تقارير

هل تهب رياح التغيير على أشرعة هيئة الإذاعة والتلفزيون؟!

ليلة إعفاء “السمؤال”..
تقرير : صلاح حمد مضوي
أصدر رئيس الجمهورية المشير (عمر البشير) قراراً أمس (الثلاثاء) بإعفاء المدير العام للهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون الأستاذ “السمؤال خلف الله”، في خطوة غير متوقعة بعد مرور أقل من (5) شهور على تعيينه مديراً عاماً للهيئة، بعد أن أعفى الرئيس “البشير”، في سبتمبر الماضي، مدير تلفزيون السودان “محمد حاتم سليمان” ومدير الإذاعة “معتصم فضل”، من منصبيهما، وأصدر أمراً بتأسيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وعين السموأل مديراً عاماً لها، و”الزبير عثمان أحمد” نائباً له. وقرر الرئيس حينها تكوين لجنة لمراجعة الهيكل التنظيمي والوظيفي للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون برئاسة وكيل وزارة المالية. ومنذ الأمس تاريخ إعفاء “السمؤال” بدأ الحديث عن أسباب الإقالة المفاجئة..
السباحة في (النيل الأزرق):
واجه المدير العام المقال للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون “السمؤال خلف الله” بحسب رؤية قدمها أحد المراقبين مشاكل كثيرة منذ تعيينه في منصبه والذي تم بتاريخ (18/ 9 /2014) كان أبرز تلك المشاكل والتي ربما مثلت القشة التي قصمت ظهر البعير هي (قناة النيل الأزرق) التي عادة ما توصف بأنها أنجح القنوات السودانية وتحصد نسبة مشاهدة عالية للغاية، وظلت تقدم خدمة على مدار الساعة، وتعتبر من التجارب الناجحة للإعلام التلفزيوني في عهد (الإنقاذ). فالقناة التي يمتلك فيها رجل الأعمال السعودي الشيخ “صالح كامل”، والذي اشترى حصته رجل الأعمال السوداني “وجدي ميرغني” الذي أصدر بصفته الشريك الجديد لقناة (النيل الأزرق) جملة من القرارات، عيَّن بموجبها مديرين جدد لمعظم إدارات القناة وهي: إدارة البرامج، الشؤون المالية والإدارية، التنفيذ، الإدارة الهندسية وإدارة التسويق. ويقول مراقبون إن قرارات المالك الجديد “وجدي ميرغني” أثارت لغطاً واسعاً داخل وخارج القناة، بسبب تعجل الرجل ومستشاريه في (السيطرة) على الفضائية التي كانت قبيل دخوله شريكاً بها، الأكثر مشاهدة وقبولاً في أوساط مختلفة من المجتمع السوداني. ووفقا لمصادر فإنه من جهة أخرى أراد “السمؤال خلف الله “بيع أسهم الحكومة للمالك الجديد، حيث رفعها كمقترح لوزارة الإعلام وقيادات الدولة، إلا أنها رفضت هذا المقترح الذي يتضمن في تفاصيله إنشاء قناة جديدة للمنوعات والموسيقى، حيث رأت أنه لافائدة من قيام هذه القناة الجديدة، بل إنها تمثل عبئاً على الدولة حيث تكلف الخزينة العامة ملايين الدولارات، في وقت ما زالت قناة (النيل الأزرق) تحصد نجاحها المتواصل.
تكهنات :
وترى  مصادر أخرى أن إعفاء “السمؤال ” جاء بسبب تحفظه على الميزانية المتواضعة التي خصصتها وزارة المالية للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، والتي تعاني أوضاعاً مالية صعبة منذ سنوات. وقال مخرج بالإذاعة السودانية- فضل حجب اسمه- إن “السمؤال” استقال ولم يقال، حيث اعترض على الميزانية المخصصة للهيئة لتسيير شئونها بعد قرار الدمج، علماً بأن شهر يناير المنصرم مثل البداية العملية للرجل لإدارة الهيئة، وبسبب تعطل الميزانية فإن العاملين الذين عادة ما يصرفون رواتبهم في اليوم الخامس والعشرين من الشهر، لم يصرفوه حتى أمس (الثلاثاء) بسبب تعطل الميزانية، فالمبلغ المرصود للهيئة قليل كما يقول.
وشهدت حقبة (الإنقاذ) سلسلة من القرارات بدمج الهيئتين، ويضيف المخرج: (في البداية لم تكن الصورة واضحة بالنسبة للعاملين في الإذاعة عن ما ينوي “السمؤال” فعله، ولكن بعدما علمنا من خططه تحسر الكثيرون على تقديمه لاستقالته فالرجل كان بحسب ما رشح يعد لنهوض بالهيئة وعامليها)، إلا أن المخرج نفسه الذي فضل عدم ذكر اسمه قال إن العاملين بالإذاعة السودانية التي تأسست في العام (1940) لم يتحمسوا كثيراً لقرار الدمج نفسه لأنه يعتبر خصماً على الإذاعة التي تمتلك الموارد المالية الذاتية بأكثر من التلفزيون المديون، وبالتالي ستؤول هذه الموارد بالمشاركة، الأمر الآخر أن العاملين بالتلفزيون سابقون لعاملي الإذاعة في الهيكل الوظيفي ويسبقونهم في الترقيات، وذلك ما يجعلهم يستحوذون على معظم الوظائف القيادية.
التلفزيون القومي .. ومحطة الانتخابات:
ويرى مراقبون أنه بالنسبة لمدير التلفزيون القومي السابق “محمد حاتم سليمان” الذي رشحت أنباء عن تعيينه في منصب السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية، وكانت قد تمت إقالته من منصبه قبل إعادة دمج الإذاعة والتلفزيون، فيرى هؤلاء المراقبون أن قيادة الدولة ترى أنه مجيد في عمله، إلا أن الضائقة المالية عصفت به حيث يرزح التلفزيون تحت مديونيات ضخمة حتى الآن، علماً بأنه يضم (700) من العاملين. وترى هذه المصادر أن الرجل محل ثقة رئيس الجمهورية وما رشح أمس حول اختياره كسكرتير صحفي لرئيس الجمهورية ربما يعود الى قدرة (حاتم) على إدارة (الحملات الانتخابية )، بسبب نجاحات سابقة له تتمثل في أبرز تغطيات قدمها (التلفزيون القومي) إبان (غزوة أم درمان) حينما دخلت قوات “خليل إبراهيم” إلى أم درمان، ووقتها قدم التلفزيون تغطية متميزة.
أخيراً:
يرى مراقبون أن (الإنقاذ) فشلت في صناعة تلفزيون ناجح ، وسبق أن اعترف النائب الأول السابق “علي عثمان محمد طه” قبل سنتين حينما  قال:(فشلنا في صناعة صحافة)، وقال إن  كل الصحافيين الذين قدمتهم الإنقاذ (انتهازيون). في وقت ينظر فيه البعض إلى المدير المقال “السمؤال” على أنه  أراد أن تنسحب الحكومة من قناة (النيل الأزرق)، بخلاف سلفه “محمد حاتم”، الأمر الذي  يعني أن وزارة الإعلام تفتقر إلى  سياسة إعلامية واضحة، وتفتق الرؤية والمنهج، وتختلف المواقف فيها باختلاف مديري التلفزيون.
وعاد العاملون في تلفزيون السودان، في نوفمبر الماضي، لتنظيم وقفات احتجاجية داخل باحة التلفزيون للمطالبة بسداد متأخرات مستحقاتهم المالية وتحسين بيئة العمل المتردية، ولام المحتجون المدير الجديد “السموأل” الذي وعدهم بالبدء في تنفيذ مطالبهم، دون أن يفي بذلك، وكانت هذه الاحتجاجات بدأت منذ العام ( 2011) على خلفية تراكم الاستحقاقات المالية وتردي الأوضاع بنقص معينات العمل الفني وتعطل أجهزة حساسة بينها كاميرات مراسلي الولايات وأجهزة المونتاج. ويرجح مراقبون تعيين مدير جديد للهيئة السودانية القومية للإذاعة والتلفزيون، حيث برزت أسماء “عبد الماجد هارون” و”موسى طه”. بينما توقع آخرون صدور قرار بإعفاء وزير الدولة بوزارة الإعلام “ياسر يوسف” وتعيينه خلفاً “للسموأل خلف الله”، على أن يعين السفير “العبيد مروح” وزير الدولة  بوزارة الإعلام.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية