القيادي بالمؤتمر الوطني النائب البرلماني "مهدي عبد الرحمن أكرت" في حوار مع (المجهر) السياسي
حوار – سوسن يس
لست مثيراً للجدل ولكني مثير للإصلاح وللقضايا الحية التي تهم الشعب!
أتوقع أن أدفع ثمن ما أقوله غالياً جداً
(90%) من النواب يؤيدونني خارج قبة البرلمان ولكن لا يجرأون على الحديث داخل القبة
فهذا هو موسم فك التسجيلات ولابد من الصمت!
الإصلاح توقف تماماً وأنا الوحيد الذي يعمل للإصلاح!
عرف عنه الصدع بما يراه حقاً داخل قبة البرلمان.. وبينما يراه البعض مثيراً للجدل متمرداً على خط حزبه دائم الإحراج للوطني بطرحه لقضايا الفساد المحرجة، يصفه آخرون بأنه (نبي داخل حزب ضال). هو يقول عن نفسه في هذا الحوار : هو يقول عن نفسه في هذا الحوار: (لست مثيراً للجدل.. أنا مثير للإصلاح ومثير لقضايا حية ومهمة تهم الشعب السوداني .. رفضت زيادة أسعار المحروقات ووقفت ضد القروض الربوية وعارضت تجنيب المال العام، ووقفت ضد تجاوزات بنك الثروة الحيوانية.. فهل هذه القضايا جدل؟؟
(المجهر) حاورته حول قضايا مختلفة وحول ملف اتهاماته لبنك الثروة الحيوانية بالتجاوزات وبشبهة الفساد .. فإلى مضابط الحوار.
{ كيف تنظر للمفاوضات الجارية في “أديس أبابا”؟
– والله أولاً هذه المفاوضات جمعت فئات متناقضة جداً، جمعت بعض الحركات الدارفورية، جمعت الجبهة الثورية ومفاوضي المنطقتين النيل الأزرق وجنوب كردفان، وجمعت أحزاباً كالشعبي والإصلاح الآن، وحزب الأمة والاتحادي الديمقراطي.. كأنه موسم الهجرة إلى “أديس أبابا”، مثلما قال “الطيب صالح” في روايته.. هذا موسم الهجرة إلى إثيوبيا.
فـأنا أعتقد أن كل هذه التناقضات وقوى دولية كثيفة جداً متواجدة في “أديس” وطرح موضوعات مختلفة وقضايا مختلفة.. هذا يعتبر خلطاً للأوراق السياسية وخلطاً للقضايا.. والحكومة أيضاً عندها (7+7) وأنا أفتكر أن هذه خطوة ممتازة جداً من رئيس الجمهورية، أن يجمع كل الأحزاب في (7+7) فهذه المواضيع لا يمكن أن يتم جمعها في سلة واحدة.. وهذه المسألة وفي وجود أصابع أجنبية موجودة في فندق (الشيراتون) لا تبشر بخير، ولا تجعل الحوار يسير في مساراته المطلوبة مهما كانت قوة المحاور.
{ إذاً فأنت لست متفائلاً وترى أن نتائج التفاوض لن تكون جيدة؟
– نعم.
– والحوار نفسه تقوده النخب.. حتى الحوار في داخل المعارضة تقوده النخب.. كل الذين يتفاوضون هم النخب والمسألة كلها مسألة نخب سواءً كان من جانب الحكومة أم من جانب الحركات الدارفورية، أم من جانب الجبهة الثورية أم من جانب قطاع الشمال أو مفاوضي المنطقتين. هؤلاء هم النخب الذين ضيعوا السودان منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، السودان محكوم بالنخب، وهذه النخب لا قواعد لها وتأثيراتها تأثيرات ضعيفة ولذلك أنا أتوقع أن يكون الفشل حليفاً لهذه المفاوضات.
{ لكن هذه النخب تمثل أحزاباً لديها قواعد؟
– عندهم أحزاب ولكن حتى الأحزاب تكونت من قيادات نخبوية.. طبعاً الشعب السوداني يريد السلام ولا يريد الحرب، ولكن هذه القيادات النخبوية تريد وقف الحرب بثمن يعود لها.
هؤلاء الذين يجتمعون في “لندن” وفي إثيوبيا وفي يوغندا أو في تنزانيا وفي أي مكان.. وكما قالوا الهاربون من الخنادق يتحاورون ويجنون الدولارات ويحلبون هذه البقرة الحلوب، المؤتمر الوطني.
– أنا أفتكر أنه لا بد للحكومة أن تقدم تنازلات كبيرة جداً للقوى السياسية الصادقة والراغبة – لابد من تنازلات كبيرة في مسألة السلطة والبرلمان وهذه التنازلات هي التي ترغب الأحزاب، وهي التي تختبر مصداقية الحكومة بعد حكم استمر (26) عاماً.
{ لكن إذا قدمت الحكومة تنازلات فتلقائياً هذه التنازلات ستذهب إلى هذه النخب التي ذكرتها أنت – طالما كان الحال هو كما وصفته؟
– والله التنازلات ستكون للنخب ولن تكون مصحوبة بتنمية، صحيح في الآونة الأخيرة حدثت تنمية في الشرق وفي دارفور بواسطة الصندوق الكويتي، وأنا أشكر دولة قطر فلولا هذه الاتفاقية لما وجدت التنمية سنداً.
– النخب هم الذين ظلوا يقودون الشعب السوداني في المركز ويفاوضون باسمه ويحاورون باسمه وهم ظلوا رمزاً للفشل السياسي والطائفي.. والآن في البرلمان وفي مجلس الولايات وفي الحكومة ناس (حضروا زمن الأزهري والمحجوب ومازالوا..) وناس شاركوا في حكومة مايو ومازالوا يشاركون، وناس كانوا في حكومة السيد “الصادق المهدي” و”أحمد الميرغني” ومازالوا.. وناس شاركوا في الإنقاذ ومازالوا.. هؤلاء الذين أحسبهم يأكلون من جميع الموائد.
{ أستاذ “مهدي” يبدو من الطريقة التي يسير بها الحوار، والمحطة التي مازال يقف فيها منذ انطلاقته، يبدو أن المؤتمر الوطني غير جاد في موضوع الحوار الوطني..؟
– لا أبداً.
– أنا أختلف معك في هذا.. أكتبي هذا الكلام.. المؤتمر الوطني جاد جداً في الحوار مع الأحزاب وصادق جداً في أن يعطي الأحزاب أماكن.. ولكن مشكلة المؤتمر الوطني أنه بعدما يعطيك منصبك – هو عنده وصاية عليك.. فإذا لم يتخلَّ المؤتمر الوطني عن مسألة الوصاية على الآخرين فـ…
المؤتمر الوطني يجب أن لا يكون وصياً على الأحزاب.. يجب أن يعطي وأن يتنازل أكثر، إذا كان لهذه الأحزاب ثقل، وإذا لم يكن عندها ثقل فعليه أن يكون واضحاً معهم.
– حقيقة أنا (شغال في الإصلاح) منذ منتصف التسعينيات وقتها كنت عضواً في المجلس التشريعي بجنوب كردفان، وكنت أقود الإصلاح واستمريت في هذا الإصلاح إلى أن أتيت إلى البرلمان هنا.. بدأت الدعوة للإصلاح قبل دكتور “غازي صلاح الدين” بـ(7) سنوات واستمريت وحينما جاء “غازي” رئيساً للهيئة البرلمانية وكان مستشاراً لرئيس الجمهورية – وأنا أفتكر أن هذا نفسه تناقض كون أن تكون مستشاراً في قمة الجهاز التنفيذي وفي نفس الوقت تكون رئيساً للهيئة البرلمانية، فهذا يدل على أنك تمسك بكل الخيوط.
{ ولكنك رغم ذلك وقعت مع “غازي” مذكرة الإصلاح؟
– ولكن مع ذلك وقعت مع “غازي” المذكرة باعتباره رجلاً نظيف اليد ورجل مفكر ورجل له مكانته، وقعت معه المذكرة وكنت رقم (7) ولكن حينما تم التحقيق معنا اتضح أن “غازي” له حزب ونحن اختلفنا معه، فنحن مستمرون في الإصلاح من الداخل ولن نتخلى عن الإصلاح من الداخل.. وهناك إصلاحات تمت وكونت لجنة برئاسة “أحمد إبراهيم الطاهر” للإصلاح سموها لجنة الإصلاح التنظيمي.. والقيادات العليا بالحزب تقدمت باستقالاتها.. “أحمد إبراهيم الطاهر” و”علي عثمان” و”عوض الجاز” و”نافع علي نافع” تركوا موقعهم وأتى غيرهم.. فأنا أفتكر أن هنالك إصلاح.
{ ذهاب هذه القيادات هو كل الإصلاح الذي تم.. هذا إن جاز أن نسمي هذا إصلاحاً ؟
– حتى لو كان إصلاحاً قليلاً فهو إصلاح.. هو خطوة على طريق الإصلاح.. أنا أقول أإنها خطوة جيدة على طريق الإصلاح.
{ لكن توقفت الخطى بعد هذه الخطوة وتوقف الإصلاح؟
الإصلاح توقف تماماً والآن أنا الوحيد الذي يعمل للإصلاح في داخل الحزب.. لماذا أنا مستمر على الإصلاح؟ لأنني قطعت والتزمت بقسم .. الآن يقال عني النائب المثير للجدل أنا لست مثيراً للجدل.. هناك قضايا مهمة جداً وجادة جداً وأنا قد أديت قسماً عليها وقلت (أقسم بالله العظيم وكتابه الكريم على أن أعمل لمصلحة السودان وشعبه وأن احترم القانون والدستور والله على ما أقول شهيداً).
{ لست مثيراً للجدل ولكنك مثير للإصلاح؟
مثير للإصلاح مثير للقضايا الحية والمهمة التي تهم الشعب السوداني، أنا رفضت زيادة المحروقات ورفع الدعم عن المحروقات فهل هذا الموضوع جدل؟ وقفت ضد زيادة أسعار المحروقات، ووقفت ضد القروض الربوية، وكنت ضد المال المجنب، انتقدت القوانين التي تساعد على تجنيب المال العام، وكنت مع ولاية وزارة المالية على المال العام ووقفت ضد تجاوزات بنك الثروة الحيوانية وبيع أصوله وإفلاس البنك. ووقفت في قضايا تعديل قانون الصحافة والمطبوعات والرئيس نفسه اتفق معي، حينما قال في آخر خطاب له أمام النواب سنعمل على إحياء قيم الحرية والعدالة والشفافية.
{ كل هذه القضايا إلى أين وصلت ملفاتها؟
-معظم الملفات وصلت إلى النائب العام .. والسيد رئيس البرلمان شخصياً طلب مني أن أسلم ملف تجاوزات بنك الثروة الحيوانية إلى اللجنة المختصة لجنة الحسبة والمظالم..والأخ رئيس اللجنة مشكور تابع مع المراجع العام القضية، والأخ المراجع العام وضع تقريراً واضحاً لوزير العدل وطالب فيه بتحريك إجراءات جنائية ضد تجاوزات بنك الثروة الحيوانية.. وهناك محاكم مختصة يخول لها وزير العدل هي نيابة المال العام ونيابة الثراء الحرام ونيابات أخرى.
{ أنت ظللت وحدك في داخل البرلمان تثير قضايا الفساد وتتحدث عن التجاوزات؟
-والله حقيقة حوالي (90%) من أعضاء البرلمان يؤيدون ما ذهبت إليه ويشجعونني، وذلك خارج قبة البرلمان وفي بهو المجلس وفي الجلسات الخاصة.. ولكن لا يجرؤ أحد منهم أن يتحدث من داخل البرلمان إلا قليلاً منهم .. حتى لا أظلمهم هناك القليل جداً يتفقون معي ويتحدثون ولكن أكثر من (90%) يؤيدونني ويقفون معي ويشجعونني ويشيدون بي ويحيونني بتحية خالصة ويفرحون بما أقول، ولكنهم لا يستطيعون أن يجهروا بذلك .. وطبعاً تعلمين يا أختي العزيزة أن فترة فك التسجيلات قد اقتربت .. اختيار عضوية البرلمان واختيار الولاة والدوائر النسبية وكل هذا يتم في المركز. وهذا هو الموسم .. موسم الصمت.. وعليه فأنا أعتقد أن بعض الناس صمتهم مبرر ولكن هذا التبرير لا يعفيهم من القسم الغليظ الذي أدوه على أنفسهم، ولذلك أنا أعتقد أن أي إنسان لا يستطيع أن يوفي بهذه اليمين الدستورية الغليظة (أقسم بالله العظيم وكتابه الكريم أن أفعل كذا وكذا)، فعليه أن يبتعد عن البرلمان وأن يبتعد عن المسؤولية فالمسؤولية صعبة والطريق ملئ بالرمضاء وبالأشواك وبالتحديات، وكل من يتحدث يدفع ثمن حديثه غالياً، وأنا أتوقع أن أدفع ثمن ما أقوله غالياً جدا ًولكني جاهز لذلك، فالأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى هو المعطي وهو الرازق وفي السماء رزقكم وما توعدون.
{ الأستاذ “مهدي أكرت” أنت نائب برلماني متمرد تخرج كثيراً عن خط الحزب وتحرج الحزب بإثارتك لقضايا الفساد المحرجة للحزب.. والثمن الذي دفعته هو عدم ترشيح الحزب لك في دائرتك وحرمانك من العودة للبرلمان في الفترة الجديدة المقبلة؟