تقارير

(الوطني) يشدد على قيامها.. والمعارضة تتمسك بالحوار.. والزمن يمضي

جدل شرعية الحكم عبر الحوار أم الانتخابات؟
الخرطوم – يوسف بشير
في أولى خطوات العام الحالي ابتدر رئيس الجمهورية “عمر البشير” عملية الحوار الوطني لتحقيق مصالحة وطنية وجلس له ممثلو الطيف السياسي على المائدة المستديرة، في وقت  كان يأمل فيه المواطن أن يكون قادة قواه السياسية أكثر حنكة وتقديماً للتنازلات لصالح الوطن، لكن في ما يبدو كانوا أكثر تكتيكاً ومراوغة، فبعد تبادل للعناق والابتسامات أمام الكاميرات، والتحجر والصلابة في المواقف خلف الستار خرج كل طرف ليلقي اللوم على نظيره ويحمله تعثر الحوار قبل أن تلوح الانتخابات الرئاسية في الأفق، فالمراقب للساحة السياسية يرى أن الحوار ليس هدفاً بحد ذاته، وإنما غاية تصل لاتفاق سياسي يخرج الوطن من عنق الزجاجة وذات الأمر يتعلق بالانتخابات فهي بحد ذاتها ليست هدفاً وإنما وسيلة لتداول السلطة، ليطرح الواقع أسئلة ملحة هل الحوار هو الهدف؟ أم الانتخابات؟. في وقت ويرى فيه مراقبون أن إجراء انتخابات غير توافقية ستعمق واقع الأزمة السياسية في البلاد فلابد من تقديم التنازلات من أجل توافق وطني ينقذ الوطن تحقيقاً للقول المأثور (الوفاق هو أبهى صور الديمقراطية).
لا .. تأجيل
رغم تأكيدات بعض الأحزاب بعد خوضها لانتخابات الصيف القادم إلا بعد الوصول لمخرجات الحوار الوطني، قطع المؤتمر الوطني بضرورة أجراء الانتخابات في مواعيدها ولعل تشديد رئيس البلاد مرشح الحزب الحاكم لها “عمر البشير” على قيام الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مواعيدها المقررة باعتبارها استحقاقاً دستورياً واجب النفاذ. وقال خلال مخاطبته حشد اتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل (السبت): (إن الانتخابات تعتبر أساس التداول السلمي للسلطة وأن الشعب السوداني هو صاحب الكلمة في تحديد من يحكمه).. مؤكداً أنه لن يتم تسليم السلطة إلا عبر الانتخابات وأكد في حديثه (الذي يريد تغيير النظام عليه بصندوق الانتخابات)، مجدداً في الوقت ذاته جدية حكومته على إنفاذ الحوار الوطني الشامل لجمع أهل السودان على كلمة سواء للاتفاق على خارطة الطريق المستقبلية للبلاد.
تعديل الدستور لمنح شرعية
وفضل المؤتمر الشعبي الحوار حيث إن إحدى قضاياه خلق استقرار سياسي لتحقيق سلام شامل عبر وفاق وطني يقدم مصلحة البلاد. ورجح بأنه الأنسب، ووعد بأنه سوف يظل يدعو الجميع للوفاق. وقال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي “كمال عمر” في إفادات لـ(المجهر) أمس: (الحوار أصبح أسلوباً للحياة السياسية). وترك الباب مواربا أمام مستقبل انتخابات أبريل بعدم قدرته على التنبؤ بما يحدث بعدها، قاطعاً في الوقت ذاته بعدم خوض حزبه لها. وقدم “عمر” حلاً للخروج من الأزمة السياسية بمنح الحكومة شرعية لعام أو عامين عبر تعديل الدستور تمكنها من القيام بدورها في حوار يجمع السودانيين كافة ينتج قانون انتخابات متفق عليه ويمنع حدوث فراغ دستوري كما يقول الحزب الحاكم.
التوافق أولاً
حركة الإصلاح الآن حزمت أمرها بعدم دخولها انتخابات لا تأتي عبر الحوار الوطني. وقال القيادي فيها للصحيفة “أسامة توفيق” إن قانون الانتخابات ومواعيدها ومفوضيها والجهة التي تديرها لابد أن تخضع للحوار لنصل لتوافق بشأنهم قاطعاً بأن القوى السياسية كافة في آلية (7+7) لن تخوضها ورجح سقوط حزبه في الانتخابات إن دخلها. وذكر أن هناك اندماجا كاملا بين الدولة والحزب الحاكم فرئيس الحزب هو رئيس الجمهورية وولاة الولايات هم رؤساء الحزب فيها إضافة إلى أنهم رؤساء لجان الأمن. وقال مازحاً: (سيفوزك عشان خاطر عيونك؟)، داعياً لتطبيق نموذج الوفاق التونسي، مبيناً أن البلاد لم تكن بحاجة لتوافق وطني شامل مثلما تحتاج اليوم.
