حوارات

نائب رئيس الجمهورية يفتح أبواب القصر لـ(المجهر السياسي):

لا تأجيل للانتخابات ولهذا السبب نرفض توحيد مسارات التفاوض مع المتمردين
الإصلاح قناعة وليست خطة تجميلية و”الصادق” متردد جداً
هذه أسباب اعتقال “فاروق أبو عيسى” و”أمين مكي مدني”
“الميرغني” قريب منا.. وبعض أصوات الاتحاديين لا تمثل إلا نفسها
حوار – يوسف عبد المنان
أضفى وجوده في القصر الرئاسي حيوية ونشاطاً في أوصال السلطة، تجده  ما بين انشغالات الحزب ومتابعة ملفات الاقتصاد والزراعة والحكم اللامركزي. ظل الرجل في حركة دؤوبة وأسفار وترحال بين الولايات.. خلال عام طاف الرجل كل ولايات السودان باستثناء الولاية التي خرج من صلبها.. لكنه أكسب القصر حيوية الشباب ونضوج الفكرة.. والرغبة في العطاء.. فوق ذلك عفة اللسان ووسطية المواقف واعتدالها.. الشيء الذي جعل لحسبو محمد عبد الرحمن موقعاً في التشكيل الحكومي ما بعد خروج القطبين “علي عثمان” و”نافع”.. لا يبدو الرجل في نشاطه الدؤوب على صعيد متابعة شئون الدولة بعيداً عن ملفات الحزب السياسية شديدة الحساسية وكثيرة التعقيد.. وبقدر ثقة الرئيس في نائبه الشاب ووضع أهم الملفات في الدولة أمام طاولته كملف القطاع الاقتصادي ومتابعة شئون المواطنين، فإنَّ “حسبو” قريب جد من ملف الحوار السياسي مع الأحزاب والانتخابات ولذلك تزدحم في طاولته الواسعة كثيراً من القضايا الشائكة والعصية.. لكنه يمضي في حيوية وعمق نظر.. وسعت أفق.. نحو إرساء قواعد حكم نظيف من الشوائب..
استقبلنا في منزله الواقع على ضفة النيل في ليلة شتوية نصف دافئة مع الأستاذ “الصادق الرزيقي” نقيب الصحافيين ولم يضع قيوداً أو محاذير لحديث سياسي..
نترك للقارئ تقييم جدواه.. ولكن “حسبو محمد عبد الرحمن” من السياسيين القلائل الذين لا يطلبون من الصحافيين العبارة المقدسة وعند البعض (O.F.RECORD) ولا من طينة السياسيين الذين يقولون بلسانهم ما يحلو لهم وغداً حينما تهب الرياح من حصاد ألسنتهم (ينكرون) ما خرج من تحت اللسان.
أحاط نائب الرئيس مكتبه بثلة من الشباب الذين أنضجتهم التجربة العملية في دهاليز السلطة والتنظيم ولكنهم قريبون إلى الواقع الاجتماعي ويلامسون هموم المواطنين.. وللأخ “الفاتح حسن المهدي” فلسفته في التعاطي مع الصحافة والصحافيين مما قرب النائب إلى الشارع العام.. دون إفراط أو تقتير أو حُُجُُب تحول بينه والرأي العام..
في حديثه عن الواقع الراهن تبدت ثلاثة أشياء أولاً إن القضية الاقتصادية تضعها الدولة كأولوية على بقية الملفات، ثانياً إن الانتخابات في أبريل القادم أضحت واقعاً وعلى الجميع التعامل معها كحقيقة، وقد أوصدت الحكومة أبواب التأجيل حتى ولو حدث توافق سياسي مع المعارضة فإن الانتخابات لن تؤجل.. ثالثاً إن المؤتمر الوطني في عافية وما يثار عن وجود تيارات تصطرع داخله أقرب لأماني منافسيه والساعين لإسقاطه أكثر منها حقيقة على أرض الواقع..
معاً إلى حديث النائب “حسبو محمد عبد الرحمن” من خلال ثلاث حلقات متتالية:
{ اتخذ المؤتمر الوطني خطوات للإصلاح الحزبي ثم إصلاح الدولة وإثر ذلك جاءت بعض التغييرات في الأشخاص بيد أن السياسات هي التي كان ينتظر الشعب حدوث تغيير جوهري فيها اقتصادياً وسياسياً ودبلوماسياً.. هل توقفت عملية الإصلاح إلى هنا.. وما مدى بلوغها المقاصد التي وضعها الحزب؟
– المؤتمر الوطني طرح عملية الإصلاح الحزبي كجزء من استحقاقات العملية الديمقراطية والتطور نحو الأفضل وعكفت لجان داخل الحزب لشهور طويلة تضع الخطط وتتلقى المعلومات والتقارير، وبعد عملية تشخيص امتدت شهوراً طويلة لأننا أصلاً حزب ينهض على العملية والديمقراطية.. والشورى الواسعة، وحينما أطلق الرئيس “عمر البشير” خطاب الوثبة الشهير العام الماضي كانت عملية الإصلاح قد تم إقرارها داخل أجهزة الحزب.. وذلك على مسارين.. المسار الحزبي ومسار الدولة وفي المسار الأول تمت مراجعات شاملة لأداء الحزب ولوائحه المنظمة..لأن من ينشد الإصلاح في الدولة لابد له أن يبدأ بنفسه ولكن سارت العملية الحزبية جنباً إلى جنب مع عملية الإصلاح الهيكلي للاقتصاد الوطني بإقرار الخطة الخمسية التي استهدفنا من خلالها ثلاثة أشياء مهمة النهوض بالزراعة وزيادة المساحات المزروعة وتقليل فاتورة استيراد القمح وتحسين الصناعات الوطنية وجعلها منافساً للصناعات الخارجية في الوقت الذي وضعنا سياسات واضحة لزيادة إنتاج البلاد من البترول بالاستكشاف الجديد وتحسين التكنولوجيا الصينية المستخدمة وتكرير البترول السوداني مما يؤشر حسب تقديرات المختصين في هذا الشأن لزيادة كبيرة في الإنتاج خلال السنوات القادمة.
{ تعني الأخ نائب الرئيس أن التغيير والتجويد لم يلامس سياسات السلام والعلاقات الخارجية بعد وكذلك السياسات الاقتصادية؟
– الجبهة الاقتصادية شهدت تطوراً كبيراً جداً بعد انفصال الجنوب. فقدت الخزانة العامة موارد مالية كبيرة جداً ولم تحصل على أية معونات اقتصادية لدعم الاقتصاد السوداني..وفقدنا موارد كبيرة من عائدات البترول واندلعت الحرب في المنطقتين إضافة إلى الحرب في دارفور كل ذلك واجهته الدولة بسياسات مرنة ربطنا حزام الصبر على البطون.. وتقشفت الدولة ورشدت الصرف إلا الضرورات القصوى حتى عبر الاقتصاد تلك المرحلة الصعبة وذلك بفضل كفاءة الأداء والاهتمام بالزراعة وقد حدث الآن اختراق كبير جداً في علاقاتنا بالدول الخليجية والكويت والإمارات والمملكة العربية السعودية.. فالسودان الآن في عمقه العربي يمتاز بعلاقات جديدة جداً وكانت زيارة الأخ الرئيس للقاهرة وزيارة الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” للخرطوم بمثابة طي لصفحة من التجاذب الذي أضر بعلاقات البلدين.. كل هذه التطورات تمثل منهجاً جديداً وخُطى نحو التغيير في السياسات.
{ ولكن قضية السلام والمفاوضات حول المنطقتين ودارفور لا تزال تراوح مكانها ولم يحدث أي اختراق يعزز فرص تحقيق السلام في السودان؟
– عندما طرح الرئيس “البشير” في خطاب الوثبة الدعوة للحوار الوطني ما كانت الدعوة مناورة بقصد الكسب السياسي المؤقت ولا كانت مجرد دعوة علاقات عامة.. فتحنا صفحة جديدة لقناعاتنا بأن مشكلات البلاد حلها في وحدة الصف والتقاء القوى الوطنية على ثوابت محددة وتهيئة المناخ لانتخابات أبريل 2015م.. ومنذ البدء كانت خطتنا أن نقترب من إخوتنا في المعارضة السياسية نحن كحكومة وحزب حاكم مسؤوليتنا أكبر من المعارضة في تحقيق السلام لذلك دعونا حاملي السلاح من أبناء دارفور والمنطقتين للسلام والتفاوض وفق المرجعيات الأساسية بالنسبة لدارفور تشكل اتفاقية الدوحة المرجعية الأساسية والتي لا يمكن تجاوزها.. لماذا نتمسك بالدوحة لأنها مخاض لحوارات عميقة استمرت لأكثر من عام شملت حاملي السلاح وأهل المصلحة والمثقفين من أهل دارفور الذين لم ينخرطوا في العمل المسلح.. وكانت حركة العدل والمساواة قريبة من التوقيع على اتفاقية الدوحة لولا تقديرات خاصة بها في ذلك تراجعت من التوقيع وكذا الحال حركة “مناوي”، والدوحة اتفاق وجد التأييد والدعم من المجتمع الدولي من خلال قرارات إسناد.. ما الذي يجعلنا نتجاوز اتفاق الدوحة وقد نص قرار مجلس الأمن (2046) على مرجعية الدوحة لحل قضية دارفور وحدد مرجعية أديس أبابا وبرتوكول المنطقتين وما يتضمنه من مشورة شعبية كإطار لحل قضية المنطقتين.
{ ثمة خطوات قامت بها الحكومة والمؤتمر الوطني نحو الحكم اللامركزي فهمت بأنها تراجعات جوهرية على نمط استقرت عليه رؤى أغلب أهل السودان؟
– نحن مؤمنون تماماً بالحكم اللامركزي ولكن تم إجراء مراجعات أساسية حوله بعد أن ظهرت التشوهات في الممارسة بالانكفائية والمناطقية والجهوية.. لذلك بدأنا بالإصلاح الحقيقي لهذا الحكم اللامركزي وسوف نستمر فيه إلى النهاية.. لقد طرحنا إصلاح الدولة كجزء من الإصلاح الشامل الذي سعينا إليه.
{ لماذا لم تتجاوب المعارضة مع أطروحات إصلاح الدولة؟
– بكل أسف المعارضة كانت متوجسة من خطاب الوثبة الذي أعلن في يناير والمائدة المستديرة انعقدت في أبريل والمعارضة لم تختر ممثليها السبعة إلى يوليو أي بعد ستة أشهر.. وذلك بسبب خلافات المعارضة الداخلية وصبرنا على المعارضة بسبب خلافات المعارضة الداخلية وصبرنا على المعارضة كثيراً من أجل إنجاح الحوار، وكانت الرؤيا بالنسبة لنا أن الحوار للقوى السياسية في الداخل والحركات المسلحة في الخارج وللمجتمع المدني أيضاً تم فتح مسار حتى لا نقول إن الأحزاب وحدها هي التي تمثل الشعب السوداني.. هناك  أعداد كبيرة غير منتظمة في الأحزاب.. نحن صادقون في طرحنا وسنظل نتمسك بالحوار داخلياً وخارجياً.
{ وهل حدث أي تطور إيجابي على صعيد العلاقات الخارجية جراء الانفتاح السياسي على المعارضة وإقرار الحوار والإصلاح؟
– العلاقات الخارجية حدث بها تطور كبير.. لقد ضرب علينا حصار أمريكي له أهدافه الإستراتيجية، الأمريكان يريدون أن نقول نعم في كل الأحوال ورغم أننا لم نغلق أبواب الحوار مع الولايات المتحدة استطعنا أن نحقق قدراً من الانفراج مع الأوروبيين ولدينا علاقات ممتازة مع روسيا.. منذ الستينيات لم يزر وزير خارجية روسي السودان إلا هذا الشهر.. وهذا تطور مهم جداً وسوف يترتب على زيارة الوزير الروسي نتائج بانعقاد اللجنة الوزارية السودانية الروسية في موسكو.. وسوف تكون هناك زيارة رئاسية لموسكو في يناير القادم وأي علاقة دبلوماسية لم تتجذر لمصالح اقتصادية لا جدوى منها.. لذلك علاقاتنا مع الخليج الآن قد تحسنت بعد أن أصابتها تشوهات في الفترة الماضية.. لقد أصبح السودان بفضل علاقاته العربية الجيدة وخاصة مع مصر أن يلعب دوراً في الإقليم.. ولدينا مبادرة من خلال اجتماع دول الجوار الليبي لمساعدة الليبيين في التوافق ووقف النزاع الداخلي.. وأفريقِياً علاقاتنا ممتازة جداً وقفت مع أفريقيا في قضية المحكمة الجنائية الدولية.. في الاقتصاد رؤيتنا واضحة جداً إننا بعد خروج بترول الجنوب واجهتنا مشكلة كبيرة تغلبنا عليها بزيادة الإنتاج وزيادة الصادرات وهذا ما تحقق في نهاية العام الجاري، وفي 2015م ستتضاعف صادرات السودان من الذهب والبترول والحبوب الزيتية والغذائية… ومعدلات الأمطار هذا العام ممتازة جداً مضاف إليها التحضير الجيد للموسم الزراعي.. ولأول مرة نعلن في اللجنة الاقتصادية العليا إعلان أسعار تركيز للحبوب لدعم المنتج الصغير في الفول والقطن والسمسم.. هذا يؤدي لإصلاح ميزان المدفوعات، وبنهاية 2014 يكتمل البرنامج الثلاثي ويبدأ البرنامج الخماسي وأهم ملامحه زيادة الصادرات وتخفيف أعباء العيشة.. ومت الإصلاح تمت إزالة كثير من العوائق داخل المؤسسات.. كانت هناك صراعات داخل مؤسسات الدولة. الآن كل الحكومة تعمل بسياسة واحدة لا صراع، ولو برزت لدينا أزمة ننهض بعلاجها جميعاً. ثم أننا انتهجنا سياسة الزيارات الحقلية وهذا المنهج سيحقق أهدافه بدلاً من التقارير التي لا تمنحك الصورة الحقيقة.
{ هل سيظل السودان فقط يعتمد على الصين في النفط وإلى متى؟
– بعد التطورات الأخيرة نتوقع دخول روسيا في مجال التنقيب عن البترول والغاز والذهب، الآن منحت روسيا (9) مربعات للتنقيب عن الذهب.
{ وزير الخارجية الروسي قال إن بلاده ستدخل مع السودان في مرحلة التنسيق العسكري مما أثار مخاوف جهات عديدة في الإقليم؟
– علاقاتنا العسكرية مع روسيا ليست جديدة.. هي علاقات قديمة جداً ومتطورة لكن الجديد في العلاقة أن في السابق كان هناك ضعف اقتصادي في علاقتنا مع روسيا والجديد هو زيادة التبادل الاقتصادي مع موسكو وهذا سينعكس على التعاون العسكري وبالتالي اللجنة المشتركة عملت جهداً كبيراً جداً.
{ حديث وزير الخارجية الروسي أثار مخاوف إقليمية؟
– تعاوننا العسكري مع روسيا عادي جداً مع تعامل كثير من الدول ولكن الروس متقدمون معنا في المجال العسكري لكن العلاقات الاقتصادية كانت دون الطموح والجديد الآن دخول روسيا للاستثمار في الغاز والبترول.
{ كيف التوازن بين الصين وروسيا في سياق العلاقة الاقتصادية؟
– الصين لديها مسارات اقتصادية تعمل فيها لا تتأثر بدخول روسيا ولن تتقاطع مصالح الدولتين في السودان أبداً لأن فرص الاقتصاد كبيرة جداً مثلاً الصين لا تعمل في الغاز ولا الذهب..
