المزارعون والتجار بين مطرقة الديون وسندان انخفاض الأسعار
بوادر انهيار للموسم الزراعي بولاية القضارف
القضارف – محمد جمال قندول
يعيش مزارعو وتجار السمسم حالة من الترقب في انتظار شمس تشرق لإنجاح موسمهم الزراعي المهدد بالفشل عقب هبوط أسعار السمسم إلى (420) جنيهاً وحتى (520) جنيهاً مقارنة بالموسم الماضي، الذي شهد قنطار السمسم فيه ارتفاعاً كبيراً وصل إلى (950) جنيهاً و(750) جنيهاً كحد أدنى. وتكمن مشكلة الحصاد في الموسم الحالي في أن أغلب المزارعين والتجار دخلوا الزراعة عبر التمويل الأصغر، ما جعلهم يعيشون حالة من المعاناة. (المجهر) قامت بجولة سريعة في سوق المحاصيل بالقضارف واستجلت الأمر، وعكست ما يحدث داخل السوق العتيق.
{ هدوء نسبي
حين كانت عقارب الساعة تشير إلى الواحدة ظهراً، تحركنا صوب السوق العريق، الذي يشكل أهم معالم القضارف والسودان.. بوابة السوق توحي بـ(تداول نقدي) مهيب من خلال الزحام الكثيف الذي غطى أرجاء البوابة الممتدة على عمق ثلاثة أمتار، وينشط أمامها باعة متجولون، وعند دخولنا فوجئنا بهدوء نسبي حيث المزارعين والتجار يتسامرون أمام بائعات (القدو قدو)، ويبدو أن التوتر وترقب مآلات الأيام المقبلة جعلا التجار يفضلون مشروب (القدو قدو) الذي يوفر الطاقة بفعل المخلوط الوافر فيه من (زبادي ودخن وسكر) وعلامات عدم الرضا بادية على وجوههم، والعبارات تتناثر من هنا وهناك بينهم (ياخ أنا بعت بـ500.. لا أنا بعت 420.. نعمل شنو التمويل الأصغر والسداد قرب).
وعلى امتداد مساحة السوق رسمت جوالات الذرة لوحة جميلة تسر الناظرين، تعود بالذاكرة إلى عبارات قديمة كانت تمطر الآذان على شاكلة (نأكل مما نزرع)، لكن طواها النسيان مع مرور الزمن ونضوب الدولار وتبدل الأحوال.
{ الأسعار غير ثابتة
المزارع والتاجر “شعيب صالح محمد عبد الله” الذي يعدّ من أقدم العاملين بقطاع زراعة السمسم على مستوى ولاية القضارف، عبر لـ(المجهر) عن خيبة أملهم من الموسم الحالي في انتظار قادم المواعيد لإنجاح الموسم الذي بدأ شاحباً بأسعار متدنية- حسب وصفه. وقال “شعيب” إن قنطار السمسم يباع بـ(564) جنيهاً وأدنى سعر (420) جنيهاً، وليس هنالك أسعار ثابتة، الكل يحاول أن يبيع حتى ينقذ محصوله، وأضاف: (البنك الزراعي سعر القنطار بـ500 جنيه، لكن القنطار لو ما جاب 700 جنيه على الأقل خسرانة). وأشار إلى أنه ضمن الممولين من البنوك، وقال ضاحكاً: (يا زول أنا من الممولين من البنك لو ما دفعت والسمسم اتباع معناها لحقنا ناس يبقى إلى حين السداد).
وبرر “شعيب” تسلّف أغلب المزارعين وخوضهم معترك التمويل من البنك بأنهم استندوا إلى الموسم الزراعي الماضي الذي حقق أرباحاً كبيرة مما شجعهم والتجار على الخوض في زراعة السمسم في مساحات كبيرة حتى تنعم الولاية بموسم ناجح، لكن ما حدث كان مفاجأة لنا.
وأشار العم “شعيب” إلى أن تكلفة الزراعة كانت غالية جداً من قطع للسمسم وإيجار العمال وبذور الزراعة، التي تبلغ كلفتها نحو (400) جنيه.
وأمن المزارع والتاجر “أحمد عبد الدائم” على الإفادة السابقة وقال إن الأسعار الحالية غير مجدية، وهي بمثابة انهيار للموسم إذا استمر الوضع كما هو، خاصة في ظل وجود مديونيات بنكية على الكثير من المزارعين. وذهب المزارع والتاجر “محمد عبد لله إبراهيم” إلى أن الأسعار لم تغط حتى الآن نسبة تكاليف الزراعة المرتفعة في الموسم الحالي، وأشار إلى أن الأسعار غير ثابتة وتتراوح ما بين (420) حتى (565)، وأقر بوجود شبه تواطؤ من قبل بعض الجهات، التي لم يسمها، ساعدت في انهيار الموسم الزراعي الحالي.