القيادي الاتحادي "علي السيد" مخرج الآراء الجريئة في حوار الاعترافات المذهلة:
– صحيح أنا أمسك العصاية من النص وأتلذذ بذلك.. هذا هو أسلوبي وطبعي!
– هنالك مشكلة كيمياء بين مولانا “الحسن” و”طه علي البشير”.. وغياب “الميرغني” يجمد حزبنا!!
– المؤتمر الوطني منح “جلال الدقير” القلوب والكبد وتصدق على (الاتحادي الأصل) بالأظافر!!
– أقترح قيام إجراءات رئاسية بإعمال المادة (91) من الدستور في حالة إخفاق الحوار الوطني!
حوار – عادل عبده
تصوير – محمد تركي
لم أتصور أن يكون مستوى الاعترافات الخطيرة التي أطلقها دكتور “علي السيد” القيادي بـ(الاتحادي الأصل) في هذا الحوار الجريء تصل إلى منطقة الفضاءات التي تصم الآذان.. فقد كانت الاعترافات موجعة ومباشرة ومذهلة من خلال طابع لا يعرف المجاملات ودغرغة المشاعر، لقد سمى الدكتور “علي السيد” الأشياء بأسمائها بلا رتوش ودلق في الأعماق دون أن يتردد أو يرف له جفن.. ماذا قال عن عشقه حول إمساك العصا من النص؟.. وكيف قدم ورقة نعي قاسية لحزبه؟.. فضلاً عن إزاحة الغطاء حول ممارسات الأمير “أحمد سعد” والتقييم اللاذع لدستوريي (الاتحادي الأصل).. والكشف عن مفاضلة المؤتمر الوطني للدكتور “جلال الدقير” على حساب مولانا.. ومشكلة الكيمياء بين مولانا “الحسن” و”طه علي البشير”.. إنها إفادات رجل لا يفتح باباً للتراجع والتأسف.
{ (الاتحادي الأصل) صار الآن يعاني من ويلات الانهيار والتفكيك كأنه على باب الوقوف على الأطلال يتلمس مصير تركيا العثمانية؟
– الوضع المزري في الاتحادي الأصل لا يحتاج إلى كبير عناء للإفصاح عن الدلائل التي تؤطر لوقوع الانفجار المحتوم، فالحزب كان عملاقاً وقوياً في الساحة عندما كان يحمل اسم الوطني الاتحادي، فهو الذي حقق الاستقلال وطرد المستعمر وكان شعلة متوهجة على طريق التحرير الوطني في المنطقة العربية والأفريقية، وبذلك نال حكم السودان منفرداً في أول انتخابات ديمقراطية بالبلاد عن طريق الخيار الحر، لكن سرعان ما نزلت الخطوب والبلايا على الحزب العتيد جراء الشمولية والارتكاز على نهج التراضي في تسيير دفته حتى تبدلت أوضاعه الزاهرة إلى ملامح من البؤس والشقاء، وأعتقد أن حزبنا لن يقف على الأطلال ويندثر لكنه يذبل ثم يعود إلى السطح من جديد هكذا سيكون مصيره فهو يحتاج إلى صرخة ضمير عاتية.
{ (طيب) من خلال الغياب الطويل لمولانا “محمد عثمان الميرغني” في الخارج.. كيف يدار الحزب في هذا التوقيت؟
– قال (بحماس شديد) لا يوجد حزب بالمعنى الموجود في القاموس السياسي حتى يدار، فـ(الاتحادي الأصل) ما دام يفقد الرافعة التنظيمية فهو عبارة عن مجموعة من الرجال تعارفت قبل سنوات تعمل دون إستراتيجية تحت هذه اللافتة، وإذا كان لدينا حزب بالمفهوم الصحيح فمن المنطق أن لا يتأثر بغياب زعيمه، فالمؤسسات تكون على الفور هي الميكانيزم البديل.
{ إذن كيف تنظر إلى المقولة السائدة بأن (الاتحادي الأصل) حقيبة في يد مولانا تذهب معه حيث يكون؟
– هذه المقولة جاءت من البعض لأن الحزب في غياب مولانا “الميرغني” يتجمد، فـ(الاتحادي الأصل) ارتبط بشخص زعيمه وكاريزميته الواضحة.. يتحرك ويتوقف على النشاط معه.
{ الإرباك والغموض يلف موقف الحزب من التسجيل والمشاركة في الانتخابات العامة المقبلة.. كيف يمكن قراءة هذه المربعات السحرية؟
– (أجاب بسرعة) مازالت المسافة بعيدة حول دخول حزبنا الانتخابات العامة المرتقبة في ظل غياب الاستعدادات الكافية والبرامج الواضحة، هنالك أشياء كثيرة ناقصة تجعل قيادات الحزب تطلق بالونات الاختبار.. أين اللجان المتعلقة بمتابعة التسجيل وأين التمويل؟.. وأين التصورات الفنية من جانبنا؟.. بل أين الروح التفاؤلية؟
{ هنالك تسريبات كثيفة تتحدث عن هيمنة الأمير “أحمد سعد” على أوضاع الحزب في الوقت الحالي؟
– (هذا صحيح) “أحمد سعد” يلعب في مساحة الجمود الموجودة في (الاتحادي الأصل) تارة ويستخدم كرت مولانا تارة أخرى.. غير أن هذا الوضع الانتقالي لن يصمد كثيراً لأنه يتوكأ على ساق واحدة، فضلاً عن ذلك فإن “أحمد سعد” تجري في عروقه الأيديولوجية الإخوانية!!
{ إذن أين مملكة الخليفة “عبد المجيد عبد الرحيم” الذي يتقمص دور المرحوم “محمد الحسن عبد الله يس” في أيام زمانه؟
– (أجاب بعد تفكير) الشغل بتاع “أحمد سعد” ربما جعل الخليفة “عبد المجيد” يعود إلى منطقة القهقري، لكن الخليفة “عبد المجيد” رجل ذكي لا يستكين للآراء لذلك سوف يعود إلى مركزه المرموق في المستقبل، مثل (طائر الفينيق) الذي ينتفض على سلم الحياة مع شروق الشمس!!
{ هنالك من يتحدث عند إمكانية قيام محاصصة بين المؤتمر الوطني ومولانا تؤدي إلى مشاركة مقدرة لـ(الاتحادي الأصل) في السلطة خلال المرحلة المقبلة؟
– المحاصصة واردة إلى حد كبير، فالمؤتمر الوطني يريد حكومة عريضة في المستقبل يشارك فيها حزب مولانا في المستقبل كأولوية لا تقبل القسمة، وأعتقد بأن القميص سيكون ضيقاً علينا ولن نأخذ من (الكيكة) إلا بمقدار محدود جرياً على العهود السابقة.
{ (مقاطعاً).. لماذا؟
– (أجاب بسرعة) لأن المؤتمر الوطني يحبذ الدكتور “جلال الدقير”، فهؤلاء بدريون في التعامل مع الإنقاذ من خلال مبادرة الحوار الشعبي الشامل، بل إن “الدقير” جعل المؤتمر الوطني يجري وراءهم وليس العكس، ودائماً يأخذون القلب والكبد والكلاوي بينما حزبنا يأخذ الأظافر!
{ دستوريو (الاتحادي الأصل) في قطار السلطة.. ماذا قدموا؟
– (قال بحسم) أي شخص يتوقع دوراً مهماً ومحسوساً لدستوريي (الاتحادي الأصل) على مستوى المركز والأقاليم في السلطة ينطوي تفكيره على سذاجة منقطعة النظير، بل هؤلاء الأخوان أنفسهم يعلمون في دواخلهم بأن وجودهم في قاطرة الحكومة مجرد ديكور لا يسمن ولا يغني من جوع، وهم جلسوا على الكراسي انطلاقاً من هذه القناعات الراسخة، ولا يوجد مسوغ قانوني وسياسي يلزم المؤتمر الوطني بإعطائهم أية صلاحيات وسلطات صارخة في الحكومة.
{ تلاحظ أنك تهاجم الأستاذ “عثمان عمر الشريف” وزير التجارة على وجه الخصوص؟
– على المستوى الشخصي ليس بيني وبينه أية عداوة بل هو رجل ودود ومهذب، لكن الأخ “عثمان الشريف” واحداً من رموز الفشل السياسي في الحزب، وهو متحدث لبق غير أنه ليس تنفيذياً ولا يعرف كيف يغزل خيوط النجاح على الواقع!!
{ البعض يتحدث عن ظهور تغييرات دراماتيكية في نهج مولانا “الحسن” من رفض المشاركة إلى الدخول في التفاهمات مع السلطة؟
– (صمت قليلاً ثم قال) هنالك أحكام مستعجلة من البعض لخطوات مولانا “الحسن”، فهو يتحرك انطلاقاً من رؤية قائمة على التحسب والاستدراك والتحوط الاستباقي والإعداد المتكامل لمرحلة التسجيل والانتخابات، حيث يحاول رصد المداخل والمخارج إذا جاءت الظلمة في الدهليز!!
{ لكن مثل هذه الخطوات ولدت مشكلة كيمياء بين مولانا “الحسن” والثلاثي “طه علي البشير” و”حاتم السر” و”بابكر عبد الرحمن” باعتبار أن هؤلاء من أنصار الرجل؟
– (أجاب بعد تفكير) الإجابة تحتاج إلى توضيح.. يجب أن تعلم بأن “حاتم” و”بابكر” كلاهما مريد في محراب مولانا “الحسن”، ودائماً المريد لا يغضب ولا ينفجر بل يكتم الأشياء التي لا تروقه في ضلوعه بأدب جم ولا يظهر سوى الطاعة والتبجيل.. أما “طه علي البشير” فهو يختلف كثيراً لأنه سياسي ظل يعبر بكل شفافية عن ملاحظات كثيفة حول منهج الحزب بما فيه قطاع التنظيم حتى ظن مولانا “الحسن” بأن “طه” يقصده، ومن هنا ربما تكون قد تولدت مشكلة كيمياء بين الاثنين لكنها لن يؤثر على العلاقة القوية بين “طه” و”الحسن” في المسارات الأخرى.
{ هنالك تسريبات حول حدوث استقالات جماعية من الطاقم الأعلى في (الاتحادي الأصل)؟
– إطلاقاً هذا لم يحدث!!
{ (مقاطعاً) على المستوى الشخصي أعلم بوجود الاستقالة التي قدمها البروفيسور “البخاري الجعلي” من الهيئة القيادية بالحزب؟
– (أجاب بحسم) البروف “البخاري الجعلي” لم يستقل ولن يستقيل، فهنالك علاقة ودية بينه وبين مولانا.
{ الشيخ “أبو سبيب” ذكر بأن “علي السيد” يمسك العصاية من النصف والرجل مراوغ ولا يضمن أحد استقرار رأيه في اللحظة الفاصلة؟
– (يضحك) ما ذكره “أبو سبيب” صحيح جداً.. أنا أمسك العصاية من النص وأتلذذ بذلك.. هذا هو طبعي وأسلوبي لأن البوصلة مفقودة في الحزب، وأفعل ذلك حتى أستطيع الموأمة مع الاتحاديين.. ديل حكاية عجيبة!! بل أحياناً أمسك العصاية في أقصى اليمين ثم أقصى الشمال حتى أجد طريقاً واضحاً في (الجوطة)، وفي مرات عديدة لا أجد العصا ولا الاتجاه المرسوم.
{ هل أنت متفائل بأن موازين القوة في (الاتحادي الأصل) سوف تتغير إلى الاتجاه الصحيح؟
– إذا قام مؤتمر عام سليم ديمقراطي النزعة والشفافية دون أن يكون مطبوخاً على نار الخداع والديكتاتورية!
{ على صعيد الساحة السودانية.. كيف ترى المخرج إذا وصل الحوار الوطني الدائر الآن إلى طريق مسدود؟
– طبعاً إذا حدثت عراقيل كثيفة حالت دون الوصول إلى الوفاق الشامل، فلابد من اتخاذ قرارات إسعافية لإنقاذ المشهد السياسي من الانهيار بأن يتم تعديل المادة (90) من الدستور بإضافة المادة (91) التي تسمح لرئيس الجمهورية بتكوين هيئة تشريعية قومية وولائية عن طريق التعيين في مدة أقصاها ثلاث سنوات، وهذا هو الإجراء الطبيعي الذي يعالج الإشكالية الدستورية إذا وقعت ويدفع الدم لشرايين الحوار الوطني الدائر في حالة الإخفاق.
{ (سؤال أخير) متى يعود مولانا “محمد عثمان الميرغني” إلى البلاد؟
– (أجاب بسرعة) أنا لا أفهم في علم الباطن!!