من وحي الأخبار

رأس السنة.. انحسار السلبيات!

تعلمت في السنوات الماضية ولطالما كررت هذا النص أن أكون في الليلة الأخيرة في العام الميلادي ومطلع العام الجديد ثاوياً في بيتي وبين أهلي اكتفي من الدنيا بثرثرات الفضائيات ومتابعة التلفاز والنوم أمنا في سربي، فهذا أفضل من التعرض للرشق بالبيض والمياه الباردة والقصف بقوارير المياه وربما الاضطرار لخوض مشاجرة هذا بخلاف جملة مظاهر سالبة أخرى، فضلاً عن سوء حركة السير بقدر تصل معه بيتك مع ساعات الفجر الأولى!
في كل عام يتلقم البعض البيض بيضة ويصادف البعض مواقف طريفة وأخرى صبيانية تتبع بصياح صبي بشكل هستيري علينا وقد طلى وجهه بصفار البيض مع شعلة ألعاب نارية (كضبت) تحت أقدامنا واكتملت المعاناة بعبوري كوبري الحرية ومنطقة السكة الحديد فيما يقارب الثلاث ساعات من فرط ازدحام الناس والسيارات حتى أني ظننت أن (الفاتيكان) نقلت إلى حي السجانة! وللأمانة فإن هذه المظاهر انحسرت في العاميين الأخيرين ومضت الأمور بسلام عكس ما هو متوقع.
لست مغالياً بل أؤمن بأنه من حق من أراد الاحتفال برأس السنة أو عيد الاستقلال فعل ذلك في حدود حرية لا تؤثر على سلام الآخرين وهذا هو الوضع الطبيعي الذي يجعل الأعياد فسحة للجميع وسانحة ترويح للأسر والزملاء في مكان العمل وعموم المواطنين، وهذا ما أرجوه لاحتفالات مساء اليوم، إذ أرجو ألا تشهد خروجاً عن اللباقة العامة وتهييجاً للأمن العام ببعض الحركات التي تحول مثل هذه الليالي إلى وضعية تتعامل معها السلطات في العادة بتوتر عظيم إلى أن تشرق شمس اليوم التالي بسلام.
يمكن بقليل وعي أن تكون مثل هذه الساعات عامرة بالبرامج المفيدة والمبادرات التي تجعل من المناسبة حدثاً ينتظره الناس بفارغ الصبر، وأعتقد أن شباب هذه البلاد خلاق ومبادر ويمتلك مساحات لتقديم نماذج من الأفكار والمقترحات والأعمال التي تحول رأس السنة من حالة الهاجس الأمني والمهدد الاجتماعي إلى لحظة سلام تتسق ومعاني المناسبة في بعدها الأول المتعلق بميلاد المسيح أو بعدها الآخر المتزامن وأعياد استقلال البلاد من المستعمر وعودتها إلى أيدي مواطنيها.
إن غابت المعاني الايجابية عن حشود المحتفلين فاعتقد أن الدور الأكبر والأهم سيقع في التصويب والتوجيه على عاتق أولياء الأمور الذين يتحتم عليهم لعب دور المرشد والرقيب الأول السابق للسلطات الولائية والمحلية، فالسلطات ومهما قويت لوائحها ونشطت عناصرها لن تغطي الدور المطلوب ويبقى دورها منحصراً في جوانب وقائية أو تحوطية أو برقابة ميدانية إلى زوال، ولكن العنصر الأهم سيكون دور الأسر في تصويب الأبناء ومنعهم عن التجاوز، ويتسق هذا مع دور ضمير المجتمع بأسره أو جمهور الحاضرين في زجر المتفلت وردع المجاهر بالسوء سلوكاً وقولاً، فإن تم كل هذا ضمن الجميع ليلة مريحة وسعيدة ولحظات فرح ومرح لا يتضرر أحد ولا مواطن.
وكل عام والجميع بخير

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية