهلاً لأن اختار وانتخب رئيس الجمهورية وعندما يأتي موضوع اختيار الوالي تبرز قضايا أو مبررات القبلية والنعرات وهذه الأشياء فأمنع من اختيار الوالي؟ ألا ترى في هذا نوعاً من ازدواجية المعايير؟
– (ما.. كلما ضاقت المسألة…)
– أنت تلاحظين أنه عندما يتم تعيين الولاة مباشرة من رئيس الجمهورية ليس من المقيدات أن يختار الرئيس والي دارفور من دارفور أو والي الشمالية من الشمالية، إنما يحكم السودان بأبنائه – (يعني يجيبوا القيادات من كل الولايات.. وهذه القيادات ثروة قومية “الحاج آدم” من دارفور و”السيسي” من دارفور و”الحاج عطا المنان” من الشمالية و”كبشور كوكو” من جنوب كردفان و”إيلا” من الشرق، وهكذا.. هذه هي الطريقة التي كنا نعمل بها أن تجمع القيادات وتوزع على الولايات بما يحقق العدالة ولم تكن هناك نعرة قبلية.. الصورة الأولى الزاهية تلك تحققت لأن رئيس الجمهورية يقرأ الخارطة السياسية ويوزع هذه الثروة القومية من القيادات على السودان بما يحقق العدالة.