أمنحني طفلاً وغادر من حياتي
زواج آخر صيحة ..
تقرير – آيات مبارك
فكرت “ناهد” ملياً عندما تناوشتها سهام المقارنة بينها وزميلاتها اللائي في دورها (نديداتها) وقد أنجبن فتيات أصبحن (صبايا) وهي مازالت تقف عند محطة تربية ورعاية أبناء أشقائها وتستنفذ نصف راتبها في الهدايا والحلوى اليومية، بل وتساهم في احتياجاتهم المدرسية.. نعم فآباؤهم أنجبوهم لكن أصبحوا مطحونين تحت مقصلة الظروف الضاغطة، قطع حبال تفكيرها صوت أمها وهي تقول (ربي يا خايبة للجايبة).. نعم فهم لا يخدموني، وها هو العمر يمضي وأنا دون أبناء بخلاف المشهد الذي أمامي من قبل زميلاتي اللائي وقعن في نفس الورطة بعد أن فاتهن قطار العمر، فأصبحن بين ألعوبة ومشفق من قبل أبناء الأخوات، هذا حال “ناهد” التي رأت بأم عينها ما يحدث تجاه تقلبات الدهر العصية، فعزمت على الموافقة على أول طارق للباب بغية الحصول على ابن يعينها على نكبات الدهر.. وتذكرت حال صديقتها الطبيبة “نهى” التي أنجبت أطفالاً ملئوا حياتها وأخرجت زوجها من حياتها غير مأسوف عليه.
وحال “ناهد” و”نهى” يجعلنا نضع العديد من التساؤلات أمام منضدة الظروف الاجتماعية، هل الزواج بعد أن كان سُنة وإكمال نصف دين، صار من أجل الإنجاب فقط و(مفرخة) لحفظ النسل؟ ومن بعدها غاية لتدارك عواقب الظروف؟ هل تحولت المؤسسة الزوجية من مودة ورحمة وسكون نفسي إلى أغراض ومصالح مادية وغيرها؟ هل صار مطلب الزوج ليؤدي دوره البيولوجي لإنجاب الأطفال بعيداً عن فرحة الأهل واليوم الموعود؟؟
هذه الأسئلة وغيرها عرضناها على مختلف الشرائح فكانت بدايتنا مع “ريم محمود” التي أجابتنا قائلة: فعلاً الزواج بالنسبة لي هو إنجاب أطفال يعينوني على الحياة فأنا لست بحاجة لرجل يعطيني مالاً، أنا في حاجة لأسرة صغيرة فقط. بينما حكت (م) محامية عن تجربتها: أنا وزوجي قاربنا على النهاية لأنه طالبني بترك العمل بعد أن وصلت لهذه المكانة المرموقة لا أستطيع البقاء بالمنزل، لذلك فضلت الطلاق طالما لدي أبناء فأنا صرت لا أحتاجه كثيراً. بينما أجابتنا (س –موظفة) النسوان ما بطلقن بالساهل الواحدة تقول ليك: (الراجل ده ما نافع ما دام جبته الجنا خلاص).. بقولن كلام ساي.. لكن يصعب التنفيذ ووافقتها في الرأي زميلتها (ر) فقالت: البعد عن الرومانسيات هي التي تجعل النسوان يضعن الراجل في آخر الاهتمامات ليصبح التعامل معه عبارة عن أداء واجب، وتقول اهو ديل أولادي قدام عيني بنفعوني، لكن لو عرس فيها وعمرها بقى (90) سنة الدنيا تقوم وما تقعد.
من خلال الإفادات السابقة وجدت (المجهر) أن ذهنية المرأة تستند إلى مقولات استجلبت من الواقع من أجل الاهتداء إلى قوانين تبين خارطة طريقها في الحياة من خلال بعض الأمثال مثل (الحمار ولد استراح) (أحن من الوالد كضاب) والمثل المصري القائل (اللي خلف ما متش) و(أهلك ما ببقوا ليك شجرة موية)، وهذه الأقوال رغم ميلادها من الواقع إلا أنها قد لا تماثله أحياناً.
ولمزيد من الرؤية عن قرب ارتأت (المجهر) أن تضع هذه القضية بين أهل الاختصاص فتحدثت إلينا الباحثة النفسية الأستاذة “مرام فاروق الريح” قائلة: بكل يقين إن مشكلة السودانيين المظهر الاجتماعي الذي يتمثل في إرضاء الناس، فغاية الزواج عندهم ليس من أجل الإنجاب ويا ليته كذلك بل من أجل الآخرين.
أما بخصوص التنازل عن مملكة الزوجية مقابل الفائدة التي جنتها وهي الأطفال، أكرر فالمرأة لا يهمها سوى الناس، لذلك فالأغلبية يفضلن البقاء مع ذلك الزوج غير المناسب وبذلك يكون الأطفال هم الضحية لأنهم يعيشون في ظروف أسرية غير مناسبة، أما إذا انفصلت فالمتضرر الأكبر أيضاَ الأبناء.. ففي الحالتين تقع النتائج السلبية عليهم.. لذلك يجب التروي منذ البداية وعدم الاستعجال بدعاوى الإنجاب أو (الناس ما بريحوا) لأنها رحلة حياة، إضافة إلى أن الاستعجال قد يعود إلى ضعف الوازع الديني – أي القنوط – من رحمة المولى.