حالة إنسانية
حركة العدل والمساواة ادعت أنها أطلقت سراح أحد الأسرى طرفها سمته وأعلنت اسمه وسكتت! لأنها ببساطة تدعي الإنسانية وتتجاهل في الوقت عينه الاعتراف بأنها أطلقت الرجل (أعمى)، بعد فقدانه لبصره نتاج عمليات التعذيب والتجويع والإنهاك الجسدي والمعنوي. الحركة المتمردة أطلقت الأسير الكفيف بعد أن أخذت نور عينيه وبصره، وأخرجته من (بحر الغزال) حيث توجد سجون ومعتقلات لحركات التمرد الدارفورية داخل دولة جنوب السودان. ووصل إلى السودان براً بعد جهود قادها أهل الرجل وعشيرته، لأن إنسانية حركات التمرد لم توفر له حتى مصاريف الانتقال إلى حدود بلاده!
إن حركات التمرد تنتهك شروط تعامل الأسرى المعتقلين المرضى في سجونها، وقد عرفت من أحد العارفين بخبايا ودروب هذا الأمر أن العدل والمساواة تتمثل أساليب ومناهج قاسية في هذه الأمور، مستقاة من تجارب معروفة اشتهر بها عناصر تابعون للرئيس التشادي السابق “حسين هبري”، والذي أسس قواعد وأساليب غريبة في الأسر وظروف اعتقال الخصوم ومن يصنفهم كأعداء. وأن تلك الأساليب تطبق الآن على نطاق واسع بين فصائل الجبهة الثورية وحركات التمرد الدارفورية.، وأن ثمة فظائع في هذا الأمر مسكوت عنها أو تعكس بغير ما يمثل واقعها الداخلي، مثل حالة الأسير الذي صور المتمردون أنفسهم وكأنهم إنسانيون، لأنهم أطلقوا سراحه رغم أن أمر الإطلاق نفسه تم، لأن الرجل فقد بصره تحت يد زبانيته الذين لم يخجلوا من الإعلان أنهم أطلقوه لظروف إنسانية.
إن مأساة العشرات من السودانيين في سجون العدل والمساواة و(مغارات) الجبهة الثورية وقطاع الشمال، يجب أن تطارد لعنتها أولئك المجرمين، ويجب أن يتم كشفها وفضحها وهي ممارسات لا أخلاقية وقاسية، والمتمردون الذين يشتمون الحكومة و(يدعون) عليها ينسون أن في الخرطوم عادة، يتم تقديم المتورطين في أعمال عسكرية ضد الدولة لمحاكمات مفتوحة. والأسبوع الماضي شهد محاكمة نال المدان فيها حكماً لم يتجاوز السجن لأشهر، وهو حكم يصدر عادة من قاضٍ ووفق مسيرة تقاضي معلنة ومعروفة. وأكثر من هذا فإن بعض المحكومين من عناصر الحركات المسلحة هم الآن داخل السجون ينفذون أحكاماً وتزورهم أسرهم، بل ويدرس بعضهم إذ يدخل أحدهم السجن متمرداً ويخرج منه حائزاً على براءة أكاديمية عليا.
“عبد العزيز نور عشر” الأخ غير الشقيق لرئيس حركة العدل والمساواة والموقوف كما هو معلوم منذ أحداث الهجوم الغادر على أم درمان، حضر درجة الدكتوراة وهو في انتظار تنفيذ حكم صادر بحقه، ذهبت إليه لجنة المناقشة في السجن الكبير وأجازت رسالته. ولكم تصور الفرق والفارق بين هذا وشكل آخر من الانتهاك وارتكاب الفظائع، لدرجة أن يعود أحدهم من أسر المتمردين وقد كف بصره. وهذا بخلاف آثار أخرى وأضرار صحية ونفسية ستكون طويلة وممتدة.