وطالب مؤتمر البجا المؤتمر الوطني بتأجيل الانتخابات لتهيئة الأجواء للحوار الوطني وتقديم تنازلات لإنجاحه، محذراً من خطورة إجرائها في موعدها. وقال رئيس مؤتمر البجا، مساعد رئيس الجمهورية ” موسى محمد أحمد” خلال مخاطبته أول من أمس (السبت) انعقاد المؤتمر الرابع لحزبه بالقضارف إن مسيرة الحوار تمضي ببطء. وذكر أن حزبه يخشى أن يؤدي قيام الانتخابات لفشل الحوار. 
ازدواجية الرؤية
يرى المحلل السياسي الدكتور “حمد عمر حاوي” أن الحزب الحاكم يسير نحو الانتخابات لعدم تقارب وجهات النظر مع القوى السياسية في عملية الحوار الوطني الذي يبدأ بعد، مبيناً أن خارطة الطريق ومبادئ (أديس أبابا) تحدثت عن حكومة قومية وإطلاق سراح المعتقلين ولم يتم. وذكر أن الحوار لم يكن له جدوى إن لم يكن شاملاً. في وقت انهارت فيه مفاوضات الحكومة مع الحركة الشعبية – قطاع الشمال ومع حركات دارفور المتمردة. وقطع بأن قيام الانتخابات في وقتها سوف يعمق من أزمة البلاد ولن يحدث استقرار سياسي عبرها. وجزم بحدوث تفكك وصراعات بعدها وحول رؤيته للحل قال “حاوي” إن الحوار مؤشراته غير مطمئنة ووضع الحل في يد المؤتمر الوطني بفتح الباب أكثر للقوى السياسية وتأجيل الانتخابات ووضع انتقالي أو حكومة انتقالية ذات مهام محددة . وذهب المحلل السياسي “عمر عبد العزيز” في اتجاه آخر. وقال للصحيفة إن المواضيع المطروحة في آلية (7+7) الاتفاق حولها أكثر من الاختلاف، إلا أنه عاد وقال إن اكتمال الحوار والإجماع على مخرجاته قبل الانتخابات يؤدي لتوافق وطني. ورهن ذلك بتطورات الأحداث في الأربعة شهور القادمة. وأبدى أمله بحدوث انفراج وتحقيق نتائج إيجابية إن قام مؤتمر للحوار بشكل كامل يعمل علي تحديد القضايا وإطار التوافق حولها، مبيناً أن المؤتمر سوف يتطرق لتأجيل الانتخابات خاصة سقف قضاياه غير محدودة.
 شرعية الحكم عبر انتخابات
البروفيسور “مختار الأصم” رئيس المفوضية القومية للانتخابات قطع  بأن الانتخابات لا يمكن أن تكون عائقاً أمام اتفاق السودانيين حول الحوار الوطني. وقال في وقت سابق لبرنامج (مؤتمر إذاعي) الذي تبثه  الإذاعة القومية إن الانتخابات تعني آلية التبادل السلمي للسلطة دون عنف أو بندقية، لافتاً الانتباه إلى أن العالم كله لم يجد سبيلا آخر لتبادل سليم للسلطة إلا عبر صناديق الاقتراع، مشيراً إلى أن الدستور الانتقالي لعام 2005م أمن على هذه المسألة  وأصبح منذ ذلك التاريخ يحكم السودان إلى أن قامت الانتخابات الأولى في ابريل 2010م التي أدت إلى استقرار الحكم، مؤكداً أن شرعية الحكم نبعت من تلك الانتخابات وأن الدستور حدد فترة زمنية بعدها ستنتهي هذه الشرعية (شرعية رئيس الجمهورية شرعية البرلمان، المجالس الولائية وشرعية الولاة) في أبريل من العام القادم ..وإذا لم تجر سيحدث فراغ سياسي يمثل فرصة مواتية للجهات المعادية للسودان التي تتحين تلك الفرصة وترغب في أن ترى فراغاً دستورياً يؤدى إلى اضطراب سياسي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية