حوارات

نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بدولة قطر الشقيقة "أحمد بن عبد الله آل محمود" لـ(المجهر) 1- 2:

* أنا متفائل لمستقبل دارفور.. ومشاريع التنمية لا تأتي بين يوم وليلة!!
* عندما خطفت الحركات (3) من موظفي الإغاثة القطرية قلت لهم إن الرسالة وصلت
* لاتوجد وثيقة في العالم أعطت تعويضاً أكثر من الدوحة
* قدمنا لدارفور (88.5) مليون دولار.. وطريق الإنقاذ الغربي سيُُفتتح قريباً
بعد جهود بدأت في العام 2011م تمكنت من الوصول إلى سعادة نائب رئيس مجلس الوزارء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بدولة قطر الشقيقة “أحمد بن عبد الله آل محمود” خلال زيارته القصيرة للخرطوم لافتتاح عدد من مشروعات التنمية بدارفور وحضور اجتماعات لجنة متابعة مسارات تنفيذ وثيقة الدوحة لسلام دارفور.
السيد “آل محمود” أصبح بحكم متابعته وملاصقته لملف سلام دارفور هو الاكثر إلماماً بتفاصيل وخبايا الملف التي امتدت منذ العام 2009م وحتى الآن.. يستقبل ضيوفه باسماً، ومن شدة صبره أطلق عليه الرئيس “البشير” ذات مرة اسم (عبد الصبور)، وحتى لحظة انتهاء الحوار معه ظل يرسل رسائله بلغة دبلوماسية دقيقة وعميقة تؤدي المعنى المقصود مخاطباً الأطراف غير الموقعة بضرورة الانضمام للسلام، ومطالباً الموقعين بضرورة التوحد والمحافظة على ما حققوه من إنجازات في الاستقرار والتنمية في دارفور عبر وثيقة الدوحة للسلام في الإقليم. الحديث عن ملف سلام دارفور ووثيقة الدوحة يحتاج إلى توثيق بمساحات أكبر ومدى زمنياً أطول من الذي أتيح لنا، ولكن رغم ذلك خرجنا بالإفادات التالية:
حوار – أحمد دقش
{ ما تقييمكم لمسارات تنفيذ اتفاق الدوحة لسلام دارفور وأنت عائد من نيالا بعد اجتماعات لجنة متابعة مسارات تنفيذ الاتفاق؟
-في تقديري كان اجتماعاً ناجحاً وبتقدير الآخرين فقد كانت المناقشات مثمرة وواضحة، ومن خلال الاجتماع قدم الممثل المشترك لليوناميد تقييمه عن التقدم الذي تم من خلال الوثيقة، وتقدمت الحكومة بتقريرها وممثلا حركتي العدل والمساواة والتحرير والعدالة قدما تقريرهما، ومن خلال الاستماع للطرفين لمسنا أن كلاً منهما راضِ عن التقدم الذي أحرز. نحن لا نستطيع أن نقول إن التقدم الذي حدث هو ما نتمناه، ولكنه كان شكلاً إيجابياً، ونحن نطمح أن يكون التقدم أسرع وبوتيرة أسرع، وحتى الآن من خلال التقارير التي عُرضت علينا ومن خلال المشاريع التي ستنفذ أعتقد أننا نسير في الطريق الصحيح. عموماً كان هناك ارتياح ومقارنة بالاجتماع الثامن والتاسع، فأقول إن تقدماً كبيراً حدث في هذا المجال، وكما تعلم فإن الأمور تسير بشكل إيجابي.
{ هل أنتم راضون عن ما تحقق من تنفيذ للوثيقة؟
-نحن راضون ولكننا دائماً نطمح للأفضل والأسرع.
{ الترتيبات الأمنية ظلت عقبة تقف أمام تنفيذ معظم الاتفاقيات الموقعة مع الحركات المسلحة وبسببها انهارت اتفاقية “أبوجا”. كيف تمضي هذه العملية من خلال التقييم الذي تم وما وجهة نظركم حولها؟
-لاحظنا أن هناك تقدماً كبيراً في هذا المجال، وحركة العدل والمساواة رتبت هذا الأمر مع الحكومة، والتحرير والعدالة تأخرت لبعض الأسباب التي عرفناها، ولكنهم الآن بدأوا يسيرون في الطريق. نحن في قطر لدينا ممثل في لجنة مع (اليوناميد) وقدم لي تقريراً بأن الأمور تسير في طريقها الصحيح، ونحن متفائلون بأنها ستمضي قدماً في مسارها.
{ هل تأخير الترتيبات الأمنية لحركة التحرير والعدالة له علاقة بالخلافات الحادثة داخل الحركة، وما تأثير ذلك على مستقبل وثيقة الدوحة والسلام في دارفور؟
-ذلك يرجع إلى الحركة داخلياً، ونحن نحضهم دائماً على الاتفاق والتحرك بشكل إيجابي، وليس لدينا وقتا نضيعه، ونحن طلبنا منهم إنهاء هذا الموضوع وبشكل سريع، وكانت لهم مطالب في بعض الأشياء التي يريدونها من الحكومة، ودعني أكن صريحاً وأقول إن هناك تأخيراً من جانب حركة التحرير والعدالة وهناك بعض القرارات، ولكن أكدوا لي خلال زيارتي هذه أن الأمور تسير في الطريق الصحيح.
{ هل تدخلتم لمعالجة المشكلات وتجاوز خلافات الطرفين، سيما وأن بعض الصراعات بين قادة التحرير والعدالة تزامنت مع وجودكم بنيالا؟
-داخل الاجتماع كان والي غرب دارفور الأخ “حيدر” ممثلاً للحركة، وكان معه الأخ “بحر أبوقردة”، ولم أجد أي خلاف وكان الحديث يجري بينهما، وطبعاً الاختلاف يصير حتى بين الإخوان، ونحن عائلة وهناك حل لهذه الاختلافات، ووالله لم أجد من الطرفين إلا كل تقدير واحترام لنا وللوثيقة وللجميع وإصرارهم على تنفيذها، ولابد من التفاهم في مثل هذه الأمور، والخلافات تدخل بين بعض من إخواننا الدارفوريين ولكن يتم تجاوزها.
{ هل تفاهمتم مع الجانب التشادي حول خلافات التحرير والعدالة، خاصة وأن لديهم تأثيراً على بعض قيادات دارفور؟
-بهذه المناسبة أود أن أشيد وأقدر عالياً دور فخامة الرئيس “إدريس ديبي” ودولة تشاد في هذا الجهد وقد مثلهم في لجنة المتابعة أخي العزيز “موسى فكي” وزير الخارجية وقد أبدى رأيه وقال كلمته وقد كانت قوية، ونادى بأنه لابد من تجاوز كل العقبات لتنفيذ الوثيقة، وقد كان موقفه واضحاً وصريحاً في دعم الوثيقة وأنها وثيقة أهل دارفور وأنه لابد أن يتم عليها، وأوضح ماذا تم في “أم جرس” وغيرها وأكد ونحن معه بأن الاجتماع الذي عقد في “أم جرس” كان لدعم الوثيقة ودعم السلام، ونحن سعداء أن تكون تشاد الآن رئيساً لمجلس الأمن الدولي.
{ هناك مصفوفة لتنفيذ مشاريع التنمية في دارفور، وأنت خرجت من اجتماعات لجنة تقييم مسارات تنفيذ وثيقة الدوحة. كيف تنظرون لمسار تنفيذ مشروعات التنمية في دارفور وافتتاح القرى النموذجية؟
-نحن مرتاحون وكان من المفروض ضمن برنامجي أن افتتح أم ضي، ولكن كما تعلم ظروف الدكتور “التيجاني السيسي” ووفاة زوجته، ولذلك تم تأجيل هذا الافتتاح، ولدينا في “تابت” أيضاً في هذا الشهر قرية ستفتتح، بالإضافة إلى عدد من المشاريع في كافة ارجاء دارفور، واعتقد الآن بدأت الثمار تظهر، وفي شهر يناير ستسمعون عن مشاريع كثيرة.
{ البعض يتحدث عن تأخر هذه المشاريع، ماذا تقول؟
-لابد أن يفهم الناس أن مثل هذه المشاريع لا تأتي بين يوم وليلة، وإنما بعد تخطيط ودراسة وترتيب، وأنا أتكلم عن المشاريع المفيدة للناس، ونحن لا نتحدث عن مشاريع بسيطة ولكن دائماً نتكلم عن الشيء النموذجي والعمل الذي يستمر لصالح الناس.
{ وماذا عن الأموال المخصصة لمشروعات الإنعاش المبكر؟
-نحن في قطر قبل شهرين وقعنا اتفاقاً مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في نيويورك، وقدمنا مبلغ ثمانية وثمانين مليوناً وخمسمائة ألف دولار حسب تعهداتنا في مؤتمر المانحين في الدوحة كإنعاش مبكر، أما بقية الأمور فنحن مستمرون في سداد مبلغ خمسمائة مليون دولاراً. والمال المخصص للإنعاش المبكر هو الذي يمكن الناس من العودة إلى وطنهم وأماكنهم ويعيشون بسلام وكرامة وراحة، وستظهر نتائج تلك المشاريع قريباً مع الأمم المتحدة.
{ كيف تنظر لمستقبل دارفور على ضوء الأوضاع الحالية واتفاقية الدوحة لسلام دارفور؟
-أنا متفائل لمستقبل دارفور، وأنا رأيت مصفوفة المشاريع التي وضعتها السلطة الإقليمية لدارفور وأنا مرتاح لتلك المشاريع، وأعرف أن طريق الإنقاذ الغربي الرابط ما بين الفاشر والخرطوم سيفتتح قريباً وهو من الآن بدأ يخفض في الاسعار حسب علمي، ووالله نحن نحب أهل دارفور ونريد لهم الخير، وأنا زرتهم وهم أناس طيبون وعانوا كثيراً وجاء الوقت ليأخذوا ثمرة السلام، وما يريحني كثيراً أن هذه الوثيقة اعتمدت من أهل دارفور في مؤتمر المصلحة وأصبحت ملكاً لهم، ولم تعتمد إلا بعد أن شرحت لممثلي النازحين واللاجئين وأهل دارفور وكانت عن طريق الأمم المتحدة، وبالتالي أهل دارفور هم من يستطيعون الإضافة إليها أو الحذف منها، ونحن لا نستطيع أن نفعل ذلك، وتضمنت الوثيقة المشاريع والتعويضات وكل ما يحسون أنه من مصلحتهم، وأنا مرتاح لذلك.
{ البعض يتحدث عن نواقص في اتفاق الدوحة كيف ترد على ذلك؟
-جاءني من يتحدث عن الوثيقة وقلت لهم والله لو أتيتم بأي وثيقة في العالم أعطت تعويضاً أكثر من وثيقة الدوحة للسلام في دارفور لقلنا إنها ناقصة وتحتاج تطويراً. لا توجد وثيقة في العالم بهذا الشكل، وأهل دارفور يستحقون ذلك، والنقطة الأخرى أنا زرت النازحين في أماكنهم وبعدها زرتهم مع أخي “جبريل باسولي”، وبعد ذلك جلست معهم وسجلت ماذا يريدون وزرت اللاجئين في تشاد، وهنا أشكر حكومة تشاد لأنها رتبت لذلك، وبهذا أقول إن الوثيقة صيغت من الناس من أهل دارفور وبعدها تم الاجتماع في الدوحة وأضيف التفاوض، والنقطة المهمة في الوثيقة أنها مرنة وواسعة لكل من يريد أن ينضم، وعندما جاءت العدل والمساواة وجدت المجال واسعاً لأنها ليست ملكاً للتحرير والعدالة ولا للعدل والمساواة وإنما لأهل دارفور ومظلة للسلام، وكل حركة ستأتي سيكون هناك ملحق اتفاق ويصبح جزءاً من الوثيقة حول ماذا يتم بينهم وبين الحكومة، وكل الترتيبات تصبح جزءاً من الوثيقة، وأنت رأيت كيف سارت أوضاع التحرير والعدالة والعدل والمساواة، ويمكن تأخرت كما قلت أنت بسبب بعض الخلافات الفردية بينهم، ولكن ليس بسبب الوثيقة ولا لعدم التنفيذ، وأنا في النهاية شكرت الحكومة لأنها قامت بدفع مائة وسبعة مليارات جنيه إسترليني وهو جزء كبير من الاعتمادات، ونحن واجبنا في قطر أن نلزم الأطراف المختلفة باحترام الوثيقة، ولكن لم نجد منهم إلا كل الخير ووجدنا من الحكومة والحركات كل التعاون، وعندما انفصل الجنوب كان لابد أن نقدر الظروف الاقتصادية التي مرت بها البلد ورغم ذلك سارت الأمور ومضت الالتزامات بشكل جيد وطيب.
{ المشروعات التي تفضلت بذكرها محل تقدير واحترام. لكن هناك مجموعة من التحديات والتحولات التي حدثت بإضافة الاتفاقية لدستور السودان في ظل مطالبة الحركات غير الموقعة بإنشاء منبر جديد، إضافة إلى تحديات النزاع القبلي في دارفور. كيف يمكن أن تعالج الوثيقة مجمل تلك التحديات والمشكلات؟
-المشكلات لو تلاحظ نُُصََّ على معالجتها عبر الحوار الدارفوري الدارفوري، والهدف منه رتق النسيج الاجتماعي وحل أي خلاف وجعل المودة بين أهل دارفور جميعاً، والنقطة التي تحدثت عنها أنت والمتعلقة بالنزاعات بين القبائل هي مسألة مهمة جداً، وأنا أشرت لها في كلماتي، والمفروض أن يدعم المجتمع الدولي عملية الحوار الدارفوري الدارفوري ولكن تعرف أن المجتمع الدولي حتى في الاجتماع ودائماً يقولون لي كرئيس للجنة إننا نريد أن نعمل وفقط نريد للسلام أن يستقر لنعمل، ولذلك تلاحظ ترددهم في الدفع ويتحججون أو يقولون بسبب السلام، وأنا قلت لهم إذا لم نبنِ التنمية لن يكون هناك سلام.
عفواً للمقاطعة.. ولكن هناك جدلية السؤال عن كيفية تحقيق التنمية في ظل الحرب؟
-نعم هي جدلية ولكني أعطيك لها. كنا مجتمعين في لجنة المتابعة بالدوحة في أحد الاجتماعات وخطفوا لنا ثلاثة من موظفي الإغاثة القطرية الذين يقومون بمشروع في ذلك الوقت. أنا أعرف حتى زعماء الحركات شخصياً وأقدرهم ويقدرونني وأحبهم ويحبونني وأحس بذلك من خلال التفاوض معهم، وليس كرهاً فينا وأنت تعرف أن هناك خلافات بينهم فلما أخذوا الموظفين قلت أمام الإعلام إن الرسالة وصلت ولكننا لن نتوقف عن التنمية لأننا عندما نتوقف عن التنمية يعني انهيار السلام. ماهو ذنب المواطن البسيط أو الفقير الموجود في دارفور ويريد أن يعيش حياة كريمة؟. ماهو ذنبه عندما يقوم شخص للأسف الشديد بعنجهية ويضر وطنه وأهله ويريد أن يوقف التنمية؟.. ونحن أخذنا خطاً وسنستمر في التنمية مهما صارت الأشياء ومهما صارت النتائج، والأعمار بيد الله ولن نتوقف عن التنمية في دارفور.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية