ستة عشر ألفاً !
توقفت أمام الخبر المنسوب لإحدى دوائر الشرطة والذي تحدث عن منح نحو ستة عشر ألفاً من الأجانب للرقم الأجنبي وهو الإجراء المفعل الآن لحصر الوجود الأجنبي سيراً به نحو التقنين ومعرفة الحجم الحقيقي لتلك الكتلة المنتشرة في أرجاء الوطن لأغراض شتى وحاجات، وقطعاً فإن استمرار عملية التسجيل نفسها مسألة مفيدة ولها في آخر الأمر فائدة إمكانية الحصول على إحصائية وأرقام تصلح للقياس عليها في أحوال التحليل واتخاذ القرار والذي يجب ألا يقوم على فرضيات وافتراضات.
وددت حقاً لو الجهة الناشطة في هذا الملف (دائرة الأجانب) قد توسعت في استعراض مثل هذه الإحصائيات التي يجب أن تتجاوز الحساب بالرأس إلى تفصيلات أعمق فمثلاً ومن نص الخبر مثار التعليق والخاص بآخر عدد مثبت للحائزين على الرقم الأجنبي فثمة استفهامات هل كل العدد مهاجري القرن الأفريقي أم انه يشمل مهاجرين من جنسيات أفريقية وعربية أخرى. هل يشمل الإحصاء مثلاً مهاجري جنوب السودان والذي أفهم أن يتم منحهم تمييزاً من حيث قانون الإقامة وإجراءاته ولكن هذا لا يسقط بالضرورة وللأهمية إحصاء عددهم وهل يشمل الإحصاء الأشقاء بمصر الداخلين بموجب اتفاق الحريات الأربع؟!
هذا التنوع والتوسع في المعلومات لازم وملح، ولذا لابد من تحصين عمل دوائر الأجانب من أي ضغوط إعلامية وسياسية وتدخلات لأي سلطة نظيرة أو موازية بمستوى أعلى أو أدنى، وأعتقد أنه ومع تنامي موجات الهجرة إلى السودان وتعدد الأنظمة القانونية الضابطة لذلك لابد من العمل على تقوية الأذرع القانونية والآليات التي بجانب القانون يمكن الحديث عن نيابة مختصة للأجانب ومحاكم للهجرة ومخالفاتها، فهذا بجعل للأمر وجوه قانونية أقرب لإقامة العدل سواء للمهاجر المضطر أو للمواطن المتضرر أو المحتج.
كثير من الإجراء القانوني بالضبط والإحضار حتى القضاء بالإبعاد والسجن يتم في كل مراحله في أي قسم وفي أي محكمة، وهذا يضر بقضية وروح العدالة في أمر يتطلب استصحاب الأبعاد السياسية والاجتماعية للظاهرة وفحصها من كل الجوانب.
الأمر في تقديري يمضي من حسن إلى أحسن وحفظ الله السودان وأهله وجعلهم ملاذاً آمناً للضعفاء حقاً، وحمي بلادنا من غدر الخائنين من أصحاب السوء والمخازي.