تحقيقات

(المجهر) تخترق (سوق العزبات) وتخرج بالمثير ..!!

 محلات تجارية بدأت بالنساء..
سوق فك احتكار الرجال للتجارة وتقدّم النساء لعمليات البيع والشراء
حكاية معاناة لأسر متعففة فقدت العائل وتحملت المرأة مسؤولية المعيشة
الكجيك والويكة والبهارات بضائع رائجة والأوراق الرسمية تحمل اسم (سوق الرحمة)
الكارو أبرز وسيلة مواصلات والمحلية تنوي نقل السوق لموقع آخر
جولة :آمال حسن
الظروف الاقتصادية التي ضربت أوصال المجتمع السوداني خلقت واقعاً اجتماعياً ألقى بظلال سالبة على سبل كسب العيش لدى الأسر المتعففة. وكان نتاجاً لهذه الظروف ميلاد (سوق العزبات) الواقع بمدينة الفتح شمال أم درمان، وهو مكان صغير اتخذته بعض النسوة اللاتي أجبرتهن الظروف المتقلبة على الخروج والانخراط للتعامل في عمليات الشراء وبيع أشياء حتى لو كانت زهيدة الثمن، طالما أنها تسد الرمق وتكفي النساء شر السؤال
 ولأن من أسس السوق كن نساء والزبائن من النساء فقد أطلق عليه ( سوق العزبات) لكن لاحقا انضم إليه بعض الرجال الذين اضطرتهم الظروف للعمل بالسوق الصغير الذي كان حكرا علي المرأة بيعا وشراء …
(المجهر) دخلت السوق وتجولت بين رواده وزبائه وجلست مع نسائه وخرجت بهذه المحصلة : 
مع الكادحين
ابتدرنا الحديث مع “حواء علي محمد أحمد” وهي من المؤسسات لسوق العزبات وكانت بدايتها فيه العام منذ ” 2003″. قالت “حواء” لـ(المجهر) (لديَّ ابن واحد لكنه للأسف تنصل عن المسؤولية وولى هارباً من البيت تاركا لي مسئولية رعاية المنزل)، وقالت إنه تركها وحيدة تخوض معترك الحياة، ولم يراع ضعف بصرها  فجاءت غلى هذا السوق تعرض بضاعتها وهي عبارة عن بعض أنواع الخضروات مثل الطماطم والقرع والبطاطس فقط، وتجلبها يومياً من السوق الشعبي أم درمان وهي اسم على مسمى السوق  (عزباء).
قلنا إن السوق لا يعنى بالنساء فقط، فهناك رجال أيضاً (عُزاب) يحملون على عاتقهم هم أولادهم، وها هو التاجر”عمر محمد علي ” الذي توفيت زوجته وتركت له عبء تربية أولادهما، (يتوهط) السوق ويقوم ببيع الخضار وبعد نهاية يوم شاق يرجع بيته محملاً ببعض منها ويطبخها لأولاده.
“منى الدومة” واحدة من بائعات السوق اللاتي مارسن فيه العمل منذ العام “2003” وقد بدأت ببيع الكجيك والويكة والصلصة الناشفة والطعمية، فضلاً عن صناعتها  لكوانين الطين مستخدمة في ذلك تخمير الطين وروث البهائهم.
وإلى جانب هؤلاء احتجزت “خديجة عبد الله” (أرملة) مكاناً لها في (سوق العزبات)، ومن ريع بيعها الخضار تربي أيتامها الصغار، وهم أربعة  توفي عنهم والدهم وهي حامل في شهرها السادس.
 ومن الرائدات اللآتي أسهمن في إنشاء السوق منذ باكورته وقد كن وقتها ست نسوة المواطنة “ثريا آدم محمد”، وهي تقوم بعرض أشياء عبارة عن المفاريك والكول والكجيك واللوبيا والفسيخ والبهارات والعدس بأسعار زهيدة .
تغيير الاسم
بعد أن تحدثنا إلى بعض النسوة بالسوق وللمزيد من معرفة تاريخ السوق النشأة والمجريات توجهنا صوب المسوؤلين عنه فتحدث إلينا نائب رئيس اللجنة بسوق العزبات الأستاذ “إبراهيم محمد إبراهيم”. وقال في حديثه  لـ(المجهر) إن السوق تأسس مع بداية ترحيل وإقامة مدينة “الجخيس” من موقعها الأساسى إلى هذا المكان،  فبعد تسليم مواطني “الفتح1” كان هنالك كمية كبيرة من المواطنين لم تستلم بعد. ولما كانت هناك مساحة صغيرة بالمكان قامت المحلية باستغلالها ونظمتها بحيث يحضر كل شخص ويسجل اسمه بواسطتها، وكانت الأولوية في ذلك  للنساء، فأتت عدد منهن للتقديم وبسؤالها أهي متزوجة أم لا كانت الإجابة بلا لدى معظمهن، فقال مسؤول المحلية مداعباً (يعني السوق ده سوق عزبات) ومن هنا كانت التسمية.
واستطرد “إبراهيم” أن اللجنة سعت كثيراً لتغيير هذا الاسم لكنها لم توفق، وما زال يحمل اسم (سوق العزبات) حتى الآن، لكن جميع الأوراق الرسمية تحمل اسم (سوق الرحمة) ولعدم قبول الناس بالاسم الجديد لم يعتمد أو يتداول حتى الآن. مضيفاً أن أغلبية الناس تعمل في هذا السوق لفترة وجيزة ما بين ساعة إلى ساعة ونصف . بعدها يحمل التاجر خضاره ويذهب.
تحويل مستمر
سألنا نائب رئيس اللجنة: هل تواجهكم مشكلة في المواصلات أو الترحيل بالنسبة للنساء؟ فرد بأنها بأنه لا توجد مواصلات محددة لهذا السوق ولكن البعض يستخدم الكارو والركشات. وهنالك فكرة لتحويل السوق من مكانه الحالي إلى منطقة “28” وقد أجرينا قرعة لتنفيذ ذلك وهناك بعض الترتيبات قبيل أن يتم النقل.
ومضى محدثنا موثقاً لسوق العزبات بقوله إن تأسيس السوق بدأ بست نسوة توجد منهم الآن حاجة “ثريا و كلتوم وحواء ومني وخديجة” بعد انتقصن بعد وفاة سادستهن الحاجة “فاطمة”. مضيفاً: (وهنالك بعض الجزارين الذين ساهموا في تأسيس السوق ومنهم “إبراهيم وسليمان” الذي يعمل في إحضار “الكمونية” وهذا السوق تم تحويله “4 مرات” حتى الآن فقد عانى التجار كثيراً بسبب التنقل من مكان إلى آخر، لأن لهم زبائن تعودوا عليهم وتنقل السوق كل فترة يفقدهم زبائنهم، وربما يتوقف العمل لفترة حتى يقوم بجمع زبائن مرة أخرى)، متمنياً أن يكون الترحيل الذي سينفذ فاتحة خير عليهم وسيطلق عليه “سوق الرحمة”. والآن كل الأوراق جاهزة بصحبة “رئيس اللجنة”.
رسوم نار
وعن المشاكل التي تواجههم في هذا السوق قال إنهم وبحمد الله لا يواجهون أي مشاكل حتى عندما تقوم المحلية بفرض رسوم على التجار يلجأ رئيس اللجنة للتشاور معها ومناقشتها إذا كان المبلغ كبيراً حتى تخفضه، والتصديق السنوي حالياً عبارة عن مبلغ “600” جنيه.
“محمود إبراهيم صالح” الموظف في الشؤون الإدارية لسوق العزبات قال في حديثه لـ(المجهر) إنها تعتبر أول جريدة تدخل لسوق العزبات ونفتقر فعلاً للإعلام وإلقائه الضوء على مثل هذه الأماكن والأسواق وعكس ما يحدث فيها لأننا نعاني أشد المعاناة مع المحلية فأحياناً تفرض علينا مبالغ كبيرة، وفي خلال (3) سنوات تضاعف المبلغ من”200-360-600″جنيه سنوياً، لذا فالمواطنون والتجار يعانون كثيراً من هذا الجانب).
دفع إجباري
(المجهر) وضعت حديث الشئون الإدارية على طاولة المحلية، وكان ردهم: أن هذه القرارات صادرة من الرئاسة، وهي عبارة عن تصاديق سنوية ولا نستطيع أن نفعل شيئاً حيالها، مضيفاً أن هذا السوق مؤقت ويجب على كل شخص أن يدفع هذا المبلغ مضطراً وإلا سيصادر المحل  منه. وزاد موظف الشئون الإدارية: (لقد تم ترحيلنا أكثر من خمس أو ست مرات، ونتمنى أن يكون الترحيل القادم إلى منطقة “28” هو الأخير ويكون الاستقرار في “سوق الرحمة ” ومع ذلك يظل السوق مؤقتاً والتصاديق التي استلمناها مؤقتة).
ولفت “محمود إبراهيم” إلى قول البعض إن سوق الرحمة مناسب ومقسم جغرافياً. وقال: (لكن على أرض الواقع فإن التسليمات مؤقتة، ونتمنى أن يعكس الإعلام الحاصل، ويساعد في تعديل الحال ويساهم في استقرار التجار).   

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية