هذا ما حدث في المؤتمرات
لقد كنت رائعاً كعادتك وأنت تطرح أسئلتك الذكية في عمودك خارج النص بعدد (الأحد) (14) سبتمبر بعنوان السلطة والمؤتمرات، وقولك إن السادة الولاة نجحوا بامتياز يحسدون عليه في الحصول على نسب عالية جداً، ثم كان التساؤل الخطير كيف حدث ذلك ولماذا؟ وبعد استئذانك أرجو شاكراً أن تتقبل بعض إجابات قارئ بسيط يتفق معك فيما قلت وأراد الإجابة بحسبانه مشاركاً في حصة المؤتمرات هذه.
نقول أولاً ليس العيب في الولاة فهم ومهما اختلف البعض حول بعضهم إلا أنهم قادة الحزب وخياره السابق الذي حددته قيادة الحزب المركزية بعد تخريج ومشاورات وهيلمانة، وبعضهم جاء عبر التفويض والانتخاب الجماهيري ورغم علمنا بزهد بعضهم وإن كان ضئيلاً إلا أن لوائح الحزب حول أمر ترشيح الوالي جاءت مصادمة لروح وقيمة الإصلاح الذي يتباهى بها الحزب، فلوائح الحزب نصت على أن جميع أعضاء المكاتب القيادية الترشيح ضد ولاتهم الحاليين الذين هم وبحكم اللوائح رؤساء الحزب والهيئة القيادية العليا للحركة الإسلامية، فهم إما كانوا شركاء للولاة وإما كانوا مختلفين معهم فانتهزوا أول فرصة للترشيح ضدهم!
ثم تساءل كذلك أما كان الأجدى والأوفق لمن ذكرت في مقالك من أسماء المستوزرين في المركز أو من نالوا شرف تمثيل جماهير ولاياتهم في المجالس التشريعية القومية أن يكتفوا بها، أم أنه بريق السلطة والجاه والدنيا التي تنافسوا من كان قبلهم وأضاعوا البلاد فجاءت الإنقاذ بشعارات الدولة الرسالية فداس عليها بعضهم وتوسلوا للحكم عبر القبلية والتمرد والجهوية، وازداد غرامهم لكراسي الولاية وكأنهم لم يكونوا حضوراً أو شهوداً لقادتهم “علي عثمان” و”نافع” و”أبو الجاز” و”أحمد إبراهيم الطاهر” وهم يغادرون طوعاً لا كرهاً. السابقة هم أعضاء في مجلس الشورى من غير انتخاب إضافة إلى الاستكمال والمصعدين من القطاعات الوظيفية والمرأة والطلاب مما يشكل قرابة الـ(50%) وهذا يعني أن القيادات القديمة عادت جميعها وفي مواقعها المتقدمة وفق لوائح ودستور الحزب، أما المؤتمرات جميعها في الولايات فقد تمت تحت الإشراف المباشر لأمناء الرئيس، فهم الذين اختاروا رؤساء القطاعات الوظيفية وتمثل عضويتها (30%) من عضوية المؤتمر الذي ينتخب الوالي؟؟ والذي أشرف على مؤتمرات المحليات هم نواب الرؤساء كذلك وقد يكون المعتمد في أحايين كثيرة .. وقد كان المؤمل بل والأوفق أن تشرف على البناء القاعدي لجان محايدة دون أهل المؤتمر بالولاية من أصحاب الخبرة والتجرد ولكن؟
بهذا يكون المؤتمر الوطني قد أجهض وثيقته الفكرية المتميزة (وثيقة الإصلاح) ببنائه القاعدي والذي جاء أصلاً لمعالجة اختلالات الحزب وإصلاحه عبر الشورى والحرية وتداول الأفكار.
كيف لا يحرز الولاة أعلى الأصوات وهم الداعمون الرسميون لهذه المؤتمرات وأن نوابهم في الولايات والمعتمديات كانوا يتسابقون لإنجاح المؤتمرات وتجبرها للعودة كل الأجهزة القديمة وبكل شخوصها وهياكلها مرة أخرى، واعتبار كل مجهر بالنصح أنه متفلت وصاحب هوى وهم وحدهم من يملك صكوك الغفران وقد تملكتهم فوبيا الإزاحة، فسعوا لكل من يرونه خطراً عليهم وعلى مصالحهم تصنيفات الضد والمع جاهزة ثم يأتي دور أجهزة التأمين الحزبي والتي ترى أن بقاء الوالي السابق وفي أي ولاية هو بالضرورة تأييد لأمنائها وتجديد لبقائهم، شأنهم في ذلك شأن شاغلي المواقع الدستورية والذين هم بالضرورة واللائحة أعضاء في المؤتمر (تصعيد أو استكمال).
نشهد أن بعض الولاة لم يتحرك حتى الآن للدعوة لنفسه ولكن ماذا نفعل لنوابهم الذين يعتبرون أن المعركة القادمة هي تحدي شخصي، لهم وأن عدم اكتساح الوالي لمنافسيه هو خسارة لهم ولمستقبلهم السياسي داخل الحزب.
أخي “يوسف” أرجو أن تضيف هذه الأسئلة أيضاً والتي لم أجد لها إجابة إذ كيف يترشح الوزير أو رئيس المجلس مع واليه، ألم يكن هذا الوزير مسبحاً بحمد الوالي وشريكاً أصيلاً له في الحكومة. وأكثر ما استعصى علينا من سؤال كيف يجوز لأمناء الحركة الإسلامية، عادوا مرة أخرى ولكن تبقى الحقيقة وهي أن هنالك مستفيدين من عودتهم وهي نفس البطاقات السابقة التي ظلت باقية في الولايات منذ بداية الحكم الفدرالي وقبله، ثم أننا لا نفهم كيف يترشح المستوزرون في المركز وممن ذكرت من أسماء ألا يكفي أنهم يسدون ثغرات ويتسنمون المواقع في الولايات وزراء – رؤساء مجالس أم أن اللهاث وراء السلطة وبريقها وسطوتها مما يدعي إليه حزب المؤتمر الرسالي؟ وأعجب ما أعجب من ترشح أمناء الحركة الإسلامية ضد ولاتهم وهم من كانوا أو يفترض أن يكون الداعم الرئيسي للولاة قبل المؤتمرات، بل هم دينمو الحزب ومرجعيته الفكرية أم تراهم نسوا أبوتهم وقيادتهم وقيم الحركة الإسلامية وتناسوا الدنيا طمعاً في الخلافة والإمارة؟
أخي “يوسف” إن الاحتشاد في المؤتمرات جاء أصلا ًلمناصرة هذا ضد هذا وأسلحة كثيرة قد استخدمت وشعارات كثيرة قد رفعت، من بينها الدين والقبيلة والجهة بعد أن تناسى الناس لماذا جاءت الإنقاذ أصلاً ولماذا خاطر “عمر سلمان” بروحه ونفسه من أجل التغيير.
علي عبد اللطيف البدوي- القضارف.