ما بتشبهك!!
اختار حزب الأمة أخيراً العمل السري بعد أن أدرك الحزب أن مستقبله بات غامضاً بعد الشكوى التي تقدم بها جهاز الأمن ضده لمسجل الأحزاب طالباً منه فحص حزمة من التهم الموجهة للحزب بمخالفة القانون. وتسلم حزب الأمة حسب قوله نسخة من الشكوى وبدأ فحصها.. للرد عليها.. بينما أنكرت قيادات في الدولة مثل د.”أمين حسن عمر” وجود شكوى من الأصل!! وجهاز الأمن كجهة شاكية لم يشأ القول إنه تقدم بشكوى أولاً؟؟ ولكن دعنا نفترض أن الجهاز تقدم بالشكوى لخرق حزب الأمة لقانون الأحزاب؟؟ هل هي خطوة إيجابية أم سالبة؟؟ وهل لجوء جهاز الأمن للقضاء سواء كان ذلك ضد الأفراد أو الكيانات سلوكاً إيجابياً يجب تعزيزه أم لا؟؟ وكيف تتطور تجاربنا إذا لم نجعل المؤسسات القانونية حارساً وضابطاً لسلوكنا؟؟ وحينما يتقدم جهاز الأمن بشكوى ضد حزب أو شخص فإن ذلك من حسن الممارسة ورشد الدولة؟؟ بدلاً من إغلاق دار حزب الأمة وحظر نشاطه واعتقال قادته تحفظياً لجأ جهاز الأمن لتقديم شكوى لـ(الجهة المختصة) وفي هذه الحالة مجلس الأحزاب.. وعندما يذهب الأشخاص الطبيعيون أو الاعتباريون للمحاكم فإن لا يضمنون مسبقاً حصولهم على ما يطمحون إليه؟؟ قد يخسر جهاز الأمن شكواه ويقول مجلس الأحزاب إن كل ما قام به حزب الأمة وفق القانون والدستور، وبما في ذلك توقيع رئيس الحزب لاتفاقيات مع القوى التي تحمل السلاح.. في هذه الحالة يجد جهاز الأمن نفسه أمام القبول بالحكم.. وإن شاء استأنف القرار لجهة أعلى ليمضي التقاضي ويبقى حزب الأمة ممارساً لنشاطه السياسي لحزب وفق القانون.. ولا مهزوم أو منتصر في المعارك القانونية.
ولكن حزب الأمة قبل أن يتلقى طلباً بتقديم دفوعاته أمام مجلس الأحزاب طفق يتحدث عن (استهداف) يتعرض له، وأتخذ الإمام السيد “الصادق المهدي” قراراً لم ينفذ بعد بإحالة حزب الأمة إلى المخابئ السرية، والنزول تحت الأرض وتقليد الأحزاب العقائدية الصغيرة التي لا تقدم قادتها للجماهير.. ولا علاقة لها بالنشاط السياسي المفتوح.. ليشبه حزب الأمة نفسه بأحزاب مثل الشيوعي والبعث، والتنظيمات التي لا سند جماهيري قيمة انتخابية لها.
إن اختيار حزب الأمة للنشاط السري في هذه المرحلة واختفائه من ظاهر الأرض لباطنها قرار له سلبيات على الجميع فالحكومة التي تخوض بعد شهرين وعشرة أيام من الآن انتخابات رئاسية وبرلمانية أكثر حاجة لمناخ معافى من التوترات والصراعات والأزمات، وأن تخلي السجون من المعتقلين.. وتطلق سراح المحبوسين وتتجاوز عن خطايا المنافسين في السياق الانتخابي.. وتفتح صدرها لاحتمال الفقد وحتى التجريح حتى يشعر المواطنين بالطمأنينة وإن هناك مناخاً انتخابياً حقيقياً يظلل سماء البلاد.
أما سلبيات قرار حزب الأمة بتجفيف نشاطه العلني والدخول إلى المخابئ سيحرم الحزب من التواصل الحالي مع وسائل الإعلام ومخاطبة قواعده والشعب السوداني.. وربما مضت الحكومة في التصعيد المضاد وحرمان الصحف والإعلام المرئي والمسموع من تناول أخبار حزب الأمة.. لقتله حياً.. وجعله نسياً منسياً.. ويجهل حزب الأمة خصائص نفسه كحزب جماهيري.. وقادته رموزاً في المجتمع لا تستطيع التخفي في البيوت السرية بأحياء أم بدة والثورات.. وهل يعقل أن قيادة مثل “بكري عديل” تدخل إلى باطن الأرض.. هؤلاء إما في السجون وإما في الشارع العام يرتادون المساجد ويعاودون الناس في الأفراح والمسرات، فالسرية والمخابئ لا تليق بحزب الأمة ولا من سلوكيات العصر الحديث وليس في مصلحة الحكومة وأجهزتها بما في ذلك الأمة عودة حزب الأمة للنشاط السري وإغلاق الدور ومطاردة القيادات.. ولماذا لا نضع اعتباراً للعميد “عبد الرحمن الصادق المهدي” ونصغي لرؤيته ونحترم جهده.. في ترطيب المناخ الساخن بين حزب الأمة والحكومة؟.