{ عودة لبدء الحوار بعد انهيار مفاوضات المسارين الدارفوري والمنطقتين بدأ أن ثمة تراجعاً كبيراً جداً في مسألة السلام في السودان؟
– السلام هدفنا فيه إستراتيجي وليس تكتيكياً.. نحن قناعتنا أن الحوار لن يتحقق إلا بالحوار الشامل لذلك عندما قلنا المنطقتين هدفنا إلى استكمال برتوكول المنطقتين.. لأن هناك أصلاً اتفاقية وقعت وهي اتفاقية السلام الشامل ودارفور تستكملها لوجود اتفاق الدوحة كما ذكرنا آنفاً.. ولكنهم هم يلتفون حول القضية ويريدون جمع المسارين ونحن نرفض ذلك.. هناك استحالة في جمع المسارين.. بعد حل قضية المنطقتين وقضية دارفور بعد ذلك إذا كانوا لديهم رؤية حول الحوار الوطني الكلي من حقهم المشاركة في القضايا الكلية مثلهم وبقية القوى السياسية.. على الرغم أن مسار التفاوض في دارفور محدد مسبقاً في الدوحة نحن- استثناءً- قبلنا طلب الاتحاد الأفريقي وبموافقة القطريين على عقد المفاوضات السابقة في إثيوبيا.. لقد كان اتفاقنا معهم فقط أن يبدأ الحوار حول وقف إطلاق النار الشامل في “أديس أبابا” ثم يعودون للدوحة رغم أن قناعتنا أن مفاوضات دارفور أصلاً لا سبب يجعلها تذهب إلى إثيوبيا ولكننا قصدنا تسهيل الأمر بعد موافقة الوسطاء والقطريين وافقنا لكن بصراحة متمردو دارفور غير جادين في قضية السلام يريدون خلط الأجندة والأوراق وليس لديهم هدف محدد.. متمردو دارفور يتحدثون عن السودان كله والمتمردون في المنطقتين أيضاً يتحدثون عن السودان.. هذا لن يحل القضية فالحكومة رؤيتها مناقشة قضية دارفور مع حاملي السلاح من أبنائها وكذلك المنطقتين.
{ لماذا تستكثرون على أهل دارفور والمنطقتين مناقشة قضايا السودان؟
– هؤلاء ليسوا أهل دارفور ولا أهل المنطقتين، هؤلاء متمردون من دارفور ومن جبال النوبة والنيل الأزرق نحن ما مستكثرين عليهم.. ولكن أسس مرجعيات التفاوض تقول ذلك دارفور بدأت في الدوحة، المنطقتان لديهما مرجعية البرتوكول، لذلك نحن لا نرفض أن نتحدث معهم حول قضايا السودان الكلية ولكن في مائدة تجمع كل أهل السودان.
{ الحكومة تحرق المراحل وتقول شعارات وتغفل أشياء أخرى والدليل على ذلك أنها في أجواء الحوار والتفاوض تعتقل الرموز السياسية وما اعتقال “فاروق أبو عيسى” ود. “أمين مكي مدني” و”فرح عقار” إلا مثال فقط؟
– شوف ما في أي تضييق ولا نحرق مراحل.. كنا صريحين مع القوى المعارضة منذ البداية هم حركة سياسية وطنية مسجلة نحن نتفاوض معهم على الطاولة، ولكن هم يخلطون الأوراق مثلاً ما الذي يجمع حزباً يعمل في الداخل وفق القانون ويذهب يوقع اتفاقاً مع حركة مسلحة تحمل البندقية ويقولون اتفقنا على تفكيك النظام.. واحد من شروط هذه الاتفاقيات هو تفكيك النظام.. وهذا ما فعله السيد “الصادق المهدي” في “باريس”.. إن تقدم انتفاضة محمية بالسلاح لتفكيك النظام.. وهذا ما وقعه “أبو عيسى” مع الجبهة الثورية و”الصادق المهدي”.. للأسف هم متناقضون. الجبهة الثورية وجماعة “أبو عيسى” و”أمين مكي مدني” و”الصادق المهدي” وقعوا على وثيقة في الليل ووقعوا وثيقة أخرى بين “أبو عيسى” والجبهة الثورية تم فيها إقصاء “الصادق المهدي”، واضح جداً أن هؤلاء يعملون وفق تكتيك محدد لكسب الرأي العام.. وهم غير جادين.. نحن في النهاية سوف نستمر مع القوى الوطنية الجادة الذين لا يستنصرون بالأجنبي وليست لديهم أجندة خارجية من أجل مكاسب، سوف نستمر مع هؤلاء ولن نغلق باب الحوار.. لكن ليست هناك جدية وتوقيع البيانات والوثائق لن يحل المشكلة.. السودان مشكلته لن تحل بالشعارات والهتافات. لقد طرحنا الحريات ولم نتراجع عنها.. لكن حادث “أبو عيسى” شيء مختلف جداً.. هؤلاء يريدون إسقاط النظام وتفكيكه.. لن نسمح لأحد بتفكيك الإنقاذ.
{ القوى التي توافقت معكم مثل المؤتمر الشعبي لم يتماه مع الأجنبي ولم يوقع مع الحركات المسلحة أعطاكم كل شيء ولم تمنحوه شيئاً؟
– المؤتمر الشعبي ليس منعزلاً.. لكن هناك قوى وطنية عديدة معنا في الحوار الوطني وجزء من آلية (7+7).. (الشعبي) مقتنع بالحوار، هؤلاء فعلاً مقتنعون أن قضية الحوار يجب أن لا ندخل فيها أطرافاً خارجية وأن لا نشرك الأجانب في الحوار الوطني.. في هذا (الشعبي) موقفه واضح جداً هو يقرأ الساحة جيداً ويقرأ التداعيات الدولية والإقليمية وما حدث في دول الجوار.. (الشعبي) وغيره وكذلك بعض الأحزاب المشاركة في الحكومة مقتنعون في هذا النهج.
{  مخاوف (الشعبي) إسلامية أكثر منها مخاوف وطنية عامة؟
– والله (الشعبي) حزب وطني كبير يقرأ الساحة قراءة جيدة ويعي الدروس التي حدثت في الإقليم ويقدر ما يمكن أن يحدث.. ما هي المخاوف الإسلامية؟ هي أن يتمكن دين الله في الأرض.. إذا شعرنا أن هناك مخاطر على الوطن تصبح الأولوية في التصدي لهذا.
{ لذلك يتوقع مشاركة (الشعبي) في الانتخابات؟
– والله كل شيء وارد.
{ التضييق الذي تمارسه الحكومة على المعارضة هو الذي يدفعها للخروج من السودان والاستنصار بالأجنبي هل مثل هذه القضايا حاضرة في مناقشاتكم مع الأحزاب وداخل الحزب الحاكم؟
– نحن في كل حواراتنا نتحدث بشفافية وموضوعية حتى اليسار طرقنا أبوابه وذلك في سبيل بناء مرتكزات وطنية للوطن متفقاً عليها، بعد ذلك تكون هناك حكومة راشدة تبنى على تلك الثوابت ومعارضة راشدة تراعي هذه الثوابت.. و”الصادق المهدي” كان على رأس الحوار وهو من أكبر المبادرين في مسألة الحوار، أما في ذلك الوقت كنت مسؤولاً عن القطاع السياسي في المؤتمر الوطني.. كنا على حوار فردي وجماعي ولكن “الصادق” من عيوبه التردد. يبدو أن “الصادق” خُيل إليه أن الحكومة أصبحت على وشك السقوط.. والنظام سينتهي مثل أيام الإنقاذ الأولى.. كان هناك محافظ من منطقتنا في نيالا تم تعيينه ضمن (110) من المحافظين تم تدريبه في القطينة وجاء لأداء القسم لكن جاء إليه بعض المعارضين وقالوا له هل تريد أن تلوث يديك والحكومة ستسقط قريباً فرفض أداء القسم وظل (هائماً) ولم يدخل النظام السياسي إلا بعد (15) سنة عن طريق اللجنة الشعبية وعين بعد (15) سنة. لذلك “الصادق” هناك أناس يشوشون عليه.. نحن نقدر أنه رئيس وزراء سابق وزعيم لطائفة هي سليلة الثورة المهدية.. لكن واضح أن أشواق “الصادق” الأخرى في سقوط الإنقاذ وتشويش البعض جعله يصدق الأكاذيب.
“الصادق” لا يقرأ الساحة جيداً.. لقد كان “الصادق” قبل خروجه على علاقة وثيقة بنا.. يلتقي الرئيس دائماً أنا التقيته عدة مرات.. وطرحنا عليه كل ما عندنا وطلبنا منه العمل مع بعض حتى لو في النهاية لو نهضت حكومة إسلامية ومعارضة إسلامية في ذات الوقت لا مانع لدينا بثوابت متفق عليها.. لكنه متردد.
{ يدور همس أن “الصادق” قد تلقى عرضاً من المؤتمر الوطني للشراكة في السلطة، هل عرضتم عليه منصباً بعينه في الحكومة؟
– لا.. لا لم نعرض على “الصادق” منصباً.. لكن عرضنا عليه تطوير الحوار وبلوغه مرحلة التراضي على ثوابت وطنية.
{ بعض التسريبات تقول إنكم عرضتم على “الصادق” وزارات بعينها؟
– لم يحدث ذلك أبداً.
{ يكتنف موقف الحزب الاتحادي الديمقراطي قدر من الضبابية، السيد “محمد عثمان الميرغني” خرج من السودان مع أحداث سبتمبر ولم يعد حتى الآن؟
{السيد “جعفر الميرغني” لا يعرف عنه الشعب السوداني شيئاً هل موجود في القصر؟ أم في الخارج؟ هذا يجعل هناك أسئلة حول ظلال قاتمة تخيم على علاقة المؤتمر الوطني بالحزب الاتحادي الديمقراطي؟
– الحزب الاتحادي الديمقراطي تاريخياً مواقفه وطنية ومؤيد للحوار ونحن على تواصل مستمر مع السيد “محمد عثمان الميرغني” آخر زيارة قام بها الرئيس بزيارته في منزله وكنت مرافقاً للأخ الرئيس.
{ الزيارة قبل عام؟
– نعم قبل عام ولكن نحن على اتصال دائم بالسيد “محمد عثمان” وهناك مناديب يبعث بهم السيد “محمد عثمان” للتشاور والتنسيق.. قبل مغادرة السيد “محمد عثمان” البلاد زارني في منزلي.. هم مؤيدون للحوار والشراكة.. هناك بعض الأصوات في الحزب لا تمثل الموقف الحقيقي.. هي أصوات وهناك الصوت الحقيقي للسيد “الميرغني”.
{ هل سيخوض “الميرغني” الانتخابات تعني الحزب الاتحادي الديمقراطي؟
– الطائفية معروف أين يصدر القرار.. “الميرغني” على اتصال دائم معنا.. إذن لا مجال لحديث آخر.. لدينا لجنة سياسية مشتركة بين (الوطني) والاتحادي الديمقراطي حتى الآن هم معلنون خوضهم الانتخابات.. لأنهم شاركوا في الانتخابات الماضية.
{ المعلومات تقول إن المؤتمر الوطني سيتنازل عن بعض الدوائر الجغرافية والتمثيل النسبي من أجل حلفاء الحزب من القوى السياسية؟
– ليس جديداً في العمل السياسي أن نفعل ذلك في الانتخابات الماضية تنازل المؤتمر الوطني عن (43) دائرة للأحزاب الحليفة.. في الانتخابات القادمة سنتنازل عن مزيد من الدوائر.
{ وهل صحيح سيتنازل المؤتمر الوطني عن (130) دائرة لحلفائه؟
– لن أستطيع أن أقول لك رقماً بعينه لكن الدوائر التي سيفوز بها الآخرون ستتضاعف، كيف تعديل قانون الانتخابات جعل الحد الأدنى أي النسبة المؤهلة كانت (4%) الآن أصبحت صفراً، وبالتالي أي حزب يمكنه الحصول على دائرة في التمثيل النسبي.. ثانياً أكبر المتوسطات وأكبر الباقي, ثالثاً زادت نسبة التمثيل النسبي كانت (40%) وأصبحت (50%) كل ذلك من شأنه التمهيد لدخول أعداد كبيرة من الأحزاب للبرلمان القادم.
{ لماذا المؤتمر الوطني يحمل حلفاءه على ظهره في كل الأحوال ولماذا لا يبحث عن حلفاء يساعدونه بدلاً عن هؤلاء المحمولين على الأكتاف؟
– هم سيخوضون الانتخابات.. نحن نريد شراكة سياسية حقيقة مع هذه الأحزاب هناك أساليب كثيرة في العمل السياسي منها التنازل.. هناك طبعاً أحزاب تخوض الانتخابات وتدعم المؤتمر الوطني في بعض المواقف هذا أيضاً أسلوب سياسي.
{ وهل المشاركة في الانتخابات شرط وجوب من أجل الشراكة في الحكومة القادمة.. بمعنى إذا قرر حزب مقاطعة الانتخابات لن يكون حليفاً لكم بعد الانتخابات؟
– الانتخابات شرط ومعيار أساسي في التحالف مع الأحزاب لكن هناك استثناءات للحركات المسلحة التي حالت ظروفها دون دخول الانتخابات ونعني بذلك أنها لم تنهِ الترتيبات الأمنية والعسكرية والتحول لحزب كشرط في قانون الانتخابات.
{ لماذا إصرار المؤتمر الوطني الشديد على قيام الانتخابات والتي تطالب أغلب الأحزاب بتأجيلها بما في ذلك بعض حلفائه ولكن صوت المؤتمر يرتفع عالياً رفضاً لمبدأ التأجيل؟
– ليس صوت المؤتمر الوطني.. نحن ليس لدينا سلطة لتأجيل الانتخابات هي استحقاق دستوري وقانوني تم تحديد موعد الانتخابات منذ مايو 2010 وكل الأحزاب تعلم أن الانتخابات في 2015.. المؤتمر الوطني حزب مثل بقية الأحزاب لا يملك سلطة تأجيل الانتخابات لأن تأجيل الانتخابات يعني أن الحكومة القائمة ستفقد شرعيتها.. الرئيس منتخب من كل السودانيين وبسلطة التفويض هو الآن ممثل الشعب.. عندما لا تجرى الانتخابات يفقد الرئيس شرعيته .. فلماذا ندخل بلادنا في متاهات الفراغ الدستوري؟.
{ إذا الحوار الوطني أفضى لاتفاق بتأجيل الانتخابات؟
– الانتخابات قائمة في موعدها.. نحن قرار مؤتمرنا العام أن لا تعديل دستوري وتعديل قانون الانتخابات من أجل تأجيلها.. الأحزاب بوضوح شديد تسعى لجرجرة الزمن حتى تبلغ موعد الانتخابات ولا تقوم ونفقد بذلك شرعيتنا نحن متهيئون لذلك.. نحن منذ عام أعددنا أنفسنا للانتخابات الآن هناك (39) حزباً سيشاركون في الانتخابات.
{ هي أحزاب من شاكلة اللاتي يحملهن المؤتمر الوطني على ظهره أي ذوي الوزن الخفيف؟
– أنا لا أستطيع أن أقول هذا حزب من ذوي الوزن الخفيف أو غيره لأن الحزب حزب ما دام مسجلاً ولديه شهادة وشرعية أخي “يوسف”.. الآن هل أستطيع أن أقول هذا رئيس تحرير صغير وكبير.. رئيس التحرير هو رئيس التحرير.. هل أستطيع أن أقول هذه صحيفة صغيرة وتلك كبيرة؟.
{ الأحزاب التي تقول إنها أحزاب.. لا تملك دُوراً ولا مواقع في (الانترنت) ولا عناوين بريد ولا صحفاً ولا نشاطاً سياسياً، كيف تصبح هذه أحزاباً؟
– نتيجة الانتخابات هي التي تكشف عن الأوزان حتى لا تصدرون أحكاماً غير عادلة عليها.. نحن نتعامل مع الحزب المسجل كحزب لا نميز بين حزب وآخر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية