بكل الوضوح
عامر باشاب
الصباغ رحيل كل الجمال الإنساني
{ (غيمة سواد تعلن حداد عمت سمانا وأرضنا) بالأمس وبعد صلاة العشاء حيث نعي الناعي الإعلامي القدير والمذيع الشهير “الفاتح الصباغ” الذي فارق هذه الفانية ورحل في صمت وهدوء الكبار بعد معاناة وصبر جميل مع الأزمة الصدرية التي أتعبته طويلاً وأنهكت جسده النحيل.
{ “الصباغ” تاريخ حافل بالعطاء الإبداعي النوعي في مجال الإذاعة والتلفزيون وظل بصوته العميق ونبرته اللافتة ولغته الرصينة يحرص لأربعين عاماً على التفاني والإخلاص والحضور والتواجد الدائم داخل حيشان الإبداع الفضائي والإطلالة المتفردة عبر الشاشة والأثير الإذاعي.
{ “الصباغ” غير ارتباطنا الإعلامي جمعتني به علاقة صداقة وخوة ومحبة في الله فهو بالحق طراز نادر من البشر فدواخله تحتشد بكل صفات الإنسانية والنبل والشهامة والكرم فقد عاش كل حياته شريفاً وعفيفاً ونظيفاً.
{ أذكر عندما تفاقمت أزمته المرضية قبل عام منعته كرامته وأجبره حياؤه على عدم التصريح بما وصلت إليه حالته الصحية واختار أن يظل صابراً على معاناته مع المرض مؤمنا بأن ذلك أكرم له.
{ نعم لقد قرأت ذلك على وجهه وأحسسته في حديثه عندما زرته حينها وقلت له ما هي ردة فعل قادة جهازي الإذاعة والتلفزيون اللتين أفنيت فيهما زهرة شبابك بعد سماعهم عن تفاقم حالتك الصحية خاصة أن طبيعة عملك بهذه الأجهزة وراء كثير من ما تعاني منه من ألم ولحظتها قال لي لا أريد أن أشغل أحداً بمرضي وحينها عرفت أنه ومهما اشتد عليه المرض لن يطلب من أحد أيا كان أن يعينه في علاجه .
{ وعندما ذهبت إليه مع صديق لي صاحب حس وطني من معجبيه أراد أن يقدم شيئاً من الوفاء لرجل في قامة “الصباغ” وفي مثل عطائه بمبلغ مالي متواضع يعينه في سعيه للعلاج بالخارج حينها لم يتمالك نفسه فذرف الكثير من الدموع وقال لي أن يساهم مواطن عادي لا أعرفه ولم ألتقه من قبل فهذا اعتبره أعظم تكريم حصلت عليه في حياتي ومن وقتها أصبح صديقاً لصديقي وبعد أن عاد من رحلة العلاج ظل يتواصل معه وتفقد أحواله عبر الهاتف.
{ وضوح أخير .
{ لأول مرة في حياتي أجد نفسي عاجزاً عن الكتابة حقاً إني فجعت برحيل صديقي النبيل “الصباغ” فبيننا حوارات لم تكتمل ووعود ولقاءت لم تتم ولكن قدر الله وما شاء فعل.
{ هذا الإنسان العظيم “الفاتح الصباغ” منذ أن تعرفت عليه وجدت فيه كل صور الجمال الإنساني وكل تميز الإبداع الإعلامي.
{ ألا رحم الله الصباغ بقدر ما أعطى لهذا الوطن وبقدر ماقدم لهذه الأمة وبقدر جمال روحه وطيب نفسه ورعة أخلاقه وكريم خصاله.
{ إنا لله وإنا إليه راجعون