أخبارمن وحي الأخبار

لا يكون

تعجبت بالأمس وأنا أراجع بعض أخبار انطلاق مفاوضات أو لقاءات “أديس أبابا” بين الحكومة والحركات الدارفورية المتمردة المسلحة، والمعنية حسب صحيح الروايات بترتيبات وقف العدائيات ولهذا استبق الاتحاد الأفريقي والآلية الأفريقية اللقاء بورشة أعقبت انفضاض مفاوضات المنطقتين، للقادة الميدانيين لأغراض التعريف والتثقيف بمعان فنية وإجرائية للعملية مع تنشيط تفاهمات حول العملية السلمية بالإجمال وكل ذلك حصراً على ملف دارفور الذي لم ينتقل لمنبر جديد في واقع الأمر بالعاصمة الإثيوبية وإنما هو إجراء يستكمل في الدوحة وفق اختصاص وتفويض دولة قطر الراعي الأساسي لاتفاق السلام بدارفور بدعم ومباركة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والتزام طرفي الاتفاقية، وكما قلت فقد تعجبت لأن المنشور عن اللقاء الافتتاحي ضم أسماء وقيادات من النيل الأزرق وجنوب كردفان متمردين إلى جانب “التوم هجو”!
كان سيكون مفهوماً لو أن اللقاء الخاص بدارفور ضم “تقد لسان” ومني أركوي” و”عبد الواحد نور” و”علي ترايو” والذين حضر بعضهم وغاب آخرون لكن لست أستوعب السبب الذي يجعل الوساطة تسمح بجلوس ومخاطبة “ياسر عرمان” والجنرال “جقود مكوار” والمتمرد “العمدة” للقاء خاص بدارفور! لأن المنطقتين منبرها مختلف وقضاياها منفصلة ومسار التفاوض فيها مضى لأشواط تقترب من الثامن، ولذا أعتقد أن الوساطة الأفريقية وآلية “أمبيكي” بحاجة للتحلي بقدر أكبر من الحسم والحزم لتفادي مثل هذه الأنشطة غير الواضحة المعالم وقد فعلها “عرمان” من قبل في الجلسة الافتتاحية وجلسة اختتام وتعليق المفاوضات حينما أزاح أعضاء وفده من أبناء المنطقتين وقدم ثلة من الناشطين وقيادات الجبهة الثورية والذين بالطبع اكتفوا بالتمتع بالصور والنجومية ثم اختفوا مع ذهاب الكاميرات عنهم.
ملف وقف العدائيات مع متمردي دارفور لا يبدو معقداً ، فالإقليم أصلاً خفت فيه حدة الصراع، وانزوت الحركات تحت ضربات القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، وانحسرت حركة “عبد الواحد نور” لأقصى شرق الجبل، وتفرقت السبل بجماعة “مناوي” وضربتهم الانشقاقات، والعدل والمساواة محتجزة داخل جبال النوبة وبقية قواتها عالقة في وحل الصراع الجنوبي الجنوبي وكلها أسباب جعلت دارفور في الحقيقة بلا نزاعات اللهم إلا المقاتلات القبلية والصراعات بين القبائل والحروب المستعرة من أجل حاكورة أو بسبب مشاجرة ولكن عملاً حربياً نشطاً من المتمردين فإنه لا يوجد و(لا يكون) ولهذا وفي ظل وضع كهذا فإن التوصل لوقف عدائيات يبدو وكأنه عمل سهل وميسور ولن يستغرق وقتاً ولا يسمح بمناورات، ومع هذا فإن لقاء الحركات الدارفورية مع الوفد الحكومي الذي يرأسه الدكتور “أمين حسن عمر” يجب أن يخصص لموضوعه وجنده، وأيما إضافات أخرى تعيد الجميع لذات متاهة المنطقتين إذ من المعلوم أن (دارفور) صارت (فرملة يد) تعوق تقدم الأطراف نحو اتفاق إطاري أو شيئاً قريباً منه مع إصرار قطاع الشمال على أن له حلفاء لا يمكنه التخلي عنهم وإن كان في واقع الأمر يخافهم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية