احتفالات أكثر من رائعة
حرصت لظروف العمل واعتبارات أخرى على أن أكون بين الحاضرين في احتفالات استقبال العام الجديد ويوم الاستقلال، وأستطيع القول بثقة تامة أن ثمة انتقال كبير في تعامل المواطنين مع هذه المناسبة والتي تحولت بالأمس إلى ليلة جميلة الملامح والقسمات، إذ نزلت كل الأسر للطرقات والساحات وتميزت الشرطة السودانية في انتشار مرئي ومستتر رتبت به الأمور في سلاسة، فيما تمددت بين المحتفلين روح إيجابية، إذ علت الروح الوطنية والإخاء على ما سواها وبدا أن الكل قد عبر فوق همومه إلى غدٍ وعام جديد يتفاءل به.
لفت نظري الاحتفاء الكبير بالعلم الوطني والأناشيد الوطنية ولحظت أن الفئة العمرية دون العشرين هي الراجحة الكفة في النشاط وأشكال التعبير، وقد ارتحت لهذا فهذا مؤشر موجب على أن هذه الفئة إضافة عالية لروابط الولاء الوطني. وقد انتشروا يحتفون إما بالتلويح بالأعلام أو الإنشاد الجماعي مع صوتي الراحلين “وردي” و”العطبراوي” وبانسجام مع النص والمعاني والألحان بشكل بديع.
اعتقد وبتطواف واسع وممتد أن احتفالات هذا العام شهدت روحاً جديدة يغلب عليها الإحساس بالوطن الكيان، كان هذا ملمحاً رسمه الحاضرون من كل السحنات والجهات. وبالطبع أتحدث هنا عن العاصمة الخرطوم وإن كنت أتوقع ذات الشعور في الولايات والتي يظلمها الإعلام في مثل هذه المناسبات، فلا يذكرها فيمن عنده وإن كنت أتوقع أن تكون بعض حواضر الولايات قد ذاقت ساعات الفرح العام تلك، وقد تكون تفوقت من حيث الإعداد والتنظيم على الخرطوم نفسها.
لقد اختفت أعمال الرمي بالبيض الفاسد وتراجعت بشكل كبير ما تعارف عليه البعض من سلوكيات، وهذا تطور حميد يستحق الإشادة والتنويه. ولهذا أتوقع بمرور التجارب أن يكون هذا اليوم وهذه الليلة يوماً للأسر، يحرصون عليه ولو مرة في العام، فكلما اتسع حيز الأمن والسلامة كلما اندمج المجتمع في الأنشطة المشتركة بلا محاذير وتخوفات. وليلة الاستقلال كانت بالفعل ليلة تليق بالسودان والسودانيين، فالتحية للجميع وتحية عالية رفيعة لقوات الشرطة السودانية الجندي والبطل المجهول في مناسبة الأمس وتعساً للفضائيات السودانية التي لم تكلف نفسها النقل المباشر لأفراح الشعب والمواطنين، واكتفى بعضها بنقل الحفلات المسجلة البايتة وهكذا تظل دوماً متأخرة وغائبة إلا إن أمرت.