انسحبوا.. هداكم الله
من بين (15) مرشحاً لرئاسة الجمهورية في الانتخابات الجارية، لم أتعرف على (11) مرشحاً..!! وحتى الثلاثة الذين عرفتهم غير “البشير”، في رأيي أنهم جديرون بالترشح في دائرة جغرافية من دوائر البرلمان.. هذا هو (مقاسهم السياسي) الطبيعي .
من أين أتى كل هؤلاء المرشحين (النكرات)؟! والنكرات هنا ليست إهانة ولا إساءة – لا سمح الله – ولا تقليلاً من شأنهم، ولكنه توصيف لواقع وحقيقة ماثلة بل مذهلة!!
فإذا كان شخصي الضعيف قد ظل يعمل متفرغاً للصحافة طيلة (19) عاماً كاملة، ولم يسمع.. ولم يقرأ.. ولم يرََ .. ولا في الأحلام واحداً من هؤلاء المرشحين الجهابذة الذين يريدون صادقين أن يحلحلوا مشاكل البلد و(صواميلها) ويوقفوا الحروب، وينزلوا الدولار واليورو، ويطبِّعوا العلاقات مع أمريكا، فكيف يعرفهم عامة الناس من الشعب السوداني (الفضل)؟!!
بالله عليكم.. من أين أتى هؤلاء؟! وكيف توفرت لهم الجرأة ليترشحوا لمنصب رئيس جمهورية السودان (مرة واحدة) دون أن يكون أحدهم قد أجرى حواراً واحداً مع جريدة أو أطلق تصريحاً في نشرة شهرية أو دورية، ولم يظهر (لعشرين ثانية) في التلفزيون، ولا في إعلان شركة اتصالات.. أو (رز) أو (شعيرية).. ضاحكاً أو عابساً بـ(جلابية وعمة) أو بنطلون وقميص وبدون (كرافتة)!!
هل سمعتم يوماً منذ أن اكتشف “كريستوفر كولمبوس” (الدنيا الجديدة) أو “أمريكا ” قبل (خمسمائة عام)، بأن هناك (15) أمريكياً قد ترشحوا لانتخابات رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية مع ما فيها من ملايين الساسة والكفاءات وأصحاب الثروات؟!
مرشحان رئيسيان هم من يبلغان مراحل السباق الحقيقية لقيادة الدولة الأعظم في العالم، والاثنان يمثلان حزبين معلومين لا ثالث لهما في قسمة السلطة والثروة في الولايات المتحدة وهما (الحزب الجمهوري) و(الحزب الديمقراطي).
وحتى في “مصر” القريبة، وفي انتخابات التحرر الأكبر بعد (60) عاماً طويلة من كبت (العسكر) في العام 2012 ، لم يتقدم للترشح للرئاسة ( 15) مرشحاً !!
هذه الفوضى أو فلنقل حالة (الإباحية السياسية) هي سودانية خالصة، خاصة بنا دون غيرنا من شعوب العالم!!
أنا أفهم أن يترشح شاعر أو أديب معروف، فنان مشهور جدير بالاحترام له رأي ورؤية، لاعب كورة معشوق للملايين يتمتع بقدر مناسب من المعرفة، وليس بالضرورة أن يكون المرشح- كما جرت العادة في العالم- سياسياً محترفاً زعيماً لحزب، أو ضابطاً عظيماً متقاعداً، أو إعلامياً شهيراً، أو مفكراً جهير السيرة .
لكننا بصراحة ابتذلنا السياسة.. وابتذلنا الانتخابات نفسها، فأصبحت (كل الحكاية) مدعاة للسخرية والتندر بين المواطنين، وعند المراقبين داخل وخارج السودان.
والحقيقة أن الرئيس “البشير ” ينافس نفسه، فلِمَ كل هذا الهيلمان الانتخابي والصرف غير المبرر على توهمات بعض المتوهمين؟!
أعزائي المرشحين للرئاسة.. لحدي هنا وما قصرتو.. أمسكوا عليكم قريشاتكم.. واحفظوا عليكم كليماتكم.. وانسحبوا يرحمكم الله.. فتوفروا للبلد مئات المليارات من الجنيهات أولى بها المستشفيات والمدارس والشوارع وآبار المياه في دارفور.
انسحبوا – هداكم الله – و لا ضرر ولا ضرار .
(جمعة) مباركة.