حوارات

القيادي الاتحادي الدكتور "محمد المعتصم حاكم" لـ(المجهر) (1-2)

انتخابات 1986 يجب أن تكون المرجعية الحقيقية لأي حوار مائدة مستديرة!!
مخاطر تقسيم السودان والمدّ الشيعي دفعت بمولانا “الميرغني” للمشاركة في السلطة!!
لا ديمقراطية دون عقد المؤتمرات.. والرئيس يتخذ القرارات بعد التشاور مع (بعض) القيادات
“علي محمود حسنين” يطمح أن يكون بديلاً لـ”الميرغني”..!!
حوار – صلاح حمد مضوي
يمر الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) بتحدٍ جديد برز إلى السطح عقب قرار رئيسه مولانا السيد “محمد عثمان الميرغني” بمشاركة الحزب في الانتخابات المقبلة التي تعقد في (أبريل) المقبل، وهو ما فجر خلافاً داخلياً كبيراً دفع ببعض القيادات الكبيرة إلى إعلان موقف صارم بعد القبول بقرارات رئيس الحزب، التي أعلنت أن الدخول في أية انتخابات قبل التوصل إلى وفاق وطني ينطوي على تجاوز لجوهر المقاصد من الحوار وطعنه في مقتل، وجزمت بأن قرار الدخول في الانتخابات لم يصدر من أية مؤسسة من مؤسسات الحزب سواء هيئة القيادة، أو المكتب السياسي، وأوضحت أن مؤسسات الحزب أضحت عاجزة عن أداء أي دور ذي بال، كما أن الأحداث الجارية في الحزب منذ المشاركة في السلطة تجاوزتها تماماً، وشرعت هذه القيادات بالفعل في تكوين هيئة لتسيير الأمور بالتشاور مع رئيس الحزب على نحو يمكنها من التحضير لعقد مؤتمر عام في أقرب وقت.
{ لنبدأ بالجدل الدائر الآن بين جناحين في (الاتحادي الأصل) حيث مجموعة قيادية كبيرة مناهضة لخوض الانتخابات.. هل سيتجاوزها مولانا “الميرغنى” أم يلتفت إليها؟
– طبيعي أن يحدث تباين في الآراء في الحزب، وذلك حدث منذ الاستقلال، فالحزب الاتحادي الديمقراطي فيه تباين في الآراء والأفكار منذ الاستقلال لأنه ليس حزباً بل هو جبهة عريضة تضم كل ألوان الطيف من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ووسطيين، وبالتالي ذلك يفرز تبايناً في الآراء والأفكار.. لكن نحن منذ مدة طويلة لم نعقد مؤتمرات الحزب، ويمكن أن السبب في ذلك أن الديمقراطية نفسها في السودان منذ الاستقلال وحتى الآن عمرها (10) سنوات.. قرابة (50) عاما أو يزيد كان لأنظمة شمولية.. والفترات الديمقراطية كانت هشة وضعيفة ما سهل الانقلاب عليها، لذلك نحن لم نجد الزمن الكافي لعقد مؤتمراتنا، ولو كنا نريد ذلك مثل الآخرين لأتينا بأناس من الخرطوم على أنهم جماهير الحزب في كل السودان.
{ أنتم لا تمارسون الديمقراطية داخل حزبكم الذي بات حزب الرجل الواحد؟
– لا نستطيع التحدث عن الديمقراطية من دون أن تعقد مؤتمرات للحزب.
{ ما الذي يمنعكم إذاً من عقد مؤتمركم؟
– الذين رؤاهم متباينة ومختلفة في الحزب الاتحادي الأصل عليهم أن يضعوا أيديهم في أيدي بعض.. هنالك عدة أسباب وهذه رؤية مولانا “محمد عثمان الميرغني”، لابد من اكتمال المؤتمر في كل السودان، من ضمن ذلك جبال النوبة وجنوب كردفان، وكل دارفور.. بجانب ذلك فإن الظروف السياسية السابقة التي تلت اتفاقية القاهرة، ثم انفصال الجنوب أثرت كثيراً على المؤتمر.
{ لكنك لم تجب عن سؤالي؟
– أنا نائب رئيس لجنة الولايات المسؤول عن المؤتمر.. رئيسها “أحمد سعد عمر”.. هنالك بعض الولايات اكتملت فيها المؤتمرات القاعدية للمحليات وبعضها لم يكتمل، وبالتالي نحن ننتظر حتى اكتمالها، وبعدها تصعد للمؤتمر العام.. أتفق معك أن المؤتمر مهم، ومهم أن يأتي القرار عبر مؤسسات، والديمقراطية بدون مؤسسات لا تصبح ديمقراطية.. لكن في الظروف الاستثنائية والغريبة، وبالتالي هنالك أحداث سياسية تمر بك تتطلب اتخاذ قرارات، وفي غياب المؤتمر العام والمؤسسية الحزبية، فإن للحزب رئيساً، وهو حزب رئاسي منذ أيام “إسماعيل الأزهري” الذي كان يتشاور مع الآخرين، والآن أي قرار يتخذه مولانا “الميرغني” يتخذه بعد التشاور مع (بعض) القيادات.
{ المؤتمر الوطني أعلن محاسبته للمتفلتين على القيادة من عضويته في الترشح للانتخابات.. هل سيتخذ (الأصل) قراراً مشابهاً؟
– نحن نختلف عن (المؤتمر الوطني)، وبدلاً عن محاسبة المتفلتين فإننا نتحاور معهم، ونفتح حواراً ونتناقش ونتبادل الآراء، ونتجه بالمسائل الخلافية للمؤتمر العام.. قد أكون أنا مثلاً غير راضٍ عن المشاركة في الانتخابات، لكني ملتزم بقرار الحزب الذي أعلم من أين خرج.. نلتزم بقرار الحزب حتى لو كان خاطئاً، ونذهب إلى المؤتمر العام ونقف ضده ونقول إن هذه المسألة تمضي أو لا.. بجانب ذلك أخي العزيز أعتقد أنه لا أحد يختلف معي بأن السودان الآن في مفترق طرق وهنالك مهددات ومخاطر.. يجب أن لا نغرق في الاتحادي أو المؤتمر الوطني يغرق في المؤتمر الوطني أو الإصلاح الآن.
{ هل لهذه الأسباب التي قلتها دفعت بكم للمشاركة في الانتخابات؟
– أعتقد أن مولانا السيد “محمد عثمان الميرغني” كانت نظرته كلية للمشاركة حسب تحليلي الشخصي، حيث نظر للبعدين الإقليمي والدولي، ونظر للسودان والمخاطر التي تجابهه، ولمخاطر التقسيم المرسومة والمخططة، وقد يكون نظر للمد الشيعي والله أعلم، أو نظر لعلاقة السودان مع السعودية التي يجب أن تكون رائعة مع دول الخليج، وقد يكون فكر في أن نكون موجودين في السلطة من أجل الإصلاح ومعالجة المشاكل.
{ مثل هذه المسوغات طرحها (مولانا) قبلاً حينما أتى للمشاركة في السلطة.. لكن حتى النسبة الكبيرة المتفق عليها لم يعطكم لها المؤتمر الوطني؟
– أنا أضم صوتي وأقول لك إن نسبة مشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي لا ترقى وليست بحجم وقامة الحزب، وهي مشاركة ضعيفة وهزيلة وغير مقبولة من جانبي، والحزب أكبر من أن يمنح (4) وزارات ومشاركات ضعيفة في الولايات.. هذا واحد من الأشياء التي تهاون فيها من تفاوض مع المؤتمر الوطني في وقتها.. لا أقبل إلا أن نمنح بقدر حجمنا وقوتنا ووجودنا معه في المشاركة.
{ هنالك تململ وسط الاتحاديين خاصة في الولايات والقرار كله بات عند مولانا “الميرغني”.. كما أن الحزب نفسه إذا سار في هذا الاتجاه لربما ينشق إلى حزبين؟
– (شوف الناس البقولوا الكلام دا ما اتحاديين).. الاتحاديون الحقيقيون يعلمون علم اليقين أن الحزب الاتحادي الديمقراطي يقوده ويديره السيد “محمد عثمان الميرغني” بالتشاور مع بعض القيادات.
{ هنالك من يرفض المشاركة؟
– هذا رأيهم وهو محترم ومقدر.. وأنا قلت لك هنالك تباين في الآراء، لكن لا يستطيع أن يلغي القرار.
{ هذا القرار هو قرار فرد لا رأي الأغلبية؟
– (داير أقول ليك حاجة، الحزب دا مرق منو الشريف زين العابدين الأمين العام وجاب ناس جلال الدقير بقوا مساعدين وناسالسماني الوسيلة وأحمد بلال والعالم دي كلها).. ماذا فعلوا؟؟ (مرقت منو جلاء الأزهري بت الزعيم.. مرق منو ود أبو حسبو عصام.. مرق منو أزرق طيبة.. كل الناس دي مرقت ومشت عملت أحزاب).. نحن حزينون.. وأنا على الصعيد الشخصي حزين أن يخرج الناس عن الحزب.
{ ألا يعكس ذلك وجود مشكلة حقيقية في الحزب الاتحادي الأصل؟
– من الحكمة أن الناس الذين تباينت آراؤهم الآن واختلفت حول المشاركة الانتخابات لا يخرجون من الحزب لأن الحزب يحتاج إليهم، كما يحتاج إليهم المؤتمر العام، وأنا أعرف فيهم أناساً جادين ومخلصين يحتاج إليهم الحزب في المرحلة المقبلة، وبالتالي علينا تجاوز هذه المرحلة ونقفز فوقها وننفذ ما طرحه رئيس الحزب وصولاً للمؤتمر العام.
{ هنالك من يقول إن (مولانا) “باع” القضية.. هل ذلك صحيح؟
– هذا حديث لا يأتي إلا من قبيلة (اليسار) إن كان لدينا يساريون في الحزب.. هذه اللغة ليست من ثقافتنا نحن الاتحاديين.. (وبعدين مولانا ذاتو ما محتاج.. مولانا بشتري ما ببيع).
{ ولكن تشظي الاتحادي الديمقراطي يؤكد وجود مشكلة في حزبكم؟
– يا أخي حزب (الأمة) تشظى وأصبح الأمة (الفيدرالي) والأمة (القومي) والأمة (الإسلامي) وكذا.. والمؤتمر الوطني تشظى وصار (الإصلاح الآن) و(المؤتمر الشعب) وكذا.. هنالك تداعيات.. ودعني أقول لك إن أكبر خطأ متعمد قامت به حكومة (الإنقاذ) في بداياتها هو أنها تعمدت أن تمزق الأحزاب الكبيرة، وتعمدت أن تصنع قانون التوالي السياسي الذي أنشأه الدكتور “الترابي” حتى يلغي الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة، وأنشأ أحزاباً صغيرة كرتونية تجد أمينها العام لا يملك سوى حقيبته يحملها في يده، وليس لديه دار لحزبه أو حتى برنامج حزبي.. (80) حزباً بلغت.
{ إذن كيف تقيم الأحزاب التي يفترض أن تجلس حول مائدة مستديرة؟
– أعتقد أن المرجعية الحقيقية لأي حوار مائدة مستديرة للتقييم هي انتخابات 1986.. الحزب الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة والحزب الشيوعي السوداني والجبهة الإسلامية القومية بشقيها الوطني والشعبي والأحزاب الجنوبية ذهبت.. (لكن ما تقول لي حزب العدالة وحزب النملة الحنون والأحزاب القامت دي).
{ بما أنك مسؤول الولايات قل لي بشكل واضح متى سيعقد المؤتمر العام للحزب؟
– لا أستطيع الجزم.. لكن يمكنني القول إنه من الآن وحتى شهر مارس أو أبريل المقبلين ستتضح الرؤية حول المؤتمرات القاعدية للمحليات، وبعدها يمكن لرئيس الحزب مولانا “الميرغني” أن يعلن عن المؤتمر العام وذلك وفقاً لدستور الحزب.. وأتمنى حتى ذلك الموعد أن تحل مشكلة دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.
{ سبق أن أجريت حواراً مع الأستاذ “علي محمود حسنين” الذي قال إن مولانا “الميرغني” خالف دستور الحزب في مادته رقم (3) بمشاركته في الحكومة الحالية ولا يمارس الديمقراطية؟
– “علي محمود حسنين” أنا عملت معه، ونحن أول من شق هذا الحزب في العام 1986.. أتينا من لندن حيث كنا مع “الشريف حسين الهندي” أنا والمرحوم “سيف الدولة محمد عبد القادر”- رحمه الله- ومعنا “أحمد زين العابدين عمر” و”الحاج مضوي” و”علي محمود حسنين” و”علي أبوسن”.. علي محمود لديه إشكالية قديمة.
{ (مقاطعة).. شققتم الحزب بأي فهم قمتم بشق الحزب؟
– في ذلك الوقت كنا ضد سدنة (مايو).. أي شخص شارك في مايو عددناه مجرماً وكان ذلك تقديراً غير سليم، مع أن الأحزاب الأخرى تجاوزت هذه المسألة بينما تمسكنا بها نحن.. وأنت لا يمكن أن تشطب الشعب السوداني كله وتحرمه وهو كله شارك في مايو.. كنا متشددين لأننا كنا مع “الشريف حسين الهندي”.. مشكلة “علي محمود حسنين” مع السيد “محمد عثمان الميرغني” مشكلة قديمة وليست جديدة.
{ ما هي هذه المشكلة؟
– “علي محمود” يريد أن يكون هو الرئيس.. لديه طموح شخصي أن يصبح رئيساً